الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 01:54 م
صبرى الديب

صبرى الديب

الشتّامون.. والواقع المر للعلاقات العربية الإيرانية

10/17/2015 6:00:16 PM

أثار المقال الذى كتبته منذ أيام تحت عنوان (إيران.. ودعوات التقارب.. وغياب الشفافية ) غضب كثيرا من الشتامين والعاشقين عن عمى لتراب الجمهورية الإيرانية، على مواقع التواصل الاجتماعى،  على الرغم من إننى لم أتعرض من قريب أو بعيد لإيران أو لأتباع المذهب الشيعى بسوء، وحاولت أن استعرض بشكل تحليلى محايد التحفظات التى تبديها العديد من الدول العربية والخليجية، على عودة العلاقات مع إيران.

 

ورغم أننى كنت أتمنى ألّا يقابل المقال بالسب والعن، وأن يكون لدى أى من هؤلاء المتعصبين شجاعة الرد المعتادة لدى المثقفين والمهذبين الذين يعرفون أدب الحوار الذى لا يستند  إلى هوى، ولأننى هنا لست بصدد السب أو اللعن أو الإنحدار إلى لغة لا أجيدها، فأننى أؤكد لهؤلاء:

أنه سبق لى أن أبديت كل التحفظات العربية على عودة العلاقات مع إيران، وبكل حرية، فى قلب العاصمة الإيرانية طهران، خلال زيارتى إليها فى بداية العام الحالى، وذلك خلال لقاءات جمعتنى بالعديد من رموز السياسة والمرجعيات الدينية هناك، أبرزهم ( أية الله عباس الكعبى ) العضو البارز فى (مجلس خبراء القيادة) التى لها سلطة تعيين وعزل قائد الثورة الإسلامية ذاته، وأبرز أعضاء (مجلس صیانة الدستور فى إيران ) الذى يتكون من 12 عضوا فقط، لابد من موافقاتهم على كل القوانين التى يصدرها البرلمان الإيرانى.. وكذلك خلال لقائى بالمرجع الشيعى ( أية الله أحمد المبلغى) رئيس جامعة المذاهب الإسلامية فى طهران.. و لقائى بالسيد (ناصر سودانى) النائب عن منطقة الأهواز ورئيس لجنة الطاقة فى البرلمان الإيرانى.

 

ولأننى مازلت فى حيره من أمر هؤلاء الشتامين، وأرى بحيادية مجردة الهوى (أن وجود تعاون عربى إيرانى من الممكن أن يحدث تغيرا نوعيا فى موازين القوى فى العالم ) إلا أننى اتحدى أن يتجرد أى منهم من هواه، ويجيبنى بحياديه عن مدى عدالة المطلب العربى بضرورة فتح إيران لمفاوضات مباشرة مع دولة الإمارات العربية حول جزر( طنب الكبرى ـ طنب الصغرى ـ أبو موسى ) التى تسيطر عليها إيران منذ عام 1971 ؟.

 

هل يستطيع أى من هؤلاء أن يعطى  شرعية للتدخل المباشر لطهران فى كل من ( سوريا ـ العراق ـ البحرين ـ لبنان) أو ينكر أنه أصبح لإيران اليد الطولى فى تحريك الأحداث بداخل تلك الدول، التى يحتاج عددا منها إلى سنوات طويلة للتعافى؟.

 

هل يستطيع أى من هؤلاء الشتامين، أن يستبعد مسئولية طهران عما أصاب باليمن من دمار، بسبب محاولة الحوثيين بدعم من إيران تجاوز كل القوى الطوائف والمذاهب، ومحاولة السيطرة على الحكم بقوة السلاح، وما تبعه من تحركات أدت إلى دمار اليمن وقتل وتشريد الآلاف من اليمنيين، من السُنة والشيعة؟

 

هل من الممكن أن تتوقف إيران عن حملات المد الشيعى فى كل دول المنطقة، والتى تعد السبب الرئيسى والمباشر والأول فى تحفظ كل من (مصر والسعودية) وبالتحديد على وجود علاقات سوية مع إيران؟.

 

هل من الممكن أن تستجيب إيران لرغبات المصريين المتكررة بإزالة اسم شارع (خالد الإسلامبولى) قاتل الرئيس السادات، من على أكبر شوارع العاصمة طهران، والذى ينظر إليه المصريون على أنه إهانة لرمز وزعيم سياسى مصرى؟

 

الواقع يقول إن إيران لن تقدم خلال القريب العاجل على إزالة أى من تلك التحفظات، وأنها ستعى جيدا لاستثمار الفرصة التاريخية التى التاريخ لها فرصة للتوسع والسيطرة فى المنطقة مثل الآن، خاصة فى ظل الضعف والتفكك الذى يعانى منه العرب، وإنجازها للاتفاق النووى مع المجموعة الدولية، والذى منحها ميزة، مباركة الأمريكان لجميع سياساتها فى المنطقة، والانفتاح السياسى والاقتصادى على العالم، واستعادة كل أموالها المجمدة فى الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية.

 

اعتقد أن إيران سوف تسعى للاستثمار الفرصة، طمعا فى فرض السيطرة، على الرغم من  الخسائر التى قد تحلق بها وبدول الخليج على وجه التحديد، والتى لن يستفيد منه سوى الأمريكان والغرب، والتى بدت بوادرها بإقدام دول الخليج على تخفيض أسعار النفط أملا فى الحاق خسائر بالإيرانيين وضمان عدم استفادتهم من المليارات المفرج عنها فى الخارج، اعتمادا على رصيد الخليج الهائل من الأموال فى البنوك الأمريكية والغربية.. وما أعقبه من أقدام الإيرانيين على تخفيض أكبر فى أسعار النفط، وهو ما سيلحق بها خسائر فادحه.

 

أؤكد من موقع المحايد، أن إيران لن تغيير سياساتها خلال الفترة المقبلة، استثمارا للفرصة التاريخية التى منحت لها لفرض الهيمنة، فى مقابل خطوات سوف تقابلها من دول الخليج ومصر، وهو ما قد يدخل المنطقة فى صراعات قد تكون كارثية، من المستحيل أن ينتج عنها علاقات عربية إيرانية سوية فى القريب العاجل.

 

وللشتامين والمتعصبين خالص العزاء من الآن. 


الأكثر قراءة



print