التدبير مش عيب.. مليارات نحتاجها ما دمنا نعرف أننا فى أزمة وأمامنا التزامات ولدينا طموحات للصحة والتعليم، مفروض نفكر فى التدبير.
والشعب- على عكس ما يشيع بعض خبراء الصدأ- لديه الاستعداد للتحمل إذا رأى جدية وقدوة، شرط أن تبدأ الحكومة بنفسها.
إمكانية توفير عشرات المليارات ممكنة لو تعاملنا كأننا دولة تحتاج كل مليم من الموازنة للضرورة. نحن هنا لا نضرب الودع ولا نزعم الخبرة الاقتصادية ونؤمن بالتخصص، لكن هذا الكلام بعضه يعرف بالعين المجردة.
ولا يفترض أن يتصرف المسؤولون على أننا دولة غنية، بل دولة طموحة على «قد حالها»، ولو علمنا أن هناك ما يقرب من مليار جنيه سنويا ينفق على التعازى والتهانى يجب أن نحزن، «يعنى الوزير أو المسؤول مش هيموت لو ماحدش عمل له عزا»، وإذا كان الرئيس أوقف التعازى عند وفاة والدته، لماذا يخجل رئيس الوزراء من إغلاق هذا الباب.
ترك الكهرباء فى الشوارع نهارا يكلفنا مليار جنيه. الموازنة الأخيرة بلغت 864 مليار جنيه، منها 700 مليار للأجور والدعم وخدمة الدين، ويتبقى 164 مليار جنيه للإنفاق على خدمات لـ90 مليونا.
ونريد تطبيق الدستور فى التعليم والصحة، وتأمين صحى. والرد لا يوجد، ماذا عن أكثر من 25 ألف مستشار فى الوزارات أكثر من ثلاثة أرباعهم بلا عمل، يحصلون على مليارات تصل حسب بعض التقديرات إلى عشرة مليارات، فضلا عن أبواب الإهدار فى المجاملات والنثريات والبدلات.
لم نتطرق للصناديق الخاصة التى تمثل لغزا، وبعض التقديرات تشير إلى أكثر من 100 مليار، والبعض يقفز بها إلى تريليون استنادا لتقرير رئيس المحاسبات الأسبق جودت الملط. مليار لتحركات المسؤولين، ومليارات لتجديد المكاتب، ومليارات للسيارات، ومع أن هناك دولا فيها الوزراء يركبون المواصلات، لكن كفاية سيارتين مش عشرة.
نحن نتحدث عن أبواب وثغرات تسرب مليارات، لم نتحدث عن إصلاح ضريبى، أو مكافحة فساد.
وتشغيل مصانع، ومشروعات تدر دخلا، ويمكن توفير مليارات من جرد وفرز الممتلكات والأصول والأجهزة والاحتياجات، وأشرنا إلى أن رئيس جامعة القاهرة وفر مئات الملايين من سد ثغرات، فى جامعة واحدة، فما بالنا بالباقى.
هذا طبعا لا يغنى عن نظام ضرائب عادل، وضبط لتسربات الدعم، وبعد كل هذا، يمكن أن نتحدث عن دولة تريد أن تبنى نفسها وتحوش من أجل أن تعلم أبناءها وتعالجهم وتضمن لهم مستقبلهم مثلما يفعل المصريون من الطبقة الوسطى، ويمكن من خلال هذا أن يتقبل الناس إمكانية تلبية كل الطموحات والمشروعات التى تحتاج مليارات، ربما نحتاج إلى تذكر هذا ونحن نجهز الموازنة «أن نعيش عيشة أهلنا»، وبعد التدبير سيكون لدينا وفر يكفى لتلبية احتياجات أو خفض ديون، وتوفير فرص عمل وتشغيل مصانع، والاقتصاد يغنى عن السؤال.