لم يثبت فى التاريخ والجغرافيا أن الدول ذات الأعداد الكبرى من السكان هى الأقوى، والأكثر تفوقا، بل ربما كان العكس صحيحا. وأعلن جهاز الإحصاء تضاعف أعداد السكان، والأكثر فقرا هو أكثر إنجابا.
فى المقابل نجد بعض الدعاة والمدعين، وتجار الدين، يروجون أن القوة تأتى من العدد وليس من الاستعداد والتعليم. يقولون إن الإسلام يشجع على الزيادة السكانية، ولا يرون أن الدول الإسلامية هى الأكثر تعداداً والأكثر انقساماً إلى مذاهب وقبائل، وكله باسم الدين.
كانت إسرائيل أقل بمئات المرات من العرب ومع هذا استمرت وحققت تقدما، بقى العرب أكثر عددا، ينقسمون ويفتون ويتصارعون. الدول الاستعمارية كانت تحكم ملايين المستعمرات، وتحرص على تكاثرهم مع جهلهم.
قضية تنظيم النسل مطروحة من عقود، الصين حددت طفلا واحدا حتى تضمن حياة لأكثر من مليار نسمة. فى بعض الدول الأوروبية كانوا يستقبلون لاجئين يقدمون منحة لكل طفل، معونة مالية، ومع اكتشافهم أن القادمين يستندون للإسلام ويجبون العشرات تم وقف المعونات، وارتفعت دعاوى لمنع اللاجئين لكونهم أصبحوا مصدر تخلف وهم من ينتجون أجيالا تعادى المجتمعات التى احتضنتهم. وهم ينسبون كل شىء للإسلام وأن البشر ثروة، بينما فقط يأكلون ويتناسلون ويصدرون فتاوى تحرم وتحلل وينتجون دواعش وكائنات تضيف المزيد من التخلف.
فيما يتعلق بالصراع العربى الإسرائيلى، عدديا الفلسطينيون يتفوقون مرات على الإسرائيليين لدرجة وجود طرح أن حل الدولة الواحدة على طريقة جنوب أفريقيا يمنح الفسطينيين السلطة لكثرة أعدادهم، عمليا بالرغم من العدد الأكبر للفسطينيين، فهم تصرفوا مثل الدول العربية والإسلامية، انقسموا ودخلوا فى صراعات مذهبية فى العراق واليمن وليبيا وسوريا، تحول العدد السكان إلى عبء، انقسموا مذهبيا وكفر بعضهم بعضا وحارب بعضهم بعضا.
القضية، إذن ليست فى الأعداد وهناك مثل يقول «العدد فى الليمون» يعنى العدد فى حد ذاته لا يشكل قيمة.. فالدول الأفريقية والعربية الأكثر عددا، هى الأكثر تعرضا للصراعات والقتال الأهلى باسم العرق أو المذهب.
فى عالم الحيوان والحشرات فإن الكائنات الأضعف هى التى تقاوم الانقراض بالتوالد، لكونها تتحول إلى فرائس للحيوانات الأقوى والأذكى.
وهو ما حدث فى الدول المتخلفة التى كان الاستعمار يحكمها بأعداد قليلة ويحرص على بقائها فى حالة جهل، وعندنا الأكثر فقرا هم الأكثر إنجابا من دون ضمان لكون الأعداد تمثل عناصر قوة، بل ربما كان العكس هو الصحيح، والأمم الأقل عددا وأكثر تقدما، تفوق بإنتاجها وتقدمها ونظامها، على قطعان من الأمم الأكثر إنجابا وفتاوى.