يجب ألا نغفل أو نستكين لأننا أمام عدو شرس متربص بنا لا يمكن لرجال الدول أن يناموا كغيرهم نومًا طبيعيًّا أو حتى شبه طبيعى، وهو ما وصف به أحد الكتاب سيدنا خالد بن الوليد، رضى الله عنه، بأنه رجل لا ينام ولا يترك أحدًا ينام.
لقد طالعت كثيرًا من الأخبار عن يقظة رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة وإحباطهم لمخططات الإخوان، ومن يدعمهم ويدور فى فلكهم من المتربصين بأمن واستقرار مصرنا الغالية العزيزة الآمنة المستقرة بإذن الله تعالى، ووقوف هؤلاء الرجال الشرفاء من أبناء الجيش والشرطة كالصقور فى الدفاع عن حمى الوطن ومعهم ومن خلفهم كل شرفاء هذا الوطن ومحبو ترابه وعاشقو ثراه.
وبما أننا ندرك إدراكًا واعيًا أننا أمام أعداء كُثُر يتربصون بهذا الوطن من كل جانب وينتهزون أى فرصة أو غفلة أو غفوة للانقضاض عليه، تأملت ذلك وتذكرت تحذير الله، عز وجل، لعباده المؤمنين بقوله تعالى: «وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً» «النساء: 102»، فأدركت أننا جميعًا لا يجب أن نغفل أو نستكين لأننا أمام عدوٍّ شرس متربص بنا يود أن لو نغفل ولو لحظات، لينقض علينا، منفذًا ما رسم له من مخططات.
على أن هذه اليقظة لا يجب أن تكون قصرًا على رجال الأمن وحدهم أو محصورة فيهم، فكل منا على ثغر من ثغور الوطن فلا ينبغى أن يؤتى الوطن من قبله، الطبيب راعٍ ومؤتمن على كل مريض فى هذا الوطن، والمعلم راعٍ ومؤتمن على عقل أبناء هذا الوطن، والتاجر، والصانع، والعامل، والموظف، والإدارى، والفلاح، حيث يقول نبينا، صلى الله عليه وسلم، «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِى مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى مَالِ أَبِيهِ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» «متفق عليه».
فكل مؤتمن على حدود الأمانة التى ولاه الله إياه، فإما حافظ وإما مضيع، حيث يقول نبينا، صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» «رواه مسلم»، ويقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» «الحشر: 18»، ويقول سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ
«لقمان: 33»، ويقول سبحانه: «يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ * إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلاقٍ حِسَابِيهْ * فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِى الأيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتى كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّى مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين» «الحاقة 18 - 34»، فليعمل كل منا اليوم ما يجب أن يلقى الله به غدًا.
مع تأكيدنا أن دماء الشهيد لا تذهب هدرًا أو هباءً، فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، حيث يقول الحق سبحانه: «وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ» «البقرة: 154».