لماذا حاولت الدوحة إثارة ضجة فى الجامعة العربية؟
انتهى الجدل والزوبعة التى لم تطاول حجم الفنجان الصغير على قدر حجم صاحبها، فى الأخير تمت الموافقة على اختيار المرشح المصرى لمنصب الأمين العام للجامعة العربية السفير والوزير أحمد أبوالغيط خلفا للدكتور نبيل العربى المنتهية ولايته فى يونيو المقبل.
لم يستغرق الرفض القطرى لترشيح أحمد أبوالغيط سوى سويعات قليلة، وحاولت السودان «الشقيقة» مسايرتها بعيدا عن الركب العربى والإجماع على مرشح مصر، لكن المحاولة تم احتواؤها سريعا. وبقيت قطر وحدها فى محاولة لإثبات «العداء» وليس الوجود، فهى ضد كل شىء مصرى وفى أى محفل. فليس هناك مؤشرات لتراجعها عن هذا العداء ومحاولات التقارب فشلت حتى الآن.
فالدوحة مازالت تعاند وتكابر فى العداء السافر لمصر، دون تقدير للمواقف وموازين القوى وأحجام الدول السياسية، واتكاء على صبر الكبير الذى لم يحن موعد غضبه حتى الآن. حاولت قطر إثارة زوبعة حول أبو الغيط وخلق أزمة حول منصب الأمين العام للجامعة وبالتالى الدخول فى متاهة ونفق مظلم حول أمر يبدو محسوما لمجرد أن دولة قطر تبحث عن دور مزيف «للتنكيد» على مصر وإثارة غضبها، دون إبداء الأسباب. لم تعلن قطر على لسان وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، سببا واحدا من أسباب اعتراضها على ترشيح السفير أحمد أبو الغيط أمينا عاما لجامعة الدول العربية.
وحقيقة رفضها له. على الرغم من الموافقة المكتوبة من دول مجلس التعاون الخليجى على مرشح مصر مع الموافقة الواسعة والعريضة من باقى الدول العربية بعد مشاورات سياسية على أعلى مستوى قادها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع القادة العرب. فى كواليس اتفاق مجلس التعاون الخليجى، وافقت قطر على موقف دول المجلس من ترشيح أبو الغيط، لكن كالعادة نقضت قطر عهدها مع دول مجلس التعاون وأعلنت تحفظها مرة أخرى فى اجتماع الوزارء العرب.
لكن لماذا رفضت قطر أو حاولت إثارة ضجة ولماذا لم تعلن رسميا الأسباب الحقيقية للتحفظ على أحمد أبوالغيط؟ قطر حاولت إجهاض عملية ترشيح أبوالغيط لمنصب أمين الجامعة مثلما فعلت عام 2011 مع الدكتور مصطفى الفقى، لكن هذه المرة موقفها الضعيف جعلها ترضخ فى النهاية.
لكن ما جعلها ترفض لمجرد الرفض هو التجاهل الذى أبداه الرئيس السيسى لقطر خلال مشاوراته السياسية بشأن أبوالغيط، فقد أجرى الرئيس اتصالات هاتفية بجميع القادة الخليجيين ماعدا أمير قطر تميم بن حمد، كما قام المرشح المصرى أبو الغيط بإجراء اتصالات أخرى بجميع الوزراء الخليجيين ما عدا الوزير القطرى وهو ما اعتبرته قطر تجاهلا وتقليلا منها فقررت التحفظ على المرشح المصرى. كان هناك تجاهل آخر من مصر خلال حفل ختام مناورة «رعد الشمال» بمدينة الملك خالد فى منطقة حفر الباطن بالمملكة العربية السعودية بمشاركة 20 دولة عربية منها مصر وقطر ودول مجلس التعاون والأردن،، فى أكبر وأضخم مناورة عسكرية فى المنطقة. فقد فتح الكثيرون باب التكهنات حول إمكانية لقاء يجمع بين الرئيس السيسى وتميم بن حمد بوساطة من الملك سليمان بن عبدالعزيز، لكن لم ترصد وكالات الأنباء أية لقاءات وعاد الرئيس إلى القاهرة دون الإعلان عن اجتماعه بأمير قطر، وكان هذا أيضا سببا للزوبعة القطرية.
مواقف أحمد أبو الغيط عندما كان وزيرا للخارجية نفسها، كانت دافعًا للرفض القطرى. فقد قادت الخارجية المصرية فى عام 2009 حملة رفض استضافة قطر قمة عربية طارئة عن غزة. وكانت مصر تعرف نوايا قطر قطر لعقد القمة ولم توافق عليها وأفشلت مصر القمة «حتى تعرف قطر حجمها.. وأنه كان يجب على قطر المشاورة وأن يكون هناك توافق وموافقة من مصر والسعودية على عقد القمم الطارئة»، كما صرح أبوالغيط نفسه بعد ذلك فى لقاءات إعلامية، ويومها قال أمير قطر حمد بن خليفة آل ثان: «حسبى الله ونعم الوكيل.