أتعجب كثيرا لحال المرشحين والأحزاب والائتلافات الانتخابية، التى طرحت نفسها للمنافسة على مقاعد البرلمان القادم، والتى طرح بالكامل برامج انتخابية (وهمية) لا تحوى حلولا، وتكاد تكون "صورة طبق الأصل" من ذات الكلام الإنشائى المكرر الذى مل الناخب من سماعة على مدار أكثر من 30 عاما، لا لشىء سوى لخداع المواطن والحصول على صوته، وهم يعلمون فى قراره أنفسهم، أنهم لا يمتلكون من أمر برامجهم سوى النماذج الورقية المحملة بوعود واهيه، التى يوزعونها على الناخبين.
فعلى مدار الأيام القليلة الماضية، قرأت عشرات الأخبار التى وردت على لسان العشرات من المرشحين، وجميعهم يرددون محتوى واحد لبرنامج واحد يتداول مكرر لمشكلات عامة لا يمتلك أى منهم حتى "حلم" تحقيق 1% منها .. ويتشدقون فى تبجح بوعود شديدة اللهجة بـ(وهم) حل المشكلات الصحية فى دوائرهم، وتحول المستشفى المركزى أو العام فى الدائرة الذى يعالج بالمجان، إلى مستشفى عصرى، مع نشر وحدات صحية متكاملة بمختلفة قرى الدائرة.. وهم يعلمون تماما أن كل وزراء الصحة ورؤساء مجالس الوزراء منذ عهد السادات وحتى اليوم فشلوا فى حل الأزمة، واكتفوا جميعا بعلاجها بمنطق المسكنات، وأن قضية الصحة فى مصر منذ ما قبل يولية 52 وحتى الآن هى مشكلة إمكانيات.
كذلك اتعجب لحل هؤلاء المرشحين الذين يتشدقون فى برامجهم الانتخابية بقدرتهم على حل مشكلات التعليم فى دوائرهم، دون دراية أن القضية تحتاج إلى عشرات المليارات من الجنيهات للنهوض بها، لأنها فى البداية والنهاية قضية (معلم ـ مناهج ـ ومبنى) وهو واقع فشلت فى حله كل الأنظمة التى تعاقبت على مصر طوال السنوات الماضية، ومعها عشرات المشكلات العامة على ذات النسق، فى ظل الفقر والذى تعانى منه البلاد.. وتدعى الأحزاب والائتلافات الانتخابية والمرشحين على المقاعد الفردية، فى تبجح قدرتهم على حلها، دون وضع أى منهم لتصور أو سيناريو واحد لحل.
الغريب أن الفقر البرامج الانتخابية يأتى متزامن مع تقرير أصدر مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أكد فيه أن انتخابات مجلس النواب القادمة تعد الأغلى والأكثر تكلفة عن أى انتخابات برلمانية سابقة، مقدرا إجمالى المتوقع إنفاقه على الدعاية من 7 إلى 10 مليارات جنيه.
وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع زيادة معدلات وقيم الإنفاق لتصل إلى مليون أو أكثر، وقد تصل مع بعض المرشحين لأكثر من ذلك لتتجاوز 10 مليون جنيه، بما يتجاوز السقف الذى حددته اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية لكل مرشح بحد أقصى 500 ألف جنيه.
اتمنى أن يكون لدى المرشحين للبرلمان القادم على اختلاف انتماءاتهم الصدق والشفافية على مواجهة الناخبين ببرامج واقعيه حقيقية صادقة، لا تصل إلى حد الخيال والكذب والبعد عن الواقع.. ولاسيما أنهم جميعا غاب عن أذهانهم أن مهمتهم ( تشريعية ـ ورقابى ) فى المقام الأول.
دعونا نعترف أنه لا يوجد فى مصر حزب أو ائتلاف انتخابى أو مرشح فردى ممن تقدموا للانتخابات البرلمانية القادمة لديه برنامج حقيقى وشفاف يحوى تجسيدا لقضايا حقيقة وتصورات لحلها، على الرغم من أن أغلبهم يدعون غير ذلك.. وأن ما يقدم الآن لا يخرج عن كونه (نصب سياسى) على فقراء المصريين.