السبت، 23 نوفمبر 2024 10:59 ص
محمد سعودى

محمد سعودى

الحبس الاحتياطى وبرلمان 2016

2/11/2016 10:48:49 PM
"المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، قاعدة قانونية أكدت عليها المادة (11) فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، فحواها ما يلى:"كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه، ولا يدان أى شخص من جراء أداة عمل أو الامتناع عن أداة عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرما وفقا للقانون الوطنى أو الدولى وقت الارتكاب، كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التى كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة".

هذه القاعدة القانونية أزعم أنها لم تُفعّل بما يتناسب مع الثورة المصرية حتى الآن، ذلك أن طول إجراءات التقاضى، والمبالغة فى مد الحبس الاحتياطى للمتهم، يأتى بنتائج عكسية تهدر كرامة "المسجون"، خاصة أن مد فترات الحبس الاحتياطى قد تصل إلى عامين قانونا، وربما تزيد عن ذلك، كما حدث مع الطالب محمود محمد أحمد، المحبوس على ذمة "قضية التيشيرت"، مما دفع أحد المحامين بتقديم مذكرة للنائب العام للمطالبة بالإفراج عنه خاصة بعد سقوط مدة الحبس الاحتياطى، للإفراج عنه.

وهناك مئات الشباب والمسجونين الذين ألقى القبض عليهم منذ شهور ومحبوسين حتى الآن على ذمة التحقيقات، وفى نهاية المطاف نجد أن "فلان" حصل على البراءة وآخر قضت المحكمة بسجنه فترة أقل مما قضاها وهو فريسة للحبس الاحتياطى، وهنا يمكننا القول لأن هذا الحبس تحول من إجراء احترازى الغرض منه حماية التحقيق إلى عقاب قاتل للمتهم، ذلك أن المتهم بعد براءته أو إخلاء سبيله يواجه الواقع المرير بطرده من العمل، وزوال مصدر دخله، أو فصل من مدرسته أو جامعته إذا كان طالبا، فهل هذا يرضيك يا سيادة الرئيس؟

وعلى الرغم من أن قانون الإجراءات الجنائية أكد أن الحبس الاحتياطى بمثابة إجراء احترازى لحماية التحقيقات المتهم، إذا قضت الضرورة بذلك - فإذا كان خروج المتهم من "الحبس" يؤثر على سير التحقيقات، يتم حبسه حبسا احتياطيا – إلا أن بعض الحقوقيين أشاروا إلى أن الكثيرين من المتهمين لا يستوجب استمرار حبسهم لأن إخلاء سبيلهم بضمان محل إقامتهم لن يؤثر على التحقيقات.

هنا ندرك أننا نحتاج إلى ثورة تشريعية إصلاحية فى قانون الإجراءات الجنائية، وبالتحديد فيما يتعلق بالحبس الاحتياطى، فهل نجد فى برلمان 2016 من يحمل على عاتقه مهمة هذا الإصلاح التشريعى، بحيث يضمن حق المتهم إذا ثبتت براءته، ويجعل مدة للحبس الاحتياطى أقل من عامين، ويحدد مبررات وضروريات الحبس، ويحفظ للمتهم كرامته ويعيده إلى عمله من جديد إذا قضت المحكمة ببراءته؟


print