تناول الكُتاب بصحف الخليج اليوم السبت العديد من القضايا العربية والدولية، أبرزها خطر فيروس كورونا على الإنسانية حيث أصبح يسيطر على جميع الأفكار والمقالات، حيث سلط كُتاب الخليج عن الخسائر المتوقعة بسبب احتياج فيروس كورونا لأكثر من 200 دولة بالعالم، فيما سلط مجموعة من الكتاب السيناريوهات المتوقعة للعالم حال القضاء على كورونا وتحسن الأحوال.
حمّى «كورونا» تضرب الإنسانية؟!
وفى صحيفة الشرق الأوسط طتب راجح الخوري، عن حمى كوورنا، قائلا :" سقطت ردهات الأسهم في دول العالم، هناك الآن بورصة جديدة، بورصة «كورونا» التي تجدها في كل وسيلة إعلامية، تقدم أرقاماً متتابعة وتقيم عدادات مرعبة لعدد المصابين والموتى والناجين، وكل ذلك فيما يشبه حرباً عالمية رابعة، لم تكن الدول ولا الحضارة الإنسانية ولا التقدُّم العلمي ولا التنافس في المختبرات قد حسبت أنها ستدهم العالم بهذا الشكل الفاجع والمخيف!
شهران على ظهور ذلك الوباء غير المرئي في ووهان الصينية كانا كافيين حتى الآن لتحويل معظم منازل العالم، كما سبق أن كتبتُ هنا، سجناً أو كهفاً ليس فيه سوى الانتظار والعجز والذهول والذعر والهول، أين ذهب كل هذا الضجيج الذي كان يسيطر على هذا الكوكب؟ لماذا هذا اليأس المتزايد والخوف؟ والسؤال الأهم: لماذا يبدو أن هذا العالم ينقلب رأساً على عقب في كل شيء تقريباً؟!
سبق للطبيعة أن أخضعت الإنسانية لدروس وبائية كثيرة حصدت من الضحايا عشرات أضعاف ما قد يحصده وحش «كوفيد - 19»، لكن الإنسان تمكّن دائماً من الانتصار في النهاية، وهو ما يجعل العالم كله معلقاً بأمل خيط الخلاص، عبر حقنة دواء أو حبة علاج، تعيد الدنيا إلى رشدها، وتجدد رجاءها وطموحها، وتنهي ذعرها المتزايد!
كان الانتصار العلمي والإنساني سلسلة متلاحقة عمّقت الثقة، وهي الثقة التي يحلم بها العالم، رغم سرعة اجتياح «كورونا» للكوكب، أولم نتمكن من القضاء على الطاعون، والجدري، والكوليرا، والتيفوئيد، والحصبة، وشلل الأطفال، والسعال الديكي؟! ثم... أولم نتغلب على الفيروسات المنتقلة إلينا من الحيوانات، مثل هانتا، وسارس، وميرس، وإيبولا، وإنفلونزا الخنازير، وإنفلونزا الطيور، إلى أن واجهنا الإيدز الذي تفلّت لينتشر عالمياً؟!
لكننا الآن، في كهوفنا المنزلية، وبعدما قال رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، لمواطنيه قبل يومين: «الزموا بيوتكم»، صار واضحاً أن ثلث سكان العالم في الحجر المنزلي، أي 2.6 مليار شخص من أصل 7.8 مليار نسمة، بحسب الأمم المتحدة.
لكن جائحة «كورونا» لا تقتل البشر فحسب، بل تستطيع أيضاً إلحاق الشلل القاتل بالحركة الإنسانية في 175 دولة، حتى يوم الأربعاء، ولحركة الشلل هنا بورصتها الكارثية على صعيد الاقتصاد والتعليم والثقافة والتجارة أيضاً، وقبل أن نقرأ مثلاً أن سياسة الإغلاق الكامل وإعلان الطوارئ شلّا الحركة الدولية في العالم، وحتى إنهما حوّلا مطارات كثيرة سجوناً لمسافرين عالقين فيها، ولطلبة يتضورون جوعاً بعيداً من بلدانهم، وهؤلاء بالخصوص من لبنان، قبل هذا تعالوا إلى الأرقام المعلنة يوم الخميس الماضي:
فعلاً، يا للهول، عندما تنهار منظومة الحياة الحضرية تقريباً، وعندما يصبح غزو القمر وريادة الفضاء، ومطارات ومحطات القطارات والساحات، وجامعات العالم وضجيج كرة القدم وروعة الأوركسترات، لا شيء أمام عودة الأنانية المتوحشة وبأشكال مختلفة عند كثير من الناس المذعورين في العالم.
وإذا كان مفهوماً أن نتوقف عن المصافحة والعناق والاقتراب لضرورات الوقاية، فمن غير المفهوم مثلاً أن تحاول بعض المستشفيات عدم استقبال المصابين حرصاً على مرضاها الآخرين، وربما على السمعة، لكن المخيف أكثر أن يستيقظ وحش الإنسانية والفردية عند الكثيرين، وهنا ما الفرق مثلاً بين سكان بناية في لبنان، أو أي بلد آخر، يتصدون للصليب الأحمر، لمنعه مثلاً من إعادة مريض شُفي من الوباء إلى منزله، خوفاً على أرواحهم، وبين أن تقرأ تصريحاً للأميركي المدعو ديفيد ستون، وهو صاحب متجر أسلحة في أوكلاهوما، يقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد سجلنا مبيعات للسلاح بنسبة تجاوزت 800 في المائة، ولكأننا عدنا إلى زمن الكاوبوي، فالناس حتى في دول أخرى يتهافتون على شراء الأسلحة، خوفاً من أن تتحول عاصفة (كورونا) والانغلاق المتزايد، أزمة اجتماعية حياتية لحماية النفس من صديق الأمس، وربما من الأخ، وربما من أجل رغيف خبز»!
وكل الأمل أن يتوصل السباق الدولي بين أكثر من خمسين مختبراً، إلى اكتشاف سريع لدواء لا يعالج وباء «كورونا» فحسب، بل يعيد كوكب الأرض إلى رشده، وينقذه من العودة إلى التوحُّش في الكهوف!
الذكاء الصناعي وامتلاك المستقبل
فيما سلط الكاتب عبدالله جمعة الحاج، بصحيفة الاتحاد الإماراتية الضوء على الذكاء الصناعى، قائلا :"بالنسبة للعديد من البشر على مدار الكرة الأرضية أصبح الذكاء الصناعي، شيئاً براقاً ولامعاً يمكن إدراكه بالحواس في عالم التكنولوجيا الحديثة وأفقها الواسع.
لكن المسألة ليست بهذه البساطة وتحتاج إلى توضيح «وإن كان مختصراً» لكي يتم تزويد القارئ بمحتوى يساعده على فهم المقصود من مقولة الذكاء الصناعي.
وحقيقة الأمر أن الذكاء الصناعي يتكوّن من مادة علمية ضخمة وآلات تُعلم البشر وعدد من ضروب التكنولوجيا المتقدمة التي تتيح للآلات العمل بطرق يصفها البشر بأنها ذكية، لأنها تقوم بنفس الأشياء التي يمكن للبشر القيام بها في الحياة العادية.
على سبيل المثال أنظروا إلى ما يقوم به تطبيق خرائط جوجل الذي يوصلنا من مكان إلى آخر بإرشاده لنا على خريطة أمامنا على شاشة الهاتف النقال أو أجهزة لوحة تشغيل السيارة، أو الأجهزة والتطبيقات المتعددة التي تساعدنا في الوصول على الطرق البرية أو في عرض البحر بأقصر الطرق وأسهلها.
توجد اليوم العديد من الآلات التي تقوم بأداء مهمات خارقة لا يستطيع البشر العاديون القيام بها بمفردهم بسهولة، كجهاز أمازون المسمى «إي رايلي» الذي يوفّر للمشترين مقترحات بأفضل السلع المطلوب شرائها وأماكن تواجدها حول العالم وأثمانها من أرخصها إلى أغلاها، أو الطابعات ثلاثية الأبعاد التي أضحت تقوم بالعجب العجاب، أو الفئران الصناعية الصغيرة جداً التي يستخدمها الأطباء عن طريق إدخالها في أجسام البشر المرضى للمساعدة في إجراء أدق وأعقد العمليات الجراحية، أو الآلات المبرمجة التي تتمكن وبشكل اعتيادي من هزيمة البشر في لعبة الشطرنج التي كانت لعبة البشر الأذكياء وحدهم.
لقد صارت هذه الآلات تهزم أذكى الأذكياء من أساتذة الشطرنج العالميين. لذلك فإن شركات تكنولوجيا المعلومات، خاصة الكبرى منها بما في ذلك فيس بوك وأبل وأمازون ونيت فليكس وجوجل وبيداو وعلي بابا وغيرها تراهن في ميزانياتها السنوية الضخمة جداً الخاصة بالبحث العلمي والتطوير على ثورة الذكاء الصناعي القادمة.
أهمية الذكاء الصناعي تعود إلى أمرين أساسيين في حياة الأمم والشعوب الحية في عالم اليوم هما الصعيد الاقتصادي والصعيد العسكري - الاستراتيجي - الأمني. لذلك فإن الأمم المتقدمة تنظر إلى المسألة بشمولية ولا تحصرها في الأهمية الاقتصادية وحدها وكسب المال، فنراها، خاصة الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا واليابان وعدد من دول الاتحاد الأوروبي تذهب إلى ما وراء إدراكها بأن هذا التناسب التكنولوجي واعد بأن يصبح الموجه الأكبر للتقدم الاقتصادي على مدى ربع قرن القادم.
بالنسبة لهذه الدول الذكاء الصناعي هو مهمة وطنية كبرى على الصعد استراتيجية - العسكرية - الأمنية - السياسية ضمن الإطار الأعم لحماية الأوطان بما في ذلك الحروب الساخنة والباردة، المرئي منها والخافي.
ربما أن البعض يرى بأن هذا الحديث مبالغ فيه، لكنه حديث يتعلق بالقيم وله مصداقية لدى قادة الدول حول العالم. بعض من هؤلاء قد يعتقدون بأن بلادهم محصنة، ولا يمكن التأثير عليها بسهولة من قبل الذكاء الصناعي، ولكل منهم تبريره، البعض يؤمن بأن بلاده تقود على صعيد الذكاء الصناعي ولا يمكن اللحاق أو الإضرار بها، وآخرون يعتقدون بأن حلفاءهم وشركاءهم وأصدقاءهم في المجتمع الدولي سيساعدوهم عند الضرورة، وفريق ثالث قد يعتقد بأن مثل هذا الخطر غير موجود جملة وتفصيلاً ولا يوجد مبرر للخوف منه.
وبنفس الطريقة العديد من الجهات المسؤولة في الأمن العسكري والوطني للعديد من الدول يصر على أنه في مجال الذكاء الصناعي المسألة مجرد أبحاث اقتصادية وتطوير للصناعة الاستهلاكية ليس إلا ولا يوجد خطر حقيقي مستقبلي على دولهم وأمنها الوطني.
كلا هاتين النظرتين خاطئة ومبتسرة لأن الحقيقة تكمن في أن العديد من الدول التي قطعت باعاً طويلاً في مجال الذكاء الصناعي لم تفعل ذلك كتمارين علمية وتدريب للعقول في فراغ خال من أهداف استراتيجية وعسكرية وأمنية إلى جانب أهدافها الاقتصادية، وهي تقف على أهبة الاستعداد لتحقيق مصالحها كافة على الصعيدين الأمني العسكري الاستراتيجي والاقتصادي عن طريق استخدام وسائل الذكاء الصناعي إن لم يكن ذلك اليوم أو غداً، فإن المستقبل كفيل بأن يكشف ذلك، وإن غداً لناظره قريب.
أوبئة غيّرت مسار البشرية
بينما رصد الكاتب إبراهيم العمار بجريدة الرياض السعودية ، الأوبئة التي غيرت تاريخ البشرية، قائلا :"لا نزال في بداية أزمة فيروس كورونا الشرس فيما يبدو، نسأل الله أن تمر بسرعة، ومن الآن ظهرت أشياء غريبة في تصرفات الشعوب، فترى الاقتتال على السلع، ونفاد المعقمات والأقنعة، والضغط على المستشفيات، وهذه كلها قصيرة المدى، لكن ما الآثار الممتدة لـ"كوفيد - 19"؟
لا يمكن الجزم الآن، لكن بلا شك ستظهر آثار أعظم مما نعتقد، ولنا في التاريخ سوابق، فلما استحال السل وباءً في أميركا منتصف القرن التاسع عشر اعتقدوا أن السبب تلوث الهواء، نظرية روّجها طبيب من نيويورك، ذلك أنه لما ترك المدينة الكبيرة وذهب لجبال أديرونداك في نفس الولاية لاحظ تحسناً، فنصح الناس أن يتنفسوا الهواء النقي ويختلطوا مع الطبيعة العذراء، وفي تلك الفترة لم تكن الولايات المتحدة قد اتسعت كما نراها اليوم، والمناطق الغربية لم يقربها الأميركان من قبل وكانت مكاناً آمناً للهنود الحمر، لكن لما اجتمعت عدة أسباب كالبحث عن الذهب والرغبة في التوسع ومنها الاستشفاء نزح الكثير غرباً وهذا سبب مناوشات مع الهنود الحمر وإبادة لهم، ومن نجا فقد رُحِّل قسراً إلى ولايات أخرى، واستمروا في الهجرة غرباً حتى وصلوا أوريغون وكاليفورنيا وساحل المحيط الهادي، وفي خضم هذا كله اندلعت حرب بين أميركا والمكسيك، واستحوذت أميركا على ولاية تكساس.
أيضاً من الآثار الكبيرة للأوبئة ما فعلته الحمى الصفراء بالغزاة الأوروبيين في البحر الكاريبي، فقد فَتك بالبريطانيين وأباد قرابة 70 % منهم في بعض الحالات، وأسوأ ما حصل هو لما أغاث هذا الوباء الإفريقيين الذين وُضعوا تحت جبروت الغزو الفرنسي، فقد كانوا تحت استعباد غزوٍ عنيف، ولما ثاروا وخلعوا العبودية أمر نابليون بإرسال جيش يخضعهم ويُرجعهم عبيداً، ونابليون محنك وقوي وأرسل قائداً كفؤاً من أقاربه في كتيبةٍ محترفة ضد مدنيين لم يتعودوا على القتال - فضلاً عن قتال جيش إمبراطوري متمرس -، ولما ظهر كأن مجزرة مهولة على وشك أن تحصل لم يكد الجنود الفرنسيون يحطون رحالهم هناك حتى فزعوا من تساقط جيشهم مريضاً بالحمى الصفراء التي ينقلها البعوض، وهلكت جماعات من الجنود أمام حيرة القيادة، بل حتى القائد نفسه قتلته الحمى، فأمر نابليون بسحب من بقي منهم، فرجع 8 آلاف من 30 ألفاً! فتحرر العبيد وظهرت دولة هايتي المستقلة.
هكذا التاريخ، كل شيء يكاد يرتبط بكل شيء آخر، ولا يعلم إلا الله أبعاد ما نرى الآن.