قلوبنا تئن من شدة الألم على شهداء الوطن الذين سالت دماؤهم الطاهرة على أرض حلوان فى الساعات الأولى من صباح الأحد (9 مايو)، ذلك أن الإرهاب الأسود الشنيع استهدف 8 من رجال الشرطة المرتدين زيًا مدنيًا أثناء عملهم.
مجزرة حلوان، تؤكد أننا أمام إرهاب ذميم منكور، ينبغى علينا محاربته بكافة الطرق والوسائل المتاحة، وليس بالقوة الأمنية فحسب، ذلك أن مواجهة "العدو الإرهابى" بالعقلية الأمنية وحدها يخلف المزيد من العمليات الإرهابية، إذ يجب مكافحة ذلك الغريم الجائر بالفكر والتنمية والتعليم والقضاء على الفقر قضاء مبرما.
جريمة حلوان البشعة أثارت عدة علامات استفهام، على الأخص فيما يتعلق بوجود "خونة" داخل وزارة الداخلية، ذلك أن رجال الشرطة الذين صعدت أرواحهم الورعة إلى سماء المولى عزل وجل، كانوا يرتدون الزى المدنى ويستقلون سيارة ميكروباص لا تحمل لوحات شرطية عندما واجههم الإرهاب الغادر، فكيف عرف المجرمون أنهم رجال شرطة؟ ومن دلّهم على خط سير القوة الأمنية؟!
احتمالية وجود "خونة" بوزارة الداخلية باتت أمرًا مؤكدًا، خاصة بعدما كشفت التحقيقات التى أجراها قطاع التفتيش بوزارة الداخلية بشأن واقعة القبض على عصابة "الدكش" بالقليوبية التى قتلت 4 من رجال الشرطة فى فبراير الماضى، عن تورط ضباط شرطة وقيادات بالوزارة فى التواصل مع عصابات الإجرام والمخدرات بمنطقة "المثلث الذهبى" بالخانكة.
من هذا المنطلق، وجب على الدولة تطهير "الداخلية" من "الخونة" ومحاسبة كل من تثبت إدانته فى مثل هذه العمليات الإرهابية والإجرامية، والعمل على إعادة هيكلة الوزارة وتغيير سياساتها القمعية التى تولد العنف وتحارب الشباب وتفتعل الأزمات مع فئات الشعب المختلفة.
نعم.. المذهب الشرطى ذو العقيدة القمعية يخدم الإرهاب ولا يخلق سوى مشاريع إرهابية تهدد الوطن، ذلك أن ازدراء الحريات وتكميم الأفواه والقبض على المعارضين السلميين وانتشار الفقر والجهل، يُعد بيئة خصبة لنمو الإرهاب الأسود فى جميع أرجاء البلاد.
أخيرًا.. نؤكد أن العدو الحقيقى الذى يواجه مصر هو الإرهاب، وليس الشباب السلمى المعارض للنظام أو الداخلية، ولا من يطالبون بحرية الرأى والتعبير، ولا الذين يصرون على "مصرية" تيران وصنافير، ولا الصحفيين والمحامين والأطباء والكتاب والمثقفين.