الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 01:57 م
صبرى الديب

صبرى الديب

النظرة العبقرية للمعارضة فى مصر

11/3/2015 8:12:57 PM
هناك نظرة عبقرية للمعرضة والمعارضين فى مصر تختلف عنها فى كل دول العالم.. فلا أجد مبررا لتلك الهجمات والسهام، التى تصوب منذ اندلاع ثورة 30 يونيه، من البعض، تجاه كل من يعارض أو يدلى برأى أو ينتقد أو يختلف مع النظام، والتى وصلت بالبعض إلى حد التشويه والطعن فى وطنية عدد من الكتاب والمثقفين، ظنا منهم أنهم بتلك الهجمات يساندون ويدعمون النظام، فى الوقت الذى لا يعلمون فيه أنهم يمثلون بتلك الهجمات أكبر ضرر على النظام.

فلا أدرى إلى متى سيظل هذا الإصرار الجاهل والنظرة القاصرة من البعض فى مصر لكل من يعارض أو يختلف فى الرأى مع النظام؟.. والنظر إليه على اعتبار أنه شخص خائن ومتآمر ولابد أن نتجنبه وكأنه مصاب بـ (الجرب)، ولابد أن يكون مراقبا ومتابعا من الأمن، ولا يجلس فى مجالس المؤيدين للنظام، خوفا من أن يقول ما لا يتفق مع هوى السلطة.. وهى الرؤية التى عززتها (نظرية المؤامرة)، التى زرعها النظام فى مصر منذ عقود ضد كل المعارضين، ورسخها نظامى السادات ومبارك، ولازالت عالقة بأذهان البعض حتى الآن.
فى حين أن النظرة الصحيحة والطبيعية لـ(المعارضة والمعارضين) فى أى مجتمع متحضر أو ديمقراطى، أنهم جزء لا يتجزأ من النظام، بل إنهم (عين النظام) التى ترى عيوبه وتكشفها، لا لهدف سوى الارتقاء بالبلاد، لأنهم فى النهاية شركاء وطن واحد يسعون ـ نظام ومعارضة ـ إلى الوصول به إلى ما هو أفضل.
إلا أنه على رغم مرور ما يقرب من 63 عاما على حصول مصر على استقلالها، إلا أن التخلف والصدأ مازال يقبع على عقول البعض، لدرجة أن نظرتهم لـ"المعارض" للنظام أو المختلف معه فى الرأى تعدت كل الحدود، ووصلت إلى النظر إليه على أنه (غير مصرى أو متآمر أو عميل) فى حين أنه قد يكون من داخله وطنى أكثر منهم وطنية، ويحمل من هموم وشجون البلاد ما يجعلنا نرفع له القبعة، وقد تثبت الأيام أنه صاحب نظرة ثاقبة ورأى سديد، وتصدق صحة رؤيته فيما اختلف فيه مع النظام.

وحتى لا تختلط الأوراق، أؤكد أننى هنا بصدد الدفاع عن (المعارضة الوطنية) ولست بصدد الدفاع عن الإرهاب أو عن من يتبنون فكر متطرف، أو يعملون لصالح جماعات أو منظمات لا هدف لها سوى السيطرة والهيمنة على البلاد أو إسقاطها، لأن الفرق بين المعارضة والإرهاب شاسع، ولا اتفاق بينهما فى التعريف.

لقد آن الأوان ونحن فى القرن الحادى والعشرين، أن نعرف أن من يعارض النظام أو يختلف معه ليس شاذا أو متآمرا، بل هو مصرى من أبناء هذا البلد يعتز بـ (مصريته) أكثر من كثير ممن يتصدرون المشهد ويصدعون رؤوسنا ليل نهار على شاشات الفضائيات، واتخذوا من مصريتهم سبوبة، كونوا منها ثروات على حساب خداع الشعب المسكين.

لقد آن الأوان لإلغاء "نظرية المؤامرة"، التى زرعتها الأنظمة السابقة، وأن نتعامل مع المعارض على أنه ابن هذا البلد وجزء من النظام الذى ينتقده، وقد يكون العين التى ترى عيوبه لتصويبها، والوصول بالبلاد إلى ما نحب أن نراها ـ كما هو فى المجتمعات الديمقراطية الراقيةـ وليس معنى أنه ينتقد أنه متآمر أو غير مصرى أو عميل.

كفانا صدأ وتخلفا ولننظر إلى المعارضة على أنها قوى وطنية من أبناء هذا البلد، وتعمل لصالح هذا البلد، وأن معارضتها ليست لشيء سوى لخير هذا البلد.. فليس هناك نظام فى العالم عمل دون معارضيه إلا وتحول إلى ديكتاتورى فردى، و"كوش"على ثرواتها واختصها لنفسه ولفئة من عائلته وحاشيته، وهوى بالبلاد إلى أسفل السافلين،
فلا ديمقراطية بلا معارضة، ولا تقدم لدولة تتآمر على المعرضين.



الأكثر قراءة



print