قبل أن تنتهى الفترة الانتقالية التى حكم فيها المستشار عدلى منصور مصر، كتبت مقالا بذات العنوان نشر فى 5 فبراير 2014 واقترحت أن يتولى منصور رئاسة مجلس خبراء مستقل، يعنى بدراسة مستقبل مصر وأحلامها، فنحن فى مصر نفتقر إلى وجود خطط استراتيجية بعيدة المدى، ولأن الرئيس السابق عدلى منصور فضل أن يخرج من قصر الرئاسة إلى منصة القضاء، لكنه أشرف على الخروج من رئاسة المحكمة الدستورية بعد أن وصل إلى سن المعاش، ولهذا فإنى أعيد نشر هذا المقال فربما تصبح «الإعادة إفادة».
أيام قليلة ويودع الرئيس عدلى منصور قصر الرئاسة بعد أشهر قضاها رئيسًا لمصر، رأى فيها الكثير، وعانى فيها من الكثير، فأدار «منصور» ملفات شديدة الحساسية، وبذل أقصى ما يستطيع من جهد لتنجو مصر من مأزقها، وتعبر إلى المستقبل عبر خارطة الطريق التى تسير فى طريقها متخطية كل العوائق، ولأننا أصبحنا على مشارف اختيار رئيس جمهورية جديد، ولأن الرئيس عدلى منصور أصبح بفضل إدارته الحكيمة، واتزانه الملحوظ من أحب الشخصيات لقلوب الشعب المصرى وأكثرهم استحقاقًا لثقته، ناشده البعض أن يترشح لرئاسة الجمهورية، كما طالب آخرون بأن يصبح رئيسًا لمجلس الشعب المقبل، أو أن يصبح مستشارًا سياسيًا وقانونيًا لرئاسة الجمهورية، وهو ما يؤكد أن هناك رغبة قوية للاستفادة من هذا الرجل الذى بات محل ثقة واحترام.
أتقدم هنا باقتراح للرئيس المقبل، أيا كان اسمه، للاستفادة بالرئيس عدلى منصور فى الموقع الذى أراه أنسب المواقع لهذا القاضى النزيه، والرئيس «المحترم »، وأشير هنا إلى أن صفة «الاحترام » هى الصفة التى انفرد «منصور» عن رؤساء مصر طوال الثلاثة والثلاثين عامًا الماضية، وإننى أرى أنه من الأنسب أن يقوم الرئيس المقبل بتشكيل مجلس استشارى رئاسى تكون مهمته أن يضع خطة استراتيجية طويلة المدى، وهو الأمر الذى نعانى من غيابه طوال حياتنا، على أن يضم هذا المجلس خبراء من جميع المجالات والتخصصات «سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية»، وأعتقد أن هذا المجلس الذى سيعد أول مجلس «خبراء» مصرى من الممكن أن يعوض الدور الذى كان من «المفترض» أن يقوم به مجلس الشورى. نريد أن نغير وجه الحياة على أرض مصر، وأن نتشاور من أجل «الأصلح» لبلدنا ولمستقبلنا، ونريد أن نمضى إلى طريق النهضة والتنمية بخُطى ثابتة، وألا نكون ضحية للتغيرات السياسية والأهواء الشخصية، ونريد أن تمتلك مصر مشروعًا تنمويًا راسخًا، لا يتغير بتغير الحكومات، ولا تعصف به العشوائية والبيروقراطية، ولا أرى شخصًا مناسبًا ليرأس هذا المجلس سوى «عدلى منصور».