منذ عام 2000 النية كانت مبيتة لإضعاف الجهاز فى الجزء الثانى من رسالته يستكمل الصديق القيادى بالجهاز المركزى للمحاسبات رؤيته لتطوير الجهاز من الداخل مع تشخيص الأسباب إلى أدت إلى تراجع دوره رغم الاختصاصات التى منحها له القانون بتعديلاته فى الرقابة المالى بشقيها المحاسبى والقانونى، الرقابة على الأداء ومتابعة تنفيذ الخطة، الرقابة القانونية على القرارات الصادرة فى شأن المخالفات المالية فى كل وحدات الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة الخدمية والنقابات والأحزاب والهيئات العامة الاقتصادية وهيئات القطاع العام وشركاته والمؤسسات العامة.
«.. ببساطة شديدة فالجهاز بموجب تلك الاختصاصات يكون له فاعلية وقدرة على الحد من المخالفات وكشف الفساد. فما الذى حدث.. وكيف غاصت الدولة فى آبار الفساد ونهبت خلالها ثروات الشعب؟» الإجابة ببساطة تتلخص فى الاستعانة بغير المختصين وبقيادات من خارج الجهاز لرئاسته، وربما بدأ استشعار الفساد وضعف الرقابة وتراجع دورها، بل أحيانا التورط فيها منذ بداية عام 2000 أو قبلها بقليل، وهى نفس الفترة التى تم إسناد رئاسة جهاز المحاسبات إلى المستشار جودت الملط الذى «قفز» على كرسى أعلى هيئة رقابية بالدولة بعد توسط أحد أمراء الخليج الذى عمل مستشارا قانونيا له لأكثر من 13 عاما، ورغم بلوغ الملط سن التقاعد من منصبه كرئيس لمجلس الدولة، وظل عامين بعدها بمنزله إلى أن لاحت الفرصة لتولى منصب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات لمدة 12 عاما كاملة مليئة بالكلمات الفخمة والخطب الرنانة عن كشف الفساد وإدارة «معارك وهمية» مع وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى، ولم يحدثنا ولو مرة واحدة عن الفساد الذى بلغ ذروته فى خصخصة القطاع العام وبيع الشركات العامة الرابحة وبأبخس الأثمان بل إن بعضها بيع بأقل من ثمن قيمة مخزن واحد لتلك الشركات. وشركة إيديال ليست ببعيدة عن هذا الأمر.
«.. ولم نسمع مرة واحدة عن أراضى الدولة التى تم نهبها فى المجتمعات العمرانية الجديدة، بل إن ما تكشف من هذا الفساد كان طريقة بلاغات المواطنين وليس الجهاز، وليس أدل على ذلك ما تم تقديمه من بلاغات للنيابة العام عقب 25 يناير 2011 عن وقائع فساد بلغ 8 آلاف بلاغ كان نصيب الجهاز منها 18 بلاغا فقط. فهل كان ثمن الصمت عن الفساد هو الكرسى والاحتفاظ بالمنصب..؟!».
السبب الثانى فى تراجع دور الجهاز خلال الفترة الماضية هو الهرم المقلوب، فمنذ عام 2000 كان يبدو أن هناك نية مبيتة لإضعاف الجهاز وتم ذلك بإيقاف التعيين للخبرات المحاسبية بداعى كثرة العاملين وبعد أن سارت الحكومة قدما فى طريق الخصخصة، وهذا حق يراد به باطل حيث إن طبيعة عمل الجهاز تقتضى بأن يكون هناك تعيين عناصر شابة سنويا من أوائل الخريجيين لضمان تناقل الخبرة بين الأجيال، فشباب الجهاز هم القوة الفاعلة فى العمل، سواء بالفحص أو التفتيش أو المراجعة والجرد وغيره من أعمال الجهاز، إلا أن المستشار الملط قام بتعيين أول دفعة بعد 10 سنوات من رئاسته، الأمر الذى ترتب عليه وجود خلل رهيب بالجهاز، حيث أصبح معظم أعضاء الجهاز بدرجة مدير عام وتتجاوز أعمارهم 50 عاما وليست هناك شريحة متوسطة، وهو ما أثر على فاعلية الجهاز، حيث إن وكلاء الوزراة حاليا بالجهاز هم من يقومون بعملية الفحص وخلافه بدلا من عمليات الإشراف والتوجيه التى هى أساس وظيفتهم بالجهاز.
فقد اختفت القوة الفاعلة وأصبح يحل محلها الأن «عواجيز الجهاز». السبب الثالث، عدم وجود أى تطوير بالجهاز من الناحية الفنية..والمفاجأة أن تقارير الجهاز منذ عام 1944 هى بنفس الشكل والمعنى ولم تتغير سوى طريقة الطباعة فقط....!.. وغدا نستكمل الرسالة.