فى ظل غياب صوت العقل، وتحطيم كل أدوات المنطق، فى معالجة أزمة نقابة الصحفيين مع وزارة الداخلية، وارتفاع أصوات فرد عضلات الإرادات، وسيادة منطق القبيلة، وقعت أخطاء وكوارث تدفع ثمنها غاليا الجماعة الصحفية، فإننا يجب أن يحشد كل الصحفيون جهودهم لخوض معركة «تحرير النقابة» وخلع كل العباءات السياسية، التى تدثر بها أعضاء مجلس النقابة، إلا ما ندر منهم، مثل الزميلين محمد شبانة وخالد ميرى، اللذين حاولا قدر استطاعتهما إطفاء الحرائق مبكرا، والتعامل بعقل، ومهنية، والابتعاد عن المزايدات السياسية، إلا أن قطار باقى أعضاء المجلس كان سريعا وقاسيا على المهنة.
يمكن أن تعلنها بشكل هادى، أو صارخ، أو ساخط، وبكل ضمير مهنى ووطنى وأخلاقى، وبمنتهى الأريحية، أن مجلس النقابة الحالى، ورط الجماعة الصحفية، ووضعها فى ميادين معارك دامية، مع مؤسسات الدولة جميعها، تشريعية وتنفيذية وقضائية، ثم المصيبة، أو الكارثة، صفها كما شئت، معركة فى مواجهة «الشارع»، ونسأل مجلس النقابة الموقر، كيف وضعتم الجماعة الصحفية فى معركة مع كل مؤسسات الدولة، والشعب، فى مقابل أن ترضوا «عشرات» من النشطاء والمتدثرين بالعباءات السياسية، سواء كانت 6 إبريل أو الاشتراكيين الثوريين، أو الناصريين، ونهاية بمصيبة «عباءة» جماعة الإخوان الإرهابية؟
نعم، بعدما تنتهى الأزمة الخطيرة التى زرعنا فيها مجلس نقابة الصحفيين الحالى، لابد من حشد الجماعة الصحفية، لمطالبة المجلس بإعلان الأسباب الحقيقية التى دفعت المجلس لاتخاذ قرارات متهورة، أدت إلى اكتساب عداوة كل مؤسسات الدولة، وقبلها الشعب المصرى بكل طوائفه، ثم تحويل وزير الداخلية، اللواء مجدى عبد الغفار إلى بطل قومى، والتف حوله كل معارضيه، وزادت شعبيته فى الشارع بشكل لم يتخيله أكثر الناس تفاؤلا، ووضعت صوره على «بروفايل» صفحات آلاف المشاركين فى مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر» .
يجب على الجماعة الصحفية إذا كانت جادة فى إعادة تصويب موقفها، وتصحيح الصورة الذهنية عند رجل الشارع العادى، أن تبدأ بحشد كل جهودها فى ثورة تطهير وتحرير النقابة من الاختطاف على يد حركات فوضوية وجماعات متطرفة، استطاعت أن تتسلل بكل سهولة ويسر لتسيطر على مقدرات الأمور داخل النقابة، فى مشهد غريب وعجيب على صاحبة الجلالة، وموقف النقيب «يحيى قلاش» الذى ارتضى أن يجلس على مقاعد المتفرجين، يشاهد ويرى ويتابع، ويوافق على أن تأوى النقابة مطلوبين أمنيين.
لم يعد الصمت مقبولا، وعلى الجماعة الصحفية أن تبادر بسرعة لتطهير نفسها بنفسها من كل «البقع» السوداء والشوائب التى التصقت بثوبها الأبيض، قبل فوات الأوان، وأخشى أن يأتى وقت يتحول فيه كل الثوب الأبيض إلى «بقع سوداء، لو ارتضينا أن يقود النقابة المجلس الحالى الذى سطر مجدا فى الفشل الإدارى، ووضع مهنة الصحافة أمام أعاصير تفوق قوتها وتدميرها إعصار تسونامى الكارثى.
لا يمكن أن نقبل أن تتحول النقابة إلى منبر سياسى، تهان فيه المؤسسات، وتدشن من خلاله الفعاليات الداعية للفوضى والتخريب والتدمير، ونسى مجلس النقابة أن دور النقابة مهنى واجتماعى، فى معادلة سيئة لتبديل النهج، من الاهتمام بالجماعة الصحفية مهنيا واجتماعيا، إلى الاهتمام بالسياسة، وكأنها منبر حزبى.
نعم نقابة الصحفيين تحولت إلى منبر سياسى، فاق كل المنابر السياسية والحزبية، واستطاعت أن تزايد على الأحزاب العتيدة، من خلال تبنى مواقف وسياسات تصادمية مع الدولة، ونظامها الذى يتمتع بظهير شعبى ضخم، ظهر بقوة فى الأزمة الأخيرة.
كل أمنياتى الشخصية أن تخرج الجماعة الصحفية من المعارك التى خاضتها على كل الجبهات دون أى حسابات، بأقل الخسائر، وبأقل كلفة، وبما يحفظ لصاحبة الجلال ماء وجهها.