بلغت الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة 145 بالمئة، بعدما أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض تعريفة جديدة بنسبة 125 بالمئة تضاف إلى رسوم سابقة نسبتها 20 بالمئة، وسط انهيار أسواق الأسهم من واشنطن حتى طوكيو.
فيما قالت لجنة التعريفات الجمركية بمجلس الدولة الصيني في بيان، الجمعة، إن الصين رفعت التعريفات الجمركية الانتقامية على الواردات الأمريكية من 84% إلى 125%.
وأوضح متحدث المجلس الصيني: "لقد أصبح فرض الولايات المتحدة المتتالي للتعريفات الجمركية المرتفعة بشكل مفرط على الصين مجرد لعبة أرقام، دون أي أهمية اقتصادية حقيقية، إنها تكشف فقط عن ممارسة الولايات المتحدة المتمثلة في تسليح التعريفات الجمركية كأداة للتنمر والإكراه، مما يحول نفسها إلى مزحة.
وأكدت الصحيفة رغم أن الاقتصاد الصيني قد عانى في السنوات الأخيرة من تحدياته الخاصة، إلا أنه من غير المرجح أن تتراجع بكين عن موقفها عندما يتعلق الأمر بالرسوم الجمركية تحديدًا.
وتقول ديانا تشويليفا، مؤسسة وكبيرة الاقتصاديين في شركة إينودو إيكونوميكس للتنبؤات الاقتصادية "بالنسبة للرئيس شي، هناك رد سياسي واحد فقط قابل للتطبيق على تهديد ترامب الأخير: لنفرض رسوما متبادلة! بعد أن فاجأ ترامب الجماهير المحلية برسوم جمركية متبادلة قوية بنسبة 34%، فإن أي مظهر من مظاهر التراجع سيكون غير مقبول سياسيًا".
ومن أهم العوامل التي تصب في صالح بكين اعتماد الولايات المتحدة على الواردات الصينية أكثر بكثير من اعتماد الصين عليها.
وتُعد السلع الاستهلاكية، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والألعاب، من أهم السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من الصين. في الأسبوع الماضي، توقع محللون في شركة روزنبلات للأوراق المالية أن يرتفع سعر أرخص هاتف آيفون متوفر في الولايات المتحدة من 799 دولارًا إلى 1142 دولارًا - وكان ذلك عندما كانت رسوم ترامب الجمركية على الصين 54% فقط. وتقول تشويليفا: "لا يستطيع ترامب أن يلقي اللوم بشكل قابل للتصديق على الصين بسبب هذه الصعوبات الاقتصادية".
في المقابل، تُعدّ السلع التي تستوردها الصين من الولايات المتحدة مواد صناعية، مثل فول الصويا والوقود الأحفوري ومحركات الطائرات. ومن الأسهل بكثير استيعاب ارتفاع أسعار هذه السلع قبل أن يدفع المستهلكون ثمنها - أو في حالة الصين، هواتفهم الذكية.
علاوة على ذلك، هذه ليست المرة الأولى التي تُقدم فيها الصين على خطوة مماثلة. فمنذ أول حرب تجارية خاضها ترامب مع الصين عام 2018، عززت الصين تجارتها مع دول أخرى، مما قلل اعتمادها على الولايات المتحدة. بين عامي 2018 و2020، زادت صادرات البرازيل من فول الصويا إلى الصين بأكثر من 45% مقارنةً بمتوسط الفترة 2015-2017، بينما انخفضت الصادرات الأمريكية بنسبة 38% خلال الفترة نفسها. ولا تزال الصين أكبر سوق للسلع الزراعية الأمريكية، لكن السوق آخذ في الانكماش، مما يضر بالمزارعين الأمريكيين. في عام 2014، صدّرت الولايات المتحدة منتجات زراعية بقيمة 29.25 مليار دولار إلى الصين، بانخفاض عن 42.8 مليار دولار فى 2022.
واعتبرت الصحيفة أن الصين لديها إجراءات أخرى في جعبتها. يوم الثلاثاء، نشر مدونان وطنيان مؤثران قوائم متطابقة لردود صينية محتملة، استنادًا إلى مصادر. ورفضت وزارة الخارجية الصينية التعليق على المقالات، لكنها لم تُنف محتواها أيضًا.
وتضمنت الاقتراحات تعليق التعاون في مجال مراقبة الفنتانيل، والتحقيق في مكاسب الملكية الفكرية للشركات الأمريكية في الصين، وحظر أفلام هوليوود من الصين. وفي النقطة الأخيرة، قد لا يكون فرض حظر من أعلى إلى أسفل ضروريًا. فقد سمحت الصين في الماضي للقوميين عبر الإنترنت بإثارة حملات مقاطعة شعبية. وفي عام 2017، شارك المستهلكون الصينيون في مقاطعة جماعية لسلسلة متاجر لوتي الكورية الجنوبية، ردًا على تورط المجموعة في صفقة سمحت بتركيب نظام دفاع صاروخي أمريكي في كوريا الجنوبية، والذي اعتبرته الصين تهديدًا أمنيًا. واضطر ما يقرب من نصف متاجر الشركة، التي يزيد عددها عن 100 متجر في الصين القارية، إلى الإغلاق.
وأضافت الصحيفة أن التأثير السياسي لرسوم ترامب الجمركية، إلى جانب الخوف من سعي الولايات المتحدة لتحريض دول أخرى ضد الصين، يدفع العلاقات الأمريكية الصينية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق. كتب المحلل الصيني بيل بيشوب في رسالة إخبارية: "لا أذكر أنني كنتُ متشائمًا إلى هذا الحد بشأن مسار العلاقات الأمريكية الصينية". وأضاف: "العلاقة التجارية هي عصب العلاقة بين البلدين، ومع تدهورها، من المتوقع أن تشهد مجالات أخرى المزيد من التوتر".
ولكن مع حديث إدارة ترامب عن "الفلاحين الصينيين" وتلميحها إلى أن الصين تلعب بورقة ضعيفة، فمن غير المرجح أن تتراجع بكين في أي وقت قريب.