بعد شهور من استفزاز دول شرق المتوسط، ومحاولاته التنقيب عن النفط بمنطقة لايملك حق السيادة فيها، وتهديدات الاتحاد الأوروبى بفرض عقوبات عليه، واتفاقيات دولية ضده، تراجع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، معلنًا لشعبه اكتشافه أكبر حقل للنفط للغاز في تركيا الذي يحوي على 320 مليار متر مكعب، بعد تنقيب السفن التركية في البحر الأسود.
وجاءت تصريحات أردوغان بعد اجتماع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بضرورة احترامه سيادة الدول وعدم التعدى على حقوق دولة اليونان وقبرص، كوسيلة لحفظ ماء الوجه أمام شعبه خوفًا من خوض حرب خاسرة وعزلة عن العالم لا تأتى إلا بتدهور إضافى لاقتصاد تركيا، الذى تسبب فى انهياره خلال السنوات القليلة الماضية.
وتمهيدًا لتصريحاته اليوم، أعلن أردوغان أمس، عدم قدرته على مواجهة الجيش المصرى، والخوض معه فى أى حروب، قائلًا: عند النظر إلى المشهد العام في ليبيا يتضح عدم وجود نية لدينا بمواجهة مصر أو فرنسا أو أي بلد آخر في ليبيا.
وقال أردوغان فى خطابه اليوم، إن سفينة "فاتح" للتنقيب بدأت بعمليات التنقيب وحصلت على 320 مليار متر مكعب للغاز الطبيعي وهو أكبر حقل غاز بالنسبة لتركيا، وانفتحت أبواب جديدة أمامنا وستكون في المستقبل مهمة للكثير من القطاعات، ونحن على رأس القائمة في مجال الصناعة والاقتصاد.
كما يأتى تراجع أردوغان بعد أن تخلى عنه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، وأعلن وقفا فوريا لإطلاق النار وتعليق كل العمليات العسكرية في كافة الأراضي الليبية.
ودعا المجلس في بيان له لانتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس المقبل، مؤكدا أن وقف إطلاق النار يقتضي أن تكون سرت والجفرة منزوعتي السلاح.
وأورد بيان حكومة طرابلس أنه لا يجب التصرف في إيرادات النفط إلا بعد التوصل إلى ترتيبات سياسية جامعة وفق مخرجات مؤتمر برلين.
وطالب بأن تكون المؤسسة الوطنية للنفط هي الوحيدة التي يحق لها الإشراف على تأمين الحقول والموانئ النفطية في جميع أنحاء ليبيا.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، قد أعلن أمس، أنّ نظيره التركي رجب طيّب أردوغان ينتهج "سياسة توسّعية تمزج بين المبادئ القومية والإسلامية ولا تتّفق والمصالح الأوروبية وتشكّل عاملاً مزعزعاً لاستقرار أوروبا".
وقال ماكرون في مقابلة أجرتها معه مجلة "باري ماتش" إنّه "يجب على أوروبا أن تتصدّى لهذه الأمور وجهاً لوجه وأن تتحمّل مسؤوليتها، قائلًا: أنا لست مع التصعيد، لكن، بالتوازي، أنا لا أؤمن بالدبلوماسية الضعيفة .
وتدهورت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة، في وقت تتصرف فيه أنقرة كقوة إقليمية في شرق البحر المتوسط.
وتعرضت تركيا لانتقادات كثيرة من الاتحاد الأوروبي ، كان آخرها بعد إعلانها تمديد أعمال التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط قبالة سواحل قبرص حتى منتصف سبتمبر.
وزادت حدة التوتر في الأسابيع الأخيرة بين تركيا واليونان، العضو في الاتحاد الأوروبي، بشأن حقوق التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط.
وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إنّ خطة التنقيب التركية المتجددة تغطي منطقة حددتها قبرص ومصر وتثير توترات، ودعا إلى وقف فوري لأنشطة تركيا وبدء الحوار.
كما احتجت اليونان على أعمال التنقيب التركية في المنطقة ووصفتها بأنها غير مشروعة بدعوى أنها "تجري في مياهها الإقليمية".
لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن "لغة العقوبات والتهديدات" لن تردع أنقرة.
على صعيد آخير لم يكن الوضع مع ألمانيا جيدًا، ومن أسباب الخلاف بين ألمانيا وتركيا قضايا حرية التعبير، إذ قضت محكمة تركية قبل أيام بسجن الصحفي التركي الألماني دينيز يوجيل، من صحيفة "دي فيلت" الألمانية، لمدة ثلاث سنوات غيابيا، بعد إدانته بنشر "دعاية" داعمة لجماعة كردية، وقد سجن يوجيل سابقًا في تركيا لمدة عام قبل أن يطلق سراحه.
وطالب وزير الخارجية الألماني ، الأسبوع الماضى تركيا بالتوقف عن عمليات التنقيب قبالة سواحل قبرص، متحدثًا عن أنّ العلاقات المتوترة بين اليونان وتركيا يمكن أنّ تتحسن إذا أوقفت أنقرة "الاستفزازات" في إشارة إلى التنقيب التركي عن الغاز في شرق المتوسط والذي يعتبره الاتحاد الأوروبي غير شرعي.