حينما يحاول بعض أعضاء مجلس نقابة الصحفيين تصوير ما يكتب عن أدائهم العام على أنه جزء من معارك شخصية، فهم مخطئون لأن القضية أكبر من ذلك بكثير، الأمر لا علاقة له بمعارك شخصية أو «تار بايت»، وإنما فيما وصلنا إليه الآن من وضع مزرٍ، بسبب أعضاء داخل المجلس ممن يعملون ليل نهار على اختطافه وتحويله إلى طريقهم الخاص.
بكل تأكيد، كما قلت سابقاً، هناك أعضاء محترمون داخل المجلس مثل الزملاء خالد ميرى وإبراهيم أبوكيلة وعلاء ثابت وأبوالسعود محمد ومحمد شبانة، لكن للأسف الشديد الصوت العالى من ثلاثة أو أربعة أعضاء طغى على الجميع، وأصبحت الصورة العامة للمجلس أنه «غوغائى»، لا يحتكم للمهنية وإنما للعصبية والمحسوبية.
القول الفصل من وجهة نظرى أن مشكلة هذا المجلس هى استهانته بالمسؤولية والعهد الذى قطعه على نفسه وأهان الجميع قبل أن يهين نفسه.. تخيلوا أن يصل بِنَا الحال لنكون مضربا للمثل، فقبل أيام قال سامح عاشور نقيب المحامين، خلال حديثه عن أزمات مرت بها نقابات: «لسنا نقابة فشلت فى حماية أعضائها فى قسم من الأقسام أو نقابة اقتحمت ودخلها من دخلها من الأمن دون إذن منها» كل ذلك لأن النقابة لم تستطع أن تحمى نفسها ولا أن تجمع أعضاءها تحت راية واحدة، وإنما تحكمت فيها الآراء والأهواء الشخصية والسياسية والحزبية، فكانت النتيجة أن نقيب المحامين «بيلسن علينا».
حينما أطالب باستقالة هذا المجلس ونقيبه فهذا تكريم لهم ولتاريخ كثيرين منهم نقابيا، فلم أكن أتوقع أن يستسلموا لسياسة الصوت العالى ويرفضون تصحيح المسار، ليس بالطبع وفقا لما تنادى به جبهة تصحيح المسار، وإنما وفقاً لما يمليه عليهم ضميرهم المهنى والنقابى، وكنت أتوقع أن يكونوا صوتاً للصحفيين لا عليهم.
أمام هذا المجلس فرصة تاريخية أن يعود ليكون ممثلا للصحفيين وليس لتيار سياسى يريد استخدامنا كدرع له فى معركته مع النظام، فنحن جماعة نعى حقوقنا جيداً ونستطيع الدفاع عنها بشرف ومهنية حتى النهاية، رافعين مصلحة الوطن أولا وبعدها مصلحتنا كصحفيين نقابيين، وحتى من لم يلتحق بعضوية النقابة، فالهدف أن يكون لنا مظلة نقابية تدافع عنا وتتحدث باسمنا لا باسم غيرنا.
كل ما أريده أن يتجرد أعضاء المجلس من ميولهم السياسية ورغبات بعضهم الانتقامية ويتعاملوا مع النقابة بشكل مهنى ونقابى وليس بطريقة قعدة المصاطب، وكنت أتمنى من النقيب يحيى قلاش أن يكون أكثر حسما لا أن يخشى النشطاء والثورجية أكثر من خشيته لأعضاء الجمعية العمومية الذين أتوا به نقيبا، وأن يعرف دور المجلس جيدا ودور كل عضو بما له من خبرات نقابية متراكمة، لكن للأسف الشديد خاب ظن الكثيرين فى النقيب حتى من منحوه صوتهم، لأنهم لم يروا إلا أقوالا لم تترجم لأفعال بل إن الأفعال التى وقعت كانت كارثية.
مرة أخرى، لست فى عداوة شخصية مع أحد من الزملاء أعضاء المجلس، لكن كنت أنتظر منهم قوة المواجهة بدلا من التخفى وراء أقنعة، فللأسف الشديد كم من أعضاء بالمجلس يتحدثون لك برأى وحينما يتركونك يكون لهم رأى آخر مخالف لما أبدوه لك فى المرة الأولى، وهنا يجب أن أشير إلى أن قضية الزميلة أمانى الأخرس التى رفضوا لمرتين منحها عضوية النقابة لاتهامات لم تثبت صحتها وجهها عضوان بالمجلس لها هى قضية، كما قلت، كاشفة لكيف يدار المجلس، فالمسألة لا تتعلق بـ«أمانى» وإنما بأعضاء أتى أحدهم لـ«اليوم السابع» وأقر بأنها تعرضت للظلم ومن حقها دخول النقابة، وأنه سيكون وسيطاً لدى لجنة القيد وبقية أعضاء المجلس لإنهاء أزمتها، وبعدها رأينا نفس العضو يقف ضد أمانى وكأنها العدوة الأولى والأخيرة له.
المشكلة ليست فى «أمانى» وإنما فى المتلونين الذين كشفتهم قضية «أمانى»، فى الأعضاء الذين ظهروا بوجهين وربما وجوه متعددة يغلب عليها الطابع الانتخابى دون إدراك لحقيقة أنهم يهدمون قيما أخلاقية ما كان يجب أن يتنازلوا عنها. أمانى ليست القضية وإنما القضية تتعلق بالأخلاق، هذه هى نهاية القصة التى يجب أن يستوعبها جيداً النقيب وأعضاء مجلس النقابة خاصة من يشعرون بأنهم أقوى من الجمعية العمومية، متناسين أن الصحفيين انتخبوهم أعضاء بالمجلس لخدمة الصحفيين وليس الاستعلاء عليهم وتحويل النقابة إلى «تكية» كما يفعل سكرتير النقابة الآن.