الحكومة تتحدث عن إنشاء وكالة الفضاء المصرية، ومدينة العلوم الفضائية، وتم اجتماع بحضور وزيرى التعليم العالى والاتصالات، وطلب دراسة من رئيس الهيئة القومية للاستشعار عن بُعد وعلوم الفضاء.. نتحدث عن أكاديمية للعلوم الفضائية، ومركز لتجميع الأقمار الصناعية، وكلها خطوات مهمة وضرورية لكى نلحق بالعصر، ونحصل على ثمار ومكاسب وأرباح، لكن أن يتم كل هذا ونحن عاجزون عن منع تسريب الامتحانات، وفى الوقت نفسه يعجز مجلس النواب عن منع تسريب فيديو إباحى داخل قاعاته ومجموعاته وبين نوابه، كل هذه التصرفات واردة طبعًا، ويمكن أن تقع بشكل طبيعى، لكن التكرار لا يُعلم الشطار ولا النواب ولا وزارة التعليم.
نحن طبعًا مع الدخول إلى عصر الفضاء والاتصالات والعلم والاتصال والتحديث، لكن من الصعب أن نطمئن لهذا الدخول ونحن عاجزون عن حفظ امتحانات الثانوية العامة ومنع الغش، والأمر لا يتعلق فقط بالغش والتسريب، فهى أمور واردة فى كل العالم، لكن الأمر أشبه بمباراة «عنتر ولبلب» من حيث التسابق فى «ضرب الأقلام».. نحن نتحدث عن أهمية إنهاء نظام الثانوية والامتحانات الحالى بكل عيوبه ومشكلاته، حتى يمكننا الدخول إلى العصر الحديث بقلب جامد.
رئيس الوزراء يقول إن الغش لن يتكرر مرة أخرى، والهيئات البرلمانية تلتقى مع وزير التعليم، وينقسم النواب بين مؤيد ومعارض وغاضب.. كل هذا والتلاميذ وأولياء الأمور يواجهون تداعيات الغش والتسريب والظلم المزدوج، لأن الغشاش يسرق حق المجتهد، وقد اعتدنا فى كل أزمة أن يعلق كل طرف المسؤولية فى رقبة الآخر، وفى شماعة ما بعيدًا عن مسؤوليته.
طبعًا أسهل مطلب للناس فى مواجهة الغش والتسريبات هو المطالبة بإقالة وزير التعليم، ونحن نعرف أن التعليم ليس مهمة وزير فقط، إنما هو مشروع ومهمة الدولة كلها، ثم إن إفساد التعليم عملية مشتركة تمت خلال عقود باتفاق تام بين الحكومات وأولياء الأمور، بتواطؤ تام وشامل ومستمر خلال عقود، فالدروس الخصوصية تتم برعاية كاملة، وموافقة من أولياء الأمور، وبتمويلهم وجيوبهم، وما لم يكن هناك اعتراف من المجتمع كله بالمسؤولية، سيكون من الصعب إصلاح التعليم بالشكل الذى يناسبنا.
وليس عيبًا بالمناسبة أن نعترف بمشكلاتنا، فعلها الأمريكيون قبلنا، وفعلتها اليابان، وتفعلها دول أوروبا، وبالمناسبة لدينا أمل فى هذا الأمر بأن أبناءنا من خريجى التعليم الحكومى أو غيره يتفوقون ويخرجون فى بعثات، فيحصلون على نتائج مميزة، بما يعنى أن الأمر به بعض الأمل، لكنه بحاجة إلى جهد حقيقى، وحتى يمكننا الحديث عن عصر الفضاء بالفعل وليس بالكلام.