رحم الله الكاتب الكبير والأستاذ العظيم محمد حسنين هيكل، رحم الله قامة صحفية وإعلامية لن تتكرر فالأستاذ ظاهره لن تتكرر فى التاريخ المصرى والعربى ولا أبالغ إذا قلت فى التاريخ العالمى فهيكل ليس صحفيا عاديا ظهر ثم اشتهر ثم انصرف بل هو جزء من تاريخ مصر ولن ننسى لهيكل أنه على المستوى المهنى أعاد للصحفى هيبته واحترامه وفى العمل السياسى، رغم أنه لم يتولَ أى منصب إلا فى السنة الأخيرة لحكم الرئيس جمال عبدالناصر فإن هيكل كانت أهميته نابعة من علاقته بالرؤساء وهى علاقة ندية وليست علاقة تابع أو مجرد صحفى هدفه الحصول على خبر، هيكل دخل فى معارك كلفته حريته حيث تم التحفظ عليه من السادات فى قرارات سبتمبر الشهيرة فى 1981، هيكل لم يبخل على مصر طوال مسيرته وأيد عزل مرسى وخلع مبارك فى عامى 2011 و2013 وقدم نصائحه الكثيرة قبل أن يرحل لنظام الرئيس السيسى وفى آخر حياته قدم روشته عمل لأى نظام يحكم مصر لهذا فإننا نعتبره أحد أهم المفكرين والإعلاميين فى التاريخ المصرى والعربى.
هيكل دائما كان مع البسطاء وكما قال لى الزميل محمد أحمد طنطاوى المحرر العسكرى إن وصيه هيكل لإقامة الجنازة فى مسجد الحسين يؤكد أن هيكل كان يحب مصر بتاريخها ويعشق البسطاء فى هذا المسجد التاريخى فعلى الرغم من كونه الصحفى الأشهر فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط على مدار عقود ممتدة، إلا أنه فضّل الموت كصحفى حر غير محسوب على أحد، كما كان دائما يتحيز إلى الحقيقة، أوصى بالصلاة عليه فى مسجد الحسين حيث النشأة والميلاد والتاريخ، ورفض الجنازات والحشود الرسمية، واكتفى فقط بمحبيه وتلاميذه وأبناء مدرسته الصحفية، التى أسس لها منذ بداية عمله فى الصحافة عام 1942، حتى رحيله عن عالمنا اليوم، نعم هيكل فضّل الموت بعيدا عن الأضواء التى ظلت مسلطة عليه طيلة حياته، وآثر أن يلاقى ربه برحمات المحبين والأبناء، فى حى الحسين ومنطقة الأزهر التى عاش فيها أنقى فترات حياته.. رحم الله الأستاذ وغفر له ذنوبه.
صدقت يا صديقى طنطاوى ولقد كتبت قبل ذلك أنه الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى تربينا على مقالته «بصراحة» اليومية فى جريدة الأهرام وتعلمنا منه الكثير من حواراته العميقة وتحليلاته الرائعة التى أعطت لنا الكثير من المعلومات والقصص التى لا يمكن أن نسمعها إلا من خلال قلم وصوت الأستاذ، لقد حرمنا الموت من أن يكمل الأستاذ هيكل سلسله تحليلاته ومقابلاته الفضائية، رحم الله هيكل الذى أصبح علامة فى تاريخ مصر وقدم تحليلات أصبحت نورا لكل رئيس أو قائد يحكم مصر وله فى الإخوان الكثير ومنها وقال: «مرسى يتعرض لضغوط الجماعة، والوضع الاقتصادى، والولايات المتحدة الأمريكية التى تلعب فى مصر دورا أكبر مما نتصور، مؤكدا على أن هناك اختراقات كبيرة من «السى أى أيه» ومكافحة الإرهاب وهؤلاء كانوا موجودين من أيام مبارك.
هكذا تحدث الأستاذ وقتها ولو قرأ أو سمع الإرهابى محمد مرسى ما كان يقوله «الأستاذ» لما سقطت دولته بهذه السهولة وبهذه السرعة ولكن لأنهم يكرهون هيكل بسبب ارتباطه الشديد بحكم عبدالناصر فإنهم أصموا آذانهم وذهبوا لمهاجمته ليلا ونهارا ولكن هيكل الذى تعود على الهجوم الدائم من خصومه فإنه لم يهتم كثيرا بحملات الهجوم التى نظمها مكتب الإرشاد ولجانه الإلكترونية التى كان خيرت الشاطر يمولها ويستخدمها لتصفيه الحسابات مع الخصوم ولأن «الأستاذ» لا يمل ولا يكل فإنه واصل تحذيراته على مدى مدى 6 أشهر من أن حكم مرسى سينهار إذا استمر فى فكرة الأخونة وكلما زادت تحليلات هيكل لفترة حكم مرسى زادت فيه حدة الهجوم الإخوانى عليه حتى اليوم.