السبت، 23 نوفمبر 2024 12:36 م
سعيد الشحات

سعيد الشحات

أمطار الصين وأمطار الإسكندرية

10/27/2015 10:13:55 AM
تركت العاصمة الصينية «بكين» ليل الخميس الماضى، والأمطار ترخ على السائرين فى شوارعها، ومع ذلك لم أرَ مواصلات تتعطل، ولا شوارع تغرق، كل شىء كان يسير طبيعيا بما يؤكد أننا أمام عاصمة أعد مسئولوها العدة لمواجهة الأزمات.
أثناء زيارتى، كانت الأمطار أشد حدة ونحن فى السيارة التى تقودنا إلى إحدى القرى الأثرية السياحية فى مقاطعة كيوتو غربى الصين، ومع ذلك لم نرَ مواصلات تتعطل، كل شىء كان يسير طبيعيا بالرغم من قوة الأمطار التى نزلت علينا نحو ساعتين حتى خرجنا من حزامها، كان الطريق طويلا ورغم قوة الأمطار لم تتوقف سيارة عليه، ولم تركن أخرى بسبب عطل، ولم يكن فى الطريق حفرة أو مطب صناعى، ولا سيارة تتسابق مع أخرى، أو سائق توقف للتشاجر مع آخرين، أو توقف للحديث والتسامر مع زميل له، والنتيجة أننا وصلنا إلى القرية الأثرية فى الموعد المحدد الذى تم إبلاغنا به قبل أن نركب السيارة.
هذا جانب استدعيه من رحلتى إلى الصين وسأكتب عنها تفصيلا، لكن كارثة الإسكندرية مع الأمطار أمس الأول، صرفتنى تلقائيا إلى ما شاهدته فى الصين من مطر، وكيف كان الحال معه.
الإسكندرية هى المدينة الثانية فى مصر، هى عاصمتها الثانية، هى روح مصر الحضارية وعروس البحر الأبيض المتوسط كما علمونا فى مدارسنا، ورغم كل هذا التاريخ تغرق فى مياه الأمطار، بينما مقاطعة «كيوتو» الصينية تحتل الترتيب الـ28 ضمن الـ33 مقاطعة صينية من حيث التطور، ومع ذلك كانت الأمطار تزين طرقها بين مدنها الداخلية.
الفرق بين الحالتين واضح، فغرق الإسكندرية هو الشاهد الأمثل على سنوات من الإهمال والفساد والمحسوبية و«الرشاوى»، هو الشاهد على سنوات حكم مبارك بكل فسادها، فبينما كان اللصوص يكنزون المال، كانت البنية التحتية للمدينة تتهالك، ولا ينشغل مسئولوها بمستقبلها كعاصمة ثانية لمصر.
أما فى الصين فالإنجاز يتلوه إنجاز وحسبتهم بسيطة وهى: لكى تحقق طفرة اقتصادية فلابد أن يكون لديك خدمات متوفرة، تتم وفقا لخطة معدة مسبقا ومعروف توقيت إنجازها، وغير مسموح بالتلاعب فيها، ومطاردة الفساد والفاسدين معركة مستمرة، هى قصة طويلة فى معركة البناء التى قادت الصين إلى التقدم، ورأيت دليلا بسيطا عليها وهو حال البلد مع الأمطار، فلا شىء توقف هناك، ولا غرقت البلاد فى شبر ميه كما حدث فى الإسكندرية ويحدث فى كل مصر.




print