يوما بعد يوم تتكرر السقطات والفضائح المهنية لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فقد نشرت الصحيفة الشهيرة التى يعتبرها كثيرون من المثقفين العرب رصينة وموثوقا بها، تقريرا متهافتا لمركز مجهول دون تدقيق أو تعقيب حول مذابح محتملة وإبادة جماعية فى مصر، بما يعنى موافقة أو اتفاق هيئة تحرير الصحيفة على ما جاء به من مغالطات فادحة لا يخطأها القارئ العربى العادى. التقرير الفضيحة الذى أعلنه «مركز سكيجودت لمنع الإبادة الجماعية»- هكذا يسمى - والمتصل بشكل مباشر بمتحف ذكرى الهولوكست، أصدر، تقريرا نقلته الصحيفة الشهيرة، يشير إلى أن شعوب بعض البلدان فى العالم معرضة لخطر القتل الجماعى ومن بينها مصر، ليس هذا فقط بل صنف التقرير الذى احتفت به «واشنطن بوست» مصر فى المركز الرابع بين دول العالم التى تشهد أو يمكن أن تشهد مذابح أو عمليات إبادة جماعية، ولاستكمال الكوميديا السوداء وصناعة الواقع بناء على شائعات وواقع افتراضى، تجاهل التقرير الفضيحة مذابح فعلية وعمليات إبادة جماعية تحدث فى بلدان مثل سوريا والعراق وتركيا وبوركينا فاسو وليبيريا وغيرها كثير.
فإذا افترضنا أن المركز المجهول هو دكان من دكاكين الاستخبارات الأمريكية، وأبحاثه ممولة وموجهة لبث رسائل تندرج ضمن حرب المعلومات التى من الممكن استثمارها وبناء مواقف سياسية رسمية عليها، فكيف نبرر لصحيفة عالمية كبرى مثل «واشنطن بوست» أن تتبنى مثل هذا التقرير المضحك دون تحقيق أو تعقيب أو احتراز مهنى؟ كيف نبرر لها موقفها المتكرر والبعيد عن كل أشكال المهنية سواء فى الافتتاحيات أو التقارير السياسية المنحازة والموجهة ؟ ولكن، هل نحن فى حاجة للبحث عن تبريرات لواشنطن بوست؟ الصحيفة تندرج بوضوح ضمن أدوات الإدارة الأمريكية والسى آى إيه، ويتم استخدامها على الدوام فى تلميع شخصيات مجهولة تقوم بأدوار تخدم المصالح الأمريكية، وتشن الحروب المعلوماتية وعمليات التشويه المنتظمة ضد الأنظمة والدول المستقلة، وإدارات تحريرها المتتابعة تعرف مهمتها جيدا وتتحرك فى هذا الإطار. والتقرير الأخير عن الإبادة الجماعية فى مصر يمكن أن يجعلنا نعيد النظر فى رسائل مفخخة وتقارير موجهة وحروب معلوماتية شنتها الصحيفة وغيرها من الصحف الغربية الكبرى على العقول المصرية والعربية، وانطلت علينا الخدعة وابتلعنا الطعم وأصبحنا نعتمد تقاريرها المفخخة باعتبارها وثائق مرجعية لنا، ونشيد عليها مواقفنا ورؤانا السياسية.
وللحديث بقية .