الجمعة، 22 نوفمبر 2024 07:33 م
أكرم القصاص

أكرم القصاص

دروس يابانية إضافية

3/3/2016 11:08:22 AM
التقدم من الفناء واستعادة الأمل الدروس التى يمكن تعلمها من تجارب دول آسيا الكبرى، تتجاوز الإنجاز الاقتصادى والاجتماعى والتنمية إلى اكتشاف الكيفية التى نجحت فيها هذه الدول، والنظريات التى تحكم تحركها من النمو إلى التنمية، وهى تجارب تصلح كنماذج للخروج من القاع إلى القمة، من خلال بناء نسق شامل للتقدم.

اليابان لم تخرج من الحرب العالمية الثانية فقط مدمرة ومنهارة، لكنها خرجت مهانة بتوجيه أول وآخر قنابل نووية لسحقها، وكانت القنابل النووية تعنى الإفناء، وهو أمر تعمدته الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تكن الرسالة إلى المحور فقد سقط الرايخ واختفى هتلر واستسلمت ألمانيا، لكنها كانت رسالة أمريكا إلى الاتحاد السوفيتى. كان السوفيت هم من دفعوا الثمن الأكبر، وستالين يرى نفسه سيد الحرب، وكان التوقع أن تستسلم اليابان، لكن أمريكا قررت استخدام القنبلة النووية فى هيروشيما ونجازاكى، لفرض نفسها كشريك قوة فى قسمة العالم.

كانت اليابان هى حقل تجارب، مدمرة ومهانة، ولهذا كانت استعادة الثقة وتغيير التفكير والتصور أهم الخطوات، وإعادة بناء التفكير اليابانى من دولة استعمارية ذات أحلام توسعية، إلى دولة تتوقف عن الاحتلال والتوسع وتعيد بناء قوتها ذاتيا. ولهذا تبدو تجربة اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية هى الأكثر لفتا للأنظار وتحمل قدرا هائلا من الإرادة والصمود فى مواجهة الدمار والإهانة والاحتلال والتقسيم.

فإذا كانت هذه الدول خرجت مدمرة، ونجحت فى استعادة توازنها وثقتها، فالتجربة تتجاوز ما نراه اليوم بعد عقود من الكابوس. باقى دول آسيا لديها تجارب أخرى من الحروب والصراعات والارتباك والضياع، نجحت فى أن تكون لديها ما تقدمه، فعلت ذلك بإرادة وتدرج، وهو الدرس الذى يمكننا أن نتعلمه، أن التخلف ليس قدرا، وأننا يمكن أن نعبر الفجوة، بما يعطى أملا ويغطى على حالة التيبس النفسى واليأس، التى تصيب البعض ممن يصرون على النظرة الضيقة ولا يعترفون بأن البناء عملية تراكمية تحكمها البدايات الصحيحة.
لهذا تبدو زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لليابان وكوريا الجنوبية واحدة من أهم الرحلات الخارجية، مع أهمية العلاقات مع دول مثل الصين أو سنغافورة ودول آسيا الناجحة، والتى تمتلك كل منها تجربة خاصة فى التنمية والتقدم وبناء الدول، وظلت فكرة تبادل الخبرات والبعثات والانطلاق من التعليم كمركز للتقدم، حاكمة وما تزال، ويرتبط نجاح تنفيذ اتفاق الشراكة التعليمى مع اليابان، باختيار المبعوثين من الشباب المتفوق ليمثل بداية استعادة الأمل.

print