سبق وكتبت فى هذا الموضوع ولأن شيئا لم يحدث فأجدنى مضطرة لمعاودة الكتابة، فبحكم عملى بقصر العينى كثيراً ما يتزامن مرورى ومرور عربات الإسعاف بنفس طريقى ذهابا وإيابا، يتوالى صفيرها عَلّ أحدٌ يفسح لها مجالاً للسير وعسى تُفْتَح لها الإشارات والطرق المغلقة !
وقد تفعل الأخيرة ولكن هيهات هيهات أن يفعل الأُوَلُ !
عن نفسى من فورى آخذ جانبا ناظرة أن يحذو حذوى من حولى كما اعتاد أن يفعل الناس فى مثل هذه الأحوال فى كل الدنيا مهما كان الزحام ولو صادف ذلك وقت ذروة فأرواح الناس فوق كل شىء وقبل كل شىء إلا هنا فى مصر، تُهْرْعُ العربات فور سماع الصفارة تلاحق عربة الإسعاف أو ربما تسبقها لتضمن لنفسها دورا متقدماً فى المرور قبل أن تُغْلَق الإشارات التى ستفتح قطعا لصفير الإسعاف وتغلق فور مرورها، ولا مانع فى سبيل ذلك السبق من أن يكسر من يفعل؛ وما أكثرهم؛ ذات اليمين وذات الشمال على من يعترض طريقه ويظل هكذا مشهد السباق والعراك محيطا بعربة الإسعاف من كل جانب لا سيما الميكروباص تحديداً معيقين لحركتها حتى يُغلق الطريق حولها تماما فتتعسر مهمتها فى الخلاص أكثر وأكثر فيأخذ المشهد منها فى كل مرة مالا يقل عن نصف الساعة فى هذه المنطقة المزدحمة بالأوتوبيسات والميكروباصات التى تتوقف عشرين مرة فى الدقيقة سواء فى محطات الانتظار أو غير محطات الانتظار فى غياب تام من رقابة الشرطة وصولاً إلى المستشفى، أقابل هذا فى طريقى يوميا غير أن هذا لا يقارن طبعا بسوء حظ الطفل الذى يرجى الوصول به لأبعد من قصر العينى أى لمستشفى أبو الريش المنيرة فالطريق إليها هو عبارة عن سردابين تحت كوبرى زينهم يميناً ويساراً ذهاباً وإياباً وباب المستشفى فى فجوة منه ويزيد الطين بِلة أن اتخذت عربات الميكروباص طريق الخروج موقفاً نهائيا لها ! هذا فى غياب تام للشرطة عن المكان !!
اليوم أخيراً بعد سنين من المطالبة قررت الشرطة التدخل ووضعت أميناً لتنظيم هذا الهرج رأيته صباح اليوم أثناء محاولتى الدخول لموقف السيارات المخصص لأعضاء هيئة التدريس بالمستشفى واقفاً امام البوابة وكانت تسبقنى عربة إسعاف تحمل طفلاً، طبعا كالمعتاد أفسحت لعربة الإسعاف الطريق التى حاولت يائسة التسلل من البوابة إلى داخل المستشفى وطبعا لم تفلح مسعاها إذ قابلتها فى وجهها سيارات تريد الخروج من المستشفى ولا تتمكن لتوقف الطريق خارج المستشفى !
فوقفت سيارة الإسعاف بالباب تنزل الطفل المسكين على كرسى متحرك وخلفه أحد ذويه يدفعه وآخر يحمل له أسطوانة الأوكسجين وثالث يثبت فوهتها على فمه فى منظر يدمى القلوب، كل هذا وأنا أنتظرها حتى تنتهى ولم أسلم من تهديد السيد الأمين وزجره فهو يريدنى أن أسبق عربة الإسعاف ولا أنتظرها حتى تنزل الطفل ويدخل المستشفى يريدنى أن أدخل أنا المستشفى بسيارتى بدعوى أنى أغلق الطريق على من خلفى !
لم يحاول هذا الأمين زجر ولا نهر طابور الميكروباص الذى استأثر بنصف الشارع كمحطات انتظار فيفسح الطريق للسيارات فينساب المرور لكن رأى أن لا حاجة لانتظار عربة الإسعاف التى تحمل طفلا فى حالة حرجة، لم أتحرك خطوة واحدة قبل عربة الإسعاف وقبل أن ينزل كرسى الطفل المريض وقبل أن يتحرك ولم أزد عن كلمتين لهذا الأمين هذا طفل مريض أين الإنسانية !!!
لا لمت عليه تغاضيه عن الميكروباصات ولا الطريقة التى يتعامل بها !
يبدو أن مشكلتنا الحقيقية أصبحت فى غياب الرحمة عند الكل ! هب أن ابنك الذى فى عربة الإسعاف وحالته خطيرة تحتاج لإسعاف فورى كما بدا لى، أتحب أن تزاحمه العربات فتقطع عليه الطريق وتعوقه عن الوصول وفى الدخول فلا تستطيع إنقاذه؟
أتحب أن ينتظر هو وينساب الطريق تصرفات لا إنسانية مؤذية للمشاعر وأقل ما توصف به أنها مشينة !! ولكن يبدو لى أيضاً أن مناشدة الناس الرحمة لا جدوى منها ولكن هل يظل هكذا حال مدخل مستشفى الأطفال ؟
موقف لسيارات الميكروباص ويغلق الطريق حول مستشفى الأطفال الجامعى ومستشفى الفرنساوى ومستشفى الباطنة ويترتب على ذلك الضغط المرورى إلى ما قبل ذلك فى منطقة مستشفيات تتعلق بحياة الناس وموتهم فى تغافل تام من حل المشكلة !!
أين المسئولين من هذه المأساة ؟
أيها السادة امنعوا الميكروباص من هذا الطريق تماما...