"لا أجيد التحدث بالعربية فلست عربى اللسان، ولكنى عربى العقل والجسد"، كانت تلك هى الكلمات الأولى التى نطق بها ممثل برلمان دولة جزر القمر، خلال مشاركته فى المؤتمر الأول لرؤساء البرلمانات العربية الذى عقد على مدار يومى 24 و 25 فبراير الجارى، بمقر جامعة الدول العربية، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، وبالتنسيق بين البرلمان العربى، والجامعة العربية، وشارك فيه رؤساء 17 برلماناً عربياً، لبحث القضايا العربية المركزية والتحديات التى تواجه الأمة العربية، ولم تكن كلماته تلك إلا بداية وتمهيد لشكواه الأكبر التى حملها على عاتقه من بلاده إلى القاهرة ليستنجد ببنى أمته.
ولعل العنوان الرئيسى لمؤتمر رؤساء البرلمانات العربية وهو "رؤية برلمانية لمواجهة التحديات الراهنة للأمة العربية"، كان دافعاً قوياً لممثل البرلمان القمرى، للبوح بما فى صدره من هموم، بعد أن أزاح من على لسانه حجر ثقيل من الحرج، ليستكمل حديثه مجدداً فى بلاغه: "لن أخجل وأنا أقول طلبى هذا، إننا بلد فقير لا يتجاوز تعداد سكانه المليون نسمة، وكنا نعتمد على منح بعض الدول العربية مثل مصر والسعودية والبحرين، لتعليم أبنائنا فى جامعاتكم، وفى الوقت الذى تقل فيه تلك المنح تفتح أمامنا أبواب بلد أخر، ولن أخفى عليكم هى إيران، وطلابنا عندما يذهبون إليها لا يعودون بعلم، ولكن يعودون بـ"دين"، ونحن يكفينا ديننا الإسلام، فلماذا لا تزيد المنح للطلاب من الدول العربية، أو تتكفل دولة عربية بتمويل إنشاء جامعة فى بلادنا".
كلمات ممثل برلمان جزر القمر، جاءت بمثابة نداء استغاثة أكثر من مجرد طلب موجه للأمة العربية بإنقاذ بلاده من توغل وانتشار المذهب الشيعى على حساب الدين الإسلامى السمح الوسطى بمذهبه السنى، بل وتحذيراً يدق ناقوس الخطر الذى يعلم به جميع العرب وهو السعى الدائم للدولة الشيعية بنشر مذهبها فى شتى أرجاء الوطن العربى استهلالاً لتدشين إمبراطوريتها الفارسية القائمة على مذهب دينى، فى ظل الفراغ الذى تركه العرب أنفسهم فى بلادهم بالانشغال فى صراعات ونزاعات شتى ومتفرقة.
ولعل تلك الكلمات وقتما تم إلقاؤها على رؤساء البرلمانات العربية، كان لها وقع سقوط حجر ضخم فى بركة ماء راكدة، فتحول سكونها لحالة صخب بفعل التصفيق الحار من الحضور داخل حرم الجامعة العربية، واقشعرت الأبدان لأسلوب طرح طلبه على الدائرة المستديرة بالجامعة.
ولكن تفاعل رؤساء البرلمانات العربية، وممثلى الشارع العربى، تجاه استغاثة ممثل البرلمان القمرى، بـ"التصفيق" فقط دون حراك أو رد فعل عملى أو تضمين حلول تلك الأزمة فى توصيات البيان الختامى للمؤتمر، كونها من أبرز تحديات الأمة العربية كما رفعوا هذا الشعار عنواناً لمؤتمرهم الأول، لم تكن هى المنتظرة، ولم يكن هذا ما يطلبه الرجل، الذى لم يأتى من بلاده ليسمع صوت التصفيق أو ليتلقى نظرات الشفقة والإحسان من أشقائه العرب.
وهنا نوجه السؤال لقادة الشارع العربى، ممثلى الدبلوماسية الشعبية، رؤساء البرلمانات العربية، هل سنواجه المخاطر المهددة للأمة العربية بالاجتماعات المرفهة فى القاعات المكيفة؟، وهل سنضع الحلول الفاصلة لأزمات بنى جلدتنا بـ"التصفيق" ورسم الحزن والشجن على قسمات وجوهنا ، أم سيكون لممثلى الشعوب العربية قرارات وتوصيات ملزمة لقادة بلادنا تحركهم تجاه هدف واحد هو صون الكيان العربى فى قالب واحد لا يتجزأ اجتماعياً وثقافياً ودينياً، وفى شتى المجالات!!!