يرفض وزير التعليم العالى، الدكتور أشرف شيحة، اعتماد نتيجة اتحاد طلاب الجامعات بدعوى شبهة بطلانها، ويرفض مجلس الدولة الفصل فى القضية بعد أن أرسل الوزير ملفًا كاملًا بها للنظر فيها، ويقف اتحاد الطلاب المنتخب حائرًا، والنتيجة المترتبة على ذلك نزيف خسائر مستمر فى المسار الديمقراطى، وإضفاء المصداقية على الاتهامات التى يوجهها الطلاب إلى جهات ما لا تريد للطلاب أن تكون لهم قيادتهم المنتخبة انتخابًا ديمقراطيًا سليمًا.
فى الساعات الماضية، ترددت أنباء عن قيام معظم الاتحادات الطلابية للجامعات بعقد جمعية عمومية طارئة ردًا على تجاهل وزير التعليم العالى قضيتهم، وسواء تم عقد هذه الجمعية العمومية أو لم تتم، فنحن أمام مشكلة حقيقية لا يجب إهمالها والنظر إليها باستخفاف، والمعروف أن المشكلة بدأت بعد انتخاب رئيس الاتحاد ونائبه، وبعد ظهور النتيجة قررت وزارة التعليم العالى إعادة الانتخاب استنادًا إلى بطلان ترشيح الطالب أحمد حسن، نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ما يعنى انتخاب رئيس اتحاد الطلاب ونائبه مرة أخرى، لأن صوت الطالب أحمد حسن كان مؤثرًا فى جولة الإعادة الأولى لانتخاب رئيس اتحاد الطلاب، لتعادل الأصوات بين المرشحين على المنصب.
ومع طرح هذا الكلام وجد الطلاب أنفسهم فى مشكلة ليسوا هم طرفًا فيها، بمعنى أن الذى سمح بهذا الترشيح رغم علمه بوجود مشكلة قبل الانتخابات هو الذى يتحمل المسؤولية، كما أن السياق العام الذى ظهرت فيه هذه المشكلة لم يبعث على قبولها، وبدا أن هناك حالة ترصد، دليلها ظهور قصة ترشيح الطالب أحمد حسن فور إعلان رئيس اتحاد بعد فوزه أن قضية الطلاب المعتقلين ستكون على أجندة اهتمامه.
أحيلت القضية إلى مجلس الدولة للفصل فيها، لكنه رفض لعدم الاختصاص، وبالتالى نحن أمام واقع جديد يقود إلى الإبقاء على الموقف كما هو، وهذا هو المسار الذى أراده الذين يرغبون فى أن يكون اتحاد طلاب الجامعات كما كان فى ظل نظام مبارك الذى كان يدير الانتخابات الطلابية بنفس العقلية التى كان يدير بها انتخابات البرلمان، وذلك بتحكم اليد الأمنية فى كل شىء، وأسفرت هذه الطريقة عن نتائج كارثية، أهمها أننا لا نتذكر اسم رئيس اتحاد طلاب من هذه المرحلة لمع فى سماء الحياة السياسية المصرية طوال ثلاثين عامًا، هى فترة حكم مبارك.
بعد ثورة 25 يناير شهدت الجامعات المصرية انتخابات طلابية، وكان المشهد فيها بالغ الدلالة على أن القاعدة الطلابية تتعطش إلى الديمقراطية، وبالرغم من أن جماعة الإخوان فازت ببعض الاتحادات، فإن المسار فيما بعد كشف أن نجاح الإخوان فى الجامعة ليس حكرًا على الجماعة التى استفادت من استبداد نظام مبارك، وعمقت نفسها فى كل المجالات بموافقة وتخطيط من قادة النظام لـ«حشر» المصريين بين ثنائية «الحزب الوطنى» و«الإخوان»، وكانت الجامعات المصرية من ضحايا التوافق بين هذه الثنائية، ولما بدأت نسائم الديمقراطية تهب بعد ثورة 25 يناير كان الطلاب يكتبون ميلادًا جديدًا فى الممارسة الديمقراطية التى تعد أساسًا للممارسة الديمقراطية خارج أسوار الجامعة، ولا يمكن بأى حال من الأحوال اختصار النضال الطلابى فى مشاهد مظاهرات طلاب الإخوان التى اندلعت بعد 30 يونيو وكان العنف سبيلها، ومع وضوح أهداف الإخوان انصرفت القاعدة الطلابية تدريجيًا عن هذه المظاهرات، وبقى التحدى أمام الجهات المعنية بأن تستثمر هذا التراجع الإخوانى، فتقوم بتعظيم الديمقراطية بين الطلاب، لكن للأسف وجدنا المشهد الحالى داخل أسوار الجامعة يسير عكس هذا الأمل.