السبت، 23 نوفمبر 2024 04:57 ص
أكرم القصاص

أكرم القصاص

«الأسطورة» هذا المجرم نحبه

6/22/2016 9:54:42 AM
حظى مسلسل الأسطورة، لمحمد رمضان، بنسبة مشاهدة وضعته فى مقدمة الأعمال الرمضانية، والقصة ذات ملامح تقليدية، تمزج الميلودراما مع البطولة المطلقة، وهى من النوع الذى يحبه الجمهور، لكونها تدور فى حى شعبى بين الصنايعية والناس العادية، حتى ولو اختفت هذه الملامح فى مناطق مختلفة، ناصر الدسوقى ومن قبله رفاعى، كل منهما يمثل نوعا من البطولة المطلقة، والقدرة على الانتقام، واستعادة الحق، ويفعلون ذلك بالقوة بعيدا عن أى قانون أو قواعد للحياة، لكن ناصر ورفاعى يحظان بقبول جماهيرى، لكونهما يمارسان الشر، وهما حريصان على عدم الاستقواء، وهو نوع من «الشر المتواضع العادل»، الأسطورة استعادة لأساطير البطولات الشعبية على مر العصور، وإن كانت تحمل من كل عصر ملامحه، وفى هذا العصر تأخذ ملامح البلطجة والقوة المفرطة، مع بعض الذكاء لدى ناصر الدسوقى.

البعض يبدى دهشته من مدى الإعجاب الجماهيرى بقصة تقليدية، والانتصارات فيها مبالغ فيها، لكن الرد على منتقدى هذا يأتى من كون أكثر الأفلام تحقيقا للمشاهدة والعائد فى تاريخ السينما كانت سلسلة «روكى» وأفلام سيجال، وشوارزينجر، مع الأخذ فى الاعتبار أن ناصر الدسوقى تعرض للظلم، باستبعاده من النيابة لعدم لياقته اجتماعيا، وهو الأول على دفعته أربع سنوات، ثم إن رفاعى حتى وهو مجرم، يجد المؤلف له مبررات بأنه «فاتح بيوت»، وهى الحجة الدائمة لتبرير الشر، ثم إن ناصر الدسوقى يمارس انتقاما وعنفا كرد فعل، بينما عصام النمر شرير مفترى ومكروه.

نحن أمام نموذج البطل القوى المنتقم، المخلص الشرس الطيب، فريد شوقى وأحمد زكى، وربما يبدو حجم العنف مضاعفا فى الأسطورة، فضلا عن تجاهل تام للقانون واللجوء إلى القوة الفردية، وهو ما يبدو أحيانا مجال نقد، لتغييب القانون، لكن كل الأساطير والبطولات فى الحكايات والسينما لا تخضع لقانون أو قواعد، وتستند للقوة والقدرة على الانتقام، بعد تمهيد يؤكد الفكرة، وهو ما يعجب الجمهور، لأنه يقدم له البطل الذى يريده.

ناصر الدسوقى خليط من فتوات نجيب محفوظ، ودائرة الانتقام والكونت مونت كريستو، نحن أمام بطل قوى يتعرض للظلم، ويتم قتل شقيقه، ويدخل السجن ليتحول داخله ويخرج للانتقام، ويصبح هو نفسه أسطورة المال والقوة والانتقام.

كل الأبطال فى التاريخ والحكايات، خارج أى قوانين أو قواعد، وكل بطل من الأبطال هو أسطورة من يؤيده، يراه طيبا عادلا، وخصومه هم المجرمون الفاسدون، وبكل هذا يبدو طبيعيا جدا حجم التصفيق لناصر الدسوقى، عندما صدر حكم النقض ببراءته، فيتعاطف مؤيدوه وهو ينتقم ويقتل ويمارس الجرائم، نفس الجرائم التى يرفضوها من عصام النمر، هو أسطورة البطل المجرم الطيب، الذى نحبه.

print