هل الاعتراف بالفشل فضيلة؟ وهل يمكن أن يكون الاعتراف بالفشل بداية الإصلاح بدلا من الاكتفاء بحلول موضعية وترقيع لا يفيد. طبعا صدمة أن يخرج مسؤول حكومى ليعترف بأننا فاشلون فى الإدارة وليس لدينا كوادر تسمح بإدارة القطارات، وبناء عليه نستعين بصديق عبارة عن شركة عالمية متخصصة فى إدارة السكك الحديدية، بدلا من أن نستمر فى ادعاء القدرة والعبقرية ونواصل إنفاق الأموال على الجرارات والقطارات والعربات ونعود لنفس النقطة.
الأمر ليس سهلا بالطبع أن يعترف مسؤول بالفشل، والحاجة إلى شركات أجنبية تعلمنا وتدير لنا، وزير النقل أعلن الاتجاه إلى التعاقد مع شركة عالمية لإدارة السكة الحديد، واعترف متحدث وزارة النقل «لأننا فاشلون فى الإدارة.. ومهما أنفقنا على السكة الحديد مع المنظومة الفاشلة فلن يتغير الوضع، وستظل الخدمة بدون تحسن»، هذا الاعتراف بالفشل أثار رد فعل رافض من الخبراء والمسؤولين السابقين، ومنهم المهندس محمود سامى رئيس هيئة السكك الحديد الأسبق الذى دعا لإعادة النظر فى قرار التعاقد مع شركة أجنبية، لأن مصر مليئة بالكفاءات، والسكة الحديد نفسها بها كوادر تحتاج لحسن إدارة وتوظيف، يمكنها وقف الخسائر وتحسين الخدمة، ويرى أن إعلان أن منظومة السكة الحديد فاشلة بالكامل غير صحيح، لأن الهيئة بها من الكفاءة التى تحتاج حسن توظيفها والاستفادة منها.
طبعا الرد على رئيس الهيئة الأسبق أنك ورؤساء الهيئات السابقين والأسبق لم تنجحوا فى استخراج الكفاءات المدفونة والسكك الحديد فاشلة من عقود مع أننا أنفقنا عليها المليارات تلو المليارات. أراضى السكك الحديد منهوبة، والقطارات تتكرر أعطالها وخسائرها، والسيمافورات والمزلقانات تتعطل والحوادث تتكرر. السؤال الذى يطرح نفسه هو دور الشركة وهل يمكن أن تنجح فى استخراج النظام من منظومة الفوضى؟ خاصة أن وزير النقل الدكتور سعد الجيوشى قال إنه يستهدف تطوير وتحسين الخدمة بالسكة الحديد، وأن التعاقد مع شركة لإدارة وتشغيل السكة الحديد بمثابة بيت خبرة يقدم المشورة، وأن البنك الدولى سيتحمل تكاليف هذا المكتب الاستشارى.
اسم البنك الدولى ينقلنا إلى مخاوف الخصخصة للمرافق، وهى تجربة تعنى مضاعفة السعر مرات، وردا على مخاوف رفع أسعار الخدمة قالت الوزارة: إن قرار تحديد سعر تذاكر القطارات سيظل قرار الدولة، والشركة ستحدد فقط التكلفة الاقتصادية وسعرها المقترح لقيمة التذكرة، وأن وجود الشركة سيكون مؤقتًا، وسينتهى بمجرد تدريب وتعليم العاملين كيفية إدارة المرفق. لاحظ أن هناك اعترافا بسوء إدارة المرفق، وتضاعف الخسائر، مع العجز عن تنفيذ أفكار إعلانية وتنشيطية، وزير النقل نفسه قال إن التوك توك يكسب أكثر من القطارات.
فهل يكون الاعتراف بالفشل بداية الإصلاح، أم أنه مجرد حيلة لتبرير الفشل؟ القضية ما تزال تحتاج للمزيد من المناقشة.