من قام بهذا الفعل الشاذ والفاضح اختار تشويه الشخص الخطأ فوجئت خلال اليومين الماضيين بصفحات مجهولة وأشخاص مجهولين على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يدشنون حملة تشويه، ونشر أكاذيب مغرضة حول مداخلة هاتفية مع برنامج «صباح أون» على فضائية «أون تى فى» صباح الجمعة الماضى، بشأن أزمة نقابة الصحفيين مع وزارة الداخلية.
وبعيدًا عن البذاءة والانحطاط الأخلاقى الذى أصبح مسيطرًا على لغة التخاطب بين رواد الموقع، فقد اتهمتنى الصفحات المجهولة بأننى «أهدد الدولة المصرية بقطع المساعدات الأمريكية عن مصر فى حالة عدم استجابة الرئيس والحكومة لمطالب الصحفيين.. يعنى الاستقواء بالخارج مثل الإخوان».. هكذا بكل بساطة، دون التأكد مما قلته فى المداخلة، والاستماع إليه، لمعرفة رأيى المعروف فى الأزمة، ومواقفى السياسية المعلنة، لكننى فوجئت بالصفحة المجهولة التى لا أعلم من وراءها تصفنى بوكيل نقابة الصحفيين، وتضعنى فى خانة واحدة مع الإخوان المحرضين على الدولة المصرية!
ويبدو أن من قام بهذا الفعل الشاذ والفاضح اختار تشويه الشخص الخطأ، ونشر أكاذيب حوله، وتكفل بالرد عليه أصدقاء وزملاء يعرفوننى جيدًا، ويعرفون انتمائى وموقفى السياسى المنحاز للدولة الوطنية، والمؤيد لـ 30 يونيو وللنظام السياسى الجديد، وأن الاختلاف فى علاج بعض القضايا لا يعنى معارضتى له.
ما أزعجنى فى الأمر ليس هذا الجاهل بشخصى وبمواقفى، إنما خطورة ما يجرى فى الـ«فيس بوك».. وإطلالة سريعة على صفحات الموقع الاجتماعى، ومتابعة طبيعة النقاشات ولغة الحوار، تجعلك تشعر بالاشمئزاز و«القرف» من حجم البذاءة، ورائحة العفن، وانعدام التربية، والانحطاط والتدنى فى لغة الخطاب والتخاطب لرواد الـ«فيس بوك» إلا قليلًا منهم، فكل الألفاظ مباحة دون خجل، ولا خطوط حمراء فى التعامل مع قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، والتجاوز والتعدى على كل شىء، فلا وجود لثوابت وطنية أو أخلاقية أو شخصية لدى الجميع، وللأسف بمن فيهم الأصدقاء.
للأسف، اضطررت إلى كشف الزيف والكذب، ونشر الفيديو الخاص بالمداخلة، وحتى تطمئن قلوب الزملاء والأصدقاء فى ظل حملات الخداع والزيف والتشويه التى تمتلئ بها صفحات «الفيس» الذى تحول للأسف إلى «مرحاض» يتبول فيه المرضى النفسيون والمغرضون وهواة نشر الشائعات والفتن السياسية والاجتماعية.
فى أزمة نقابة الصحفيين الأخيرة، تحول «الفيس» إلى أداة قتل معنوى لكل من له رأى مخالف لجنرالات الـ«فيس بوك» الذين يمتلكون ويحتكرون ناصية الحقيقة، وفصل البيان وحدهم، أما من له رأى مخالف لهم، سواء كان شيخًا كبيرًا أو شابًا صغيرًا فهو جاهل و«مخرف»، وأشياء أخرى تتعلق بالسمعة الشخصية.
القضية ليست شخصية، إنما قضية عامة تتعلق بموقع اجتماعى أصبح مثل نصل السكين، يقتل فقط ولا يصنع شيئًا آخر، وهذا هو وضعه الحالى فى مصر وباقى دول الشرق الأوسط.. له دور محدد فى نشر الفتنة، والوقيعة بين شعوب المنطقة، والحض على الكراهية، وتحطيم القيم الاجتماعية والأخلاقية للمجتمعات العربية والإسلامية دون ضوابط أو آليات واضحة للتأكد من شخصية المستخدمين أو أعمارهم، حيث يمكن لأى شخص أن يضع الاسم والمعلومات التى يريدها. «الفيس» تحول فى معظمه إلى سكين قاتل ومسموم يستخدم فى الشر فقط، خاصة فى مصر والدول العربية، من جهات وجماعات ومنظمات وأجهزة لها أهداف وأغراض ومخططات فى المنطقة، ومصر تحديدًا.
فالموقع الذى تأسس عام 2004 كوسيلة للتواصل بين طلبة الجامعة تحول مع ثورة التكنولوجيا إلى آفة اجتماعية خطيرة، ومنبر مسموم للشائعات وتلويث السمعة، ومصدر للفتنة والكراهية، والحض على الرذيلة، وأصبح مؤرقًا اجتماعيًا وسياسيًا ودينيًا.