الكوارث الكبيرة.. من أخطاء صغيرة نسيان الخوازيق، أدى إلى انهيار كوبرى سوهاج بعد 7 أشهر، نسيان تشغيل جزرة القطار أو إغلاق المزلقان وراء كوارث التصادم، نسيان بلاعة مفتوحة، نسيان أسلاك عريانة.
كل الكوارث الكبيرة تأتى من نسيان أشياء صغيرة. الأخطاء الصغيرة التى يرتكبها الصغار فى كل مجال تقودنا إلى كل هذه الحالة من التفسخ والتردى، وتضيع أموالنا وأرواحنا نقدم الصغار للعقاب، ومع هذا لاتحل المشكلات، لأننا ننسى أن الكبار هم المسؤولون. والكبار ينسون أخطاء مرؤوسيهم، فيسود النسيان وتسود الفوضى.
لأننا ننسى.. والحقيقة أن النسيان هو المعادل للفساد والإهمال ونهب المال العام، وراء كل نسيان صغير فساد كبير. فى حادث كوبرى سوهاج المنهار بعد 7 أشهر ظهرت أزمة غياب «الخوازيق»، وبدأت شركة علام أو الاستشاريون، أو المحافظ والإسكان، يعلقون الخطأ على شماعات بعضهم، نحن أمام ما يقرب من عشر جهات تسببت فى الانهيار. قد يبدو «الخازوق» خطأ صغيرا وربما كان وراءه مقاول أو عامل أو مهندس صغير، ولو اكتفينا بعقاب الصغار نكون أمام ما يسمى بكبش فداء، وقد جربنا هذا فى الكثير من الكوارث، تقديم صغار الموظفين لتنتهى القضايا بالحفظ أو البراءة.
عندما يقع حادث قطار، عامل التحويلة، والمشرف عليه والمدير ومدير المدير، وإذا تعرض الوزير للضغط، يقيل رئيس الهيئة، وإذا بقى رئيس الهيئة يبحث عن مدير تحته يقيله، ومع الكوارث الكبيرة تتم إقالة الوزير.
نفس الآمر فى الكبارى يفترض معاقبة كل القيادات والجهات. وإذا كانت كل كوارثنا ومصائبنا ترجع إلى نسيان خازوق أو جزرة أو بلاعة، وتستمر الكوارث، فالأمر ليس نسيانا لكنه يسمى إهمالا، نحن نعاقب الصغير، ونترك المسؤول الكبير وتفشل الحلول من داخل أو خارجه. ربما نبحث عن علاج المسؤولين من النسيان، أو ضعف الذاكرة، خاصة وأنهم دائما ينسون أنهم سبق لهم النسيان.
أم نبحث عن طريقة لنسيان ما نعانى منه وننسى جميعا أن هناك إهمالا أو خلافه. وهناك حلول معروفة ومجربة وهى من داخل الصندوق، اسمها «القانون»، التطبيق الحاسم للقانون على كل المسؤولين الكبار قبل مرؤوسيهم، وهذه بديهيات تسمى المسؤولية التضامنية، والمسؤولية السياسية، ومسؤولية الرئيس عن مرؤوسة وراء كل كارثة كبيرة خطأ صغير. ينطبق عليها المثل القائل «يبوظ الطبخة على بقرش ملح»، ولا يمكن الرهان على الضمير بينما الأصل أن يتم تطبيق القانون بحسم. ومن القانون تبدأ وتنتهى كل الأمور.
النسيان ليس خطأ صغيرا، ولا تافها، والحلول علمية وتكنولوجية والأهم القانون الذى يبدو أننا دائما ننسى تطبيقه، ولهذا تتكرر الكوارث والحوادث. والنسيان يعنى الإهمال والفساد والتواطؤ، قديما كانوا يعاقبون المهمل بالخازوق، وهو عقاب انتهى، وحل مكانه ما يسمى القانون. لأن نسيان القانون هو أكبر «خازوق».