هل كل من يتفرج على المسلسلات والأفلام العنيفة يتحول إلى قاتل أو لص؟ السؤال سببه جدل مستمر من سنوات وعقود، ويرسم البعض مشهدا لمواطن يتفرج على المسلسلات أو الأفلام العنيفة، ويستل سكينا ليذبح والديه أو يطعن زميله، أو يبحث عن مسدس يطلق منه الرصاص على جيرانه، وهل دراما العنف والشر تساعد على انتشار الشر والعنف فى المجتمع؟
هناك اتهام منذ ظهرت السينما الدموية العنيفة وأفلام القتل والدم والعنف بأنها السبب فى زيادة العنف، بينما يرد بعض علماء النفس بأن السينما هى انعكاس للمجتمع، وليست سبب العنف، والجريمة كانت موجودة قبل السينما والتليفزيون والإذاعة. وأن العنف فى السينما هو انعكاس للواقع، وليس العكس وأن المتفرج لا يتحول إلى قاتل لمجرد أنه اتفرج على فيلم أو مسلسل، بينما المجرم يمكن أن يقتل بدون فرجة.
المناسبة أن عددا لا بأس به من مسلسلات رمضان تحتوى على كم من العنف والجريمة، وبعضها يحبب الجريمة للناس من خلال المجرم الطيب الذى يحبه الجمهور، وأن هذا من شأنه أن ينمى الرغبة فى الحصول على الحق بعيدا عن القانون. وأن هذا يساعد على زيادة العنف لدى المراهقين والشباب ضمن الرغبة فى التقليد، وقد يتجه الفقراء لتقليد سلوك المجرمين.
الواقع أن دراما ومسلسلات رمضان ومنها الأسطورة تبرر العنف وتمهد لهذا العنف من خلال صورة البطل المظلوم والمهضوم حقه، وهو أمر واقع فى المجتمع، والربط بين الأفكار والجريمة موجود من السبعينيات، فى الثمانينيات والتسعينيات يردوها إلى الوجودية والأفكار المنحرفة، ومنها الشاب الذى قتل أمه وأبيه، وقالت بعض التفسيرات إن الشاب مؤمن بالوجودية، خاصة أنه قال إن والديه كانا يكرهانه، واتضح أن الشاب مختل نفسيا وعقليا.
المهم أن الوجودية مذهب فلسفى وإنسانى نشأ ضمن تطور الفكر بالحضارة، وحولها ارتبط دعاوى عدمية وصراع، ولم يكن العنف نتاجا للفن أو الأفكار. المجرم تكون لديه قابلية، ولن يتحول كل الشباب إلى مجرمين، لمجرد أنهم مظاليم، لكن هناك بالفعل تأثير الظلم الذى يقود البعض للانتحار، أو إلى التحول، لكن ليس بالضرورة أن يكون الجميع هم ناصر الدسوقى.
ثم إن الفن يعكس ما يجرى فى المجتمع وليس العكس، لكن هذا لا يمنع من النظر إلى المبالغة فى إنتاج العنف داخل دراما رمضان وغيرها، لكنه ضمن التيمات الجذابة والمشوقة التى تحبها السينما العالمية والمحلية بهدف الربح، والأكشن معروف من سنوات، وهو متهم بإنتاج مجرمين من دون دليل.