السبت، 28 مايو 2016 - 12:00 م تعرية السيدة المسنة فى المنيا انتصار لدولة البلطجية وتدهور مخيف للأداء الأمنى كتبت ثلاث مقالات عبارة عن رسائل للرئيس عبدالفتاح السيسى، كان آخرها يوم الأربعاء 18 مايو الجارى، فى سلسلة رسائل ننقل الحقائق أمام الرئيس، ثم توقفت منذ ذاك التاريخ، نظرا للظروف التى تعرضت لها البلاد، أبرزها سقوط الطائرة المصرية التى أقلعت من مطار شارل ديجول.
وأعود اليوم لكتابة المقال الرابع، فى صورة رسالة استكمالا للرسائل السابقة، وأقول للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، كلاما مهما، عن الوضع الأمنى الجنائى فى محافظات الصعيد، ليس لكونى صحفيا فحسب، ولكن كونى أحد أبناء الصعيد الجوانى، وتحديدا محافظة قنا، ولدى قراءة ومعرفة كبيرة بالخريطة السكانية والجغرافية لمحافظات الصعيد، ومعلومات مؤكدة وشاملة عن الوضع الأمنى هناك.
بداية أحب أن أؤكد على حقيقة واضحة ومعلومة بالضرورة من خلال كتاباتى لإغلاق باب المزايدات مبكرا، سواء من جهات أمنية، أو من دراويشهم، أو من المتربصين، مفادها، أن مواقفى الداعمة للجيش والشرطة لا تحتاج لشواهد، خاصة وسط الأعاصير السياسية العاتية التى كانت تحاول النيل منهما، وإسقاطهما، ساندتهما بكل قوة، قناعة منى بالدور المحورى الذى يلعبانه فى الداخل وعلى الحدود، ومدى تضحياتهما بأرواحهما من أجل حفظ الأمن والأمان للبلاد، وخوض معارك شرسة ضد الجماعات والتنظيمات الإرهابية الحقيرة.
كذلك كتبت مقالات هنا، عن الوضع الأمنى الجنائى المتدهور فى الصعيد، وحذرت من المثلث الخطر، الذى قاعدته بنى سويف والمنيا، ورأسه الفيوم، وحذرت من مجازر خطيرة ستقع فى محافظة قنا، نظرا للتقصير الأمنى الذى يراه فاقدو البصر قبل المبصرين، وأن هذه المعلومات كانت على مكاتب كل المسؤولين عن الملف الأمنى، ولم يتحرك أحد حتى الآن.
أيضا لا ننكر جهد وزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار فى ملف أمن المعلومات، ومن خلاله استطاع أن يسطر نجاحا مبهرا فى مواجهة التنظيمات والجماعات التكفيرية، وتمكن من انتزاع أنيابها، وتقليم أظافرها، ولكن هناك مشكلة حقيقية وجوهرية فى ملف الأمن الجنائى، وتقاعسا شديدا فى أداء معظم مديرى أمن محافظات الصعيد، الذين يغردون خارج السرب الأمنى المحترف، ولا يلتزمون بتعليمات الوزارة. ومن هذه النقطة تنطلق نيران الأسئلة الحائرة للمواطنين البسطاء قبل المثقفين، عن كيف لجهاز أمنى يستطيع ضبط المتورطين فى قضايا سياسية حتى ولو كان يسكن فى «مملكة الجان» تحت سابع أرض، ويفشل فى القبض على بلطجية ومجرمين معلومى العنوان، ويعيثون فى الأرض فسادا؟
كيف لجهاز أمنى لا يتحرك إلا بعد وقوع الكارثة فى قلب لمفهوم مكافحة الجريمة بأن النجاح الأمنى المبهر هو منع وقوع الجريمة، لكن فى مصر الأمن الجنائى لا يتحرك إلا بعد وقوع الجريمة، رغم البلاغات والتحذيرات وصرخات المظلومين من جبروت البلطجية، طلبا للحماية ووضع حد لشوكة المجرمين التى تتزايد قوة ساعة بعد ساعة، ومع ذلك لا يتحرك ضابط مباحث هنا أو مدير أمن فى المنيا أو فى قنا؟
الأمن يتحرك فقط لجمع أشلاء الضحايا ووضعها فى سيارة إسعاف فقط، يا سادة قلناها ورددناها عشرات المرات، أن دولة البلطجية وغياب الأمن الجنائى أكثر خطرا من دولة الإرهاب، وأن حملة السلاح ومنظر سحل الأبرياء فى الشوارع، والفرجة على المجازر التى تُزهق فيها أرواح بريئة وتعرية النساء تعد ضربة قوية وموجعة لهيبة الدولة، وسقطة كبرى لأى جهاز أمنى، وفشلا مدويا ومرعبا لشرطة تنشد نثر الأمن والأمان. نقولها وبكل مرارة، مديرو أمن محافظات الصعيد تستشعر إنهم ذهبوا إلى المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان، ليس إلا للانتقام من المواطنين ومن الوزارة التى دفعت بهم فى المنفى، وتستشعر أن الداخلية فى اختياراتها لمديرى أمن محافظات الصعيد، تدفع بقيادات بهدف التكدير والعقاب، وليس من باب الكفاءة والقدرة على المواجهة، وينصب اهتمامها بدفع الكفاءات فقط لمحافظات إقليم القاهرة الكبرى ومحافظات الوجه البحرى. السلاح فى الصعيد عبارة عن ترسانات وتحت سمع وبصر مديرو الأمن، والبلطجية والمجرمون يعيثون فى الأرض فسادا من اغتصاب الممتلكات فى وضح النهار، وهدم البيوت وتهديد الأبرياء، وزهق الأرواح فى مجازر يومية تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة من الآلى إلى مضاد للطائرات، وتعرية النساء وهنا الكارثة. الصعيد، ليس رقما مهما فى المعادلة الأمنية الجنائية، ليس رقما فاعلا فى قائمة أولويات وزارة الداخلية المتمثّلة فى مديرى الأمن الجالسين يستمتعون بالمكيفات خلف ستائر مكاتبهم الوثيرة، ولا يبالون بقتل الأبرياء أو إعادة حقوق المظلومين ووضع حد للبلطجية والمجرمين. لذلك يقرر الناس الحصول على حقوقهم بقوة السلاح، وعندها تختفى الدولة وتسقط هيبتها، ويندثر وجودها وتأثيرها، وتزداد المرارة فى الحلوق وتتحول محافظات الصعيد إلى دولة الغاب، أو بحر من الفوضى يأكل فيها الأسماك الكبيرة نظيرتها الصغيرة، ويتحول البلطجى إلى قوة ونفوذ كبير والأبرياء الشرفاء المحترمين إلى أرقام صفرية فى أجندة وزارة الداخلية.
لذلك لا تنزعجوا يا سادة من تعرية السيدة المسنة التى استدعت الشرطة واستجارت بهم من البلطجية، فلم يستجيبوا ولم يوفروا لها أى نوع من أنواع الحماية، وتركوها لتلقى مصيرها فكان مشهد العار والخزى.
انتظروا الأيام المقبلة مزيدا من المجازر، مزيدا من تعرية الأجساد، مزيدا من انفجار براكين المظلومين والمنهوبة حقوقهم، ولترضى وزارة الداخلية بدورها المبدع فى المشاهدة والفرجة مثلها مثل متفرجى الدرجة الثالثة شمال فى ملاعب كرة القدم.
سيدى الرئيس، يجب إعادة النظر فى الملف الأمن الجنائى فى الصعيد، وإعلاء شأن القانون، والقضاء نهائيا على الجلسات العرفية التى ساهمت فى انتشار الثأر المقيت، وكانت وبالا على المجتمع والدولة، وأصبح خطرها داهما.
وللحديث بقية غدا إن شاء الله.