هل تشهد المنطقة تحالفات جديدة؟.. الأحد الماضى خرج السفير الإيرانى فى بغداد حسن دانائى بتصريحات تشير إلى تغيرات استراتيجية تشهدها المنطقة، فهو قال، إن اللجنة المشتركة بين إيران وروسيا والعراق وسوريا، وهى لجنة لتبادل المعلومات قد تتحول إلى تحالف رباعى فى المستقبل القريب، ورغم أنه لم يشر إلى شكل هذا التحالف والقواعد المبنى عليها فإنه تحالف مفهوم أنه فى إطار التوافق الفكرى والسياسى بين الدول الأربعة بشأن محاربة الإرهاب فى الشرق الأوسط.
ما يؤكد ذلك ما قاله دانائى، فى لقائه مع صحيفة «الصباح الجديد» العراقية، بأن التحالف الغربى غير جاد فى محاربة داعش، وأن لدى إيران الكثير من الشكوك حوله، وتأكيده أن بلاده تدعم العراق فى حربه التى يخوضها ضد الإرهاب، وقوله: «نحن لا نقصر بشىء تطلبه منا الحكومة العراقية ولن نتأخر عن أى دعم عسكرى تطلبه وفى جميع المجالات كالتدريب والمستشارين وحتى التجهيز بالمعدات العسكرية».
قد يكون مفهوماً للجميع هذا التقارب بين إيران وسوريا وروسيا، فمعركة الثلاثة واحدة، لكن انضمام العراق لهذا التحالف بشكل علنى ربما ينظر له البعض على أنه جديد، خاصة أن الحكومة العراقية منذ إزاحة نظام صدام حسين فى 2003 وهى تخضع لوجهة النظر الأمريكية، لكن من يتابع التحركات والتصريحات العراقية طيلة الأيام الماضية سيكتشف أن الموقف العراقى ليس فيه جديد، فالعراقيون فى حالة تذمر واضح من السياسة الأمريكية، ويحاولون دوماً الخروج من الكنف الأمريكى، والبحث عن استقلالية لقراراتهم وتوجهاتهم، وظهر ذلك من موقفهم تجاه الأزمة السورية منذ بدايتها فى 2011، فالحكومة العراقية كانت تأخذ موقفا أقرب للنظام السورى، وإن لم تحاول إظهار ذلك بشكل علنى. المؤكد أننا الآن أمام تحالف رباعى واضح، سيكون له تأثير قوى على شكل المنطقة خلال الفترة المقبلة، وربما نشهد انضمام بعض الدول لهذا التحالف، خاصة لوجود تقارب فى الأفكار والسياسات بين دول بالمنطقة، والمنطق الذى يقوم عليه هذا التحالف الرباعى، يسعى إلى محاربة ومواجهة الإرهاب بشكل جدى وليس بالطريقة التى يعمل بها التحالف الغربى الذى تقوده الولايات المتحدة.
كيف أسهمت تركيا فى تأسيس التحالف الرباعى؟.. بشكل مؤكد أسهمت تركيا فى خلق هذا التحالف الرباعى، بعد مواقف أنقرة الأخيرة التى أحدثت شروخاً فى علاقاتها مع دول المنطقة، وتحديداً خلال الشهر الأخير، بعد استهدافها للطائرة الحربية الروسية فى الأجواء السورية، وهو ما أدى إلى توتر واضح بينها وبين روسيا، وربما تشهد الفترة المقبلة تداعيات أكثر لهذا التوتر.
كما أن تركيا اختلقت أزمة كبيرة مع العراق حينما رفضت الطلب العراقى بسحب قواتها من شمال العراق، وهو ما دفع الحكومة العراقية لتقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن، والطلب من جامعة الدول العربية أن تقف بجانبها ضد الانتهاكات التركية لأراضيها وسيادتها.
تركيا لم تحاول احتواء الأزمة، بل إن رئيسها رجب طيب أردوغان تعامل بعجرفة كبيرة مع الطلب العراقى، وقال إن تركيا لن تسحب قواتها من مدينة الموصل، مبرراً عجرفته بقوله: «إن القوات الموجودة فى العراق ليست قوات قتالية، لكنها أُرسلت لحماية الجنود الذين يقومون بتدريب القوات العراقية والكردية»، لأنه حتى إذا ما كان مبرر أردوغان صحيحاً، فإن العراق الآن تطلب رحيل هذه القوات، فلماذا يرفض ذلك؟!
الدور التركى الأخير الذى أدى إلى خلق مشاكل مع روسيا والعراق وإيران ومن قبلهما مع النظام السورى، هو الذى أسهم فى ظهور هذا التحالف الرباعى، الذى لا أتصور أنه قائم الآن على فكرة تبادل المعلومات فقط، وإنما هناك مساعدات بل مساهمات تقدمها هذه الدول لبعضها البعض فى مواجهة تنظيم داعش، فليس من المنطقى القول بأن المقاتلات الروسية شنت غاراتها على أماكن تمركز داعش على الحدود العراقية السورية دون أن يكون هناك تنسيق أو مساعدة تقدمها الحكومة العراقية للروس، وهو ما ينبئ بأنه ربما خلال أشهر بل أسابيع سيتحول هذا التحالف إلى شكل عسكرى متكامل سيستفيد بالطبع من أخطاء الأتراك والتحالف الغربى.