الأقصر - أحمد مرعى
"رزقنا الله بنصر عظيم على اليهود فى حرب الكرامة والعزة وتأييد السماء لنا فى السادس من أكتوبر، ولم يكن ليتم النصر إلا بالإيمان بالله وحب الوطن، وقدرتنا العالية فى الفنون القتالية والسير مضيا فى استراتيجية مختلفة تماما عما كان يتوقعه العالم أجمع، وتدربنا على كل ما قمنا به فى الحرب لعدة سنوات ساعدتنا فى الانتصار وتحرير جزء من بلادنا"، بتلك الكلمات تحدث عبد المعين عبد الراضى أحمد 65 سنة أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة وابن مدينة إسنا جنوبى محافظة الأقصر، حول ما شاهده لدى مشاركته فى أعظم حرب عرفها التاريخ المصرى الحديث وانتصر فيها على الكيان الصهيونى.
ويقول عبد المعين عبد الراضى أحمد 65 سنة فى حديث لـ«برلمانى»، أنه التحق بالقوات المسلحة المصرية فى الثامن من إبريل عام 1972م، والتحق بسلاح المهندسين وتم توزيعه على فرقة وسرية صواريخ أرض أرض بمنطقة السويس التى شارك منها فى حرب السادس من أكتوبر المجيدة، الذى كان على دراية وعلم كبير للتعامل مع الألغام بمختلف أنواعها وكان يساعد القوات المسلحة خلال خدمته فى تفكيك وتفجير الألغام للحفاظ على أرواح الجنود المصريين خلال فترة الحرب التاريخية.
ويضيف بطل أكتوبر الأقصرى الحاج عبد المعين عبد الراضى، أنه تلقى تدريبات مكثفة خلال الـ6 أشهر الأولى من التحاقه بالقوات المسلحة المصرية، فعندما برع فى عمله ومهمته المكلف بها تم إلحاقه ضمن فريق المهندسين المخصصين للتعامل مع حقول الألغام وتفكيكها، ومع انطلاق حرب السادس من أكتوبر كان فى سرية بمنطقة السويس وكانت مهمته فى وقت الحرب هى القيام بعمل تغطية لكل المناطق الفارغة حول منطقة سريته بالكامل بالألغام، التى كانت من المحتمل أن تساعد القوات الإسرائيلية فى الدخول من جانبها، فزرع فيها المئات من الألغام التى تحبط تحركات العدو الصهيونى حال تفكيرهم فى العبور من جانبها، ونجح بالفعل فى مهمته عقب تغطيتها بالكامل بالألغام.
وقال بطل أكتوبر الأقصرى، إنه فور خروج أسراب الطائرات فى الثانية ظهراً، توجه اليهم قائد الكتيبة، حيث إن سريتهم كانت مجهزة بـ9 سيارات محملة بكل أنواع الأسلحة والصواريخ ومجهزة للخروج فى الحرب، وقال لهم القائد: «من يريد الإفطار فثوابه عند الله نحن فى حالة حرب، فرفض الجميع الإفطار وقالوا إنهم ينتظرون الشهادة وهم صائمون، ورددوا الله أكبر الله أكبر»، وبعد دخولنا لكتائب الإسرائيلين وانتصارنا فى الحرب ومع أذان المغرب لم نجد إلا المياه والأكل الخاصة بهم فأفطرنا بها داخل كتائبهم بعد الانتصار.
وأوضح الحاج عبد المعين عبد الراضى، الذى أنهى فترة خدمته فى الأول من يناير عام 1986، ودامت فترة تجنيده 4 سنوات كاملة، أنه كان فى قمة سعادته مع بداية الحرب وخروج أول طلعة جوية لدك وضرب الحصون اليهودية خلف خط بارليف بقناة السويس، مؤكداً أنه استمر فى المهمة التى كلف بها حتى عيد الفطر المبارك لعام 1973م أى قرابة الـ20 يوماً، وهو يقوم بأعمال زرع الألغام، لإحباط أية محاولات من قبل القوات الإسرائيلية للدخول من تجاه تواجد كتيبتهم، وردعهم بتلك الألغام.
ويضيف بطل حرب أكتوبر الأقصرى عبد المعين، أنه خلال قيامه بأعماله فى زرع الألغام مع انطلاق الحرب تلقى تعليمات صارمة بضرورة الحفاظ على روحه أثناء التعامل، ولكنه كان لا يهاب الموت واستمر فى زرع الألغام فى محيط المنطقة بالكامل، فشاهد عدد من الطائرات الصهيونية تلقى على المنطقة التى يتعامل فيها قنابل زمنية، فأنهى ما بحوزته من ألغام وزرعها تماما، وعاد أدراجه وباقى أبطال السرية عقب انتهاء مهمتهم إلى الكتيبة ولم تفلح القنابل الزمنية فى إصابتهم.
واستطرد الحاج عبد المعين عبد الراضى، "أنه منذ يوم 6 حتى 12 أكتوبر بدأ الحصار الإسرائيلى على القوات وكتيبته، وكان لا يوجد أكل ولا شرب، فكانت علبة الفول تقسم على 8 أفراد وزجاجة المياه كانت لـ6 أفراد من الجيش، وممنوع عليهم إرسال التلغرافات لأسرهم، وصبروا حتى النهاية وانتهاء الحرب تماماً، فلم يستطعوا التواصل مع أسرهم، فظن أهله وأبناء قريته بإسنا جنوبى المحافظة أنه استشهد فى الحرب وأقاموا له سرادق العزاء، وعقب الموافقة على 5 أيام إجازة له من الجيش، توجه ووجد سرادق عزاؤه مقاماً أمام منزلهم، وانقلبت الجنازة لحفل وأطلقت الزغاريد من والدته وجميع أفراد أسرته.