السبت، 23 نوفمبر 2024 02:57 ص

"أرض الألم" الحلقة 4.. صحة لبنان فى"العناية الفائقة".. القطاع الصحى يواجه تحديات تفشى كورونا والأزمة الاقتصادية وهجرة الأطباء.. مرضى يشكون نقص الأدوية والإهمال.. مواطن: والدى انتظر دوره فى المستشفى إل

"أرض الألم" الحلقة 4.. صحة لبنان فى"العناية الفائقة".. القطاع الصحى يواجه تحديات تفشى كورونا والأزمة الاقتصادية وهجرة الأطباء.. مرضى يشكون نقص الأدوية والإهمال.. مواطن: والدى انتظر دوره فى المستشفى إل صحة لبنان فى"العناية الفائقة"
الجمعة، 27 نوفمبر 2020 06:07 ص
ـمرضى كورونا يشكون الإهمال..ابنة أحد المتوفين بكورونا: تركوا أمى فى غرفة غير آدمية بدون أكل ولا أدوية وبعدها بساعات ماتت.. مواطن: ليس لدينا مستشفيات مجهزة لاستقبال كورونا.. ومريضة بمحافظة عكار: دخلت مستشفى لأجرى عملية المرارة فقطعوا لى نصف الكبد.. وزارة الصحة: الأمر يتطلب التحقيق وهناك فريق من"الصحة العالمية" لتعزيز قدرات المستشفيات. بعيون زائغة وصوت مرتعش تلعثمت نوال السعدى، 55عاما ومريضة سكر ،ثم تساءلت: هل سنُحرم من الدواء أيضا؟!"..سؤال وجهته"نوال" للمسئولين حينما التقيناها، وهى تسير بشارع الحمرا وسط بيروت، يلخص مخاوف المرضى فى ظل معاناتهم جراء الأوضاع الحالية بلبنان، وأضحى السؤال يتردد على ألسنة كثير من اللبنانيين بالتزامن مع إعداد الحكومة استراتيجية جديدة للدعم، لم تقرها بعد. "مستشفى الشرق" اللقب الذى حصده لبنان منذ التسعينيات لتميز القطاع الصحى به، ولكن مع تدهور أوضاعه أضحى فى""العناية الفائقة"! "إلغاء دعم الدواء"ليس الأزمة الوحيدة بالقطاع الصحى اللبنانى، فهناك تفشى جائحة"كورونا"فى ظل ضعف إمكانيات القطاع الطبى، مادفع البلاد منتصف نوفمبر للإغلاق التام15يوما، فيما أعلن وزير الصحة فى حكومة تصريف الأعمال حمد حسن عن بارقة أمل، باتفاق مع شركة "فايزر"لحصول لبنان على اللقاح فى الربع الأول من2021. وعلى الجانب الآخر يصرخ المرضى من الإهمال وارتفاع الأسعار وغياب الرقابة، فى الوقت نفسه تشكو المستشفيات من تراكم مستحقاتها المالية لدى الدولة، ملوحةً بإغلاق أبوابها بوجه المرضى، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تلقى تضع قيودا على استيراد المستلزمات الطبية بسبب نقص الدولار وتقييد قدرة المستشفيات على السحب من الحسابات المصرفية، ما يضعها على أبواب أزمة غير مسبوقة. كل هذا يأتى فى وقت لايزال القطاع الاستشفائى منهكاً يعانى جراء خسائره الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت.. بين المسئولين والمرضى والطواقم الطبية.. نتناول فى هذا الملف أزمات ومصير القطاع الصحى بلبنان.. التقينا عددا من المرضى وذويهم (15مريضا ومريضة) بمدن مختلفة لننقل معاناتهم، من بين هؤلاء..الحاجة منى إيراهيم، 70عاما من بيروت، التى تحدثت متململة من شدة الألم، فهى تعانى الفشل الكلوى، يرافقها قى رحلة العلاج زوجها: "أنا مريضة كلى وقلب وضغط، زوجى بيدفع كل معاشه وبيداين لأشترى الأدوية وأحياناً ولاد حلال بيساعدونى، لكن الأسعار بترتفع يوميا، وفيه أنواع مش بنلاقيها، وغير متوفرة فى مركز التوزيع التابع للوزارة..عملت عملتين قسطرة قبل كدا ودلوقت محتاجة عملية تالتة ومامعى حقها..لو لغوا الدعم على الأدوية بدنا نموت! المرضى بين التلاعب والإهمال بصوت خافت تخنقه مرارة الألم والعوز، تقول شيمول باربين:" أُصبت فى انفجار بيروت ومازلت أتلقى العلاج ،أحتاج عدة عمليات لذراعى وضهرى، وما معى مصارى وكتير من الأدوية غالية وما قادرة أشتريها..ومانى عارفه شو أعمل؟ تستكمل عائشة محمد، 55عاما من محافظة عكار، الحديث عن المعاناة التى يعيشها المرضى، فتقول: "تعرضت لمأساة بعد دخولى أحد المستشفيات، لأجرى عملية المرارة فقطعوا لى نصف الكبد بالغلط، وماحد قالى الحقيقة، ضلت حالتى الصحية تزداد سوء، لحد ما اكتشفت المصيبة بعد ماعملت الأشعة بمستشفى تانى!". بالكاد تستكمل الحاجة عائشة سرد قصتها، قائلةً:"كان زوجى الله يرحمه عنده أعراض ذبحة صدرية وبيموت،لكن فى المستشفى قالوا له ما فيك شئ روح، وبعد ما وصل البيت بساعات ساءت حالته ونقلناه لمستشفى فبلغونا أنه كان معه ذبحة وما لحقوه فاتوفى..أنا وزوجى ضحايا الإهمال وفيه غيرنا كتير..مين يرجعنا لنا حقوقنا؟ أضاف نادر أحمد، من صيدا بالجنوب، أب لثلاثة أطفال، قائلا:"نعانى أزمة بسبب تلاعب المستشفيات بالأسعار فى ظل غياب الرقابة، فبعد ولادة زوجتى على الضمان الاجتماعى، طالبنى المستشفى بمبلغ كبير كفرق تكاليف الوزارة لكنه أعلى بكثير من النسب المعلنة، وما كان معى مصارى فاحتجزونا بالمستشفى حتى دبرت المبلغ من أصدقاء لى..الأسعار مرتفعة وبنفس الوقت الخدمات سيئة". نار الأسعار يشكو منها أيضا عبدالقادر عتر، من سكان شمال لبنان، فيقول:"المرضى بيعانوا معاناة كبيرة واللى بيمرض ماحد بيعينه إلا الله، اللى ما عنده ضمان صعب يفوت على المستشفى فالأسعار فوق الاحتمال، وإذا بيفوت على حساب وزارة الصحة فحدث ولا حرج عن الإهمال، ولازم واسطة حتى يقبلوه". يضيف عتر: أما بالنسبة للأدوية، فأنواع كتيرة منها مختفية من السوق، وإذا وجدت فأسعارها تكون فوق طاقتنا، أنا كل دخلى تقريبا بصرفه على الأدوية فدواء السكرى بـ 60 ألف، ودواء الأعصاب حقه 70ألف، بضطر اشتريه بالظرف (الشريط) مامعى حق علبة، وكتير غيرى متلى، فإذا التغى الدعم كيف هيكون حالنا؟! استكمل قائلا،"بعد جائحة كورونا المعاناة تضاعفت لأن المستشفيات ما فيها خدمات للأمراض العادية، والطواقم الطبية أصبحت بأقل مستويات الكفاءة". مافيا الأدوية وفى الوقت الذى يعانى المواطن نقص الأدوية الأساسية، تقوم صيدليات بسحب الأدوية الأساسية للمرضى وحليب الأطفال من السوق وتخزينها بالمخازن لتهريبها للخارج أو بيعها بأضعاف أثمانها، وهو ما كشفته حملات قامت بها وزارة الصحة مؤخراً، كما تم ضبط شحنتي أدوية مهربة بالمطار، وفى هذا السياق أشار وزير الصحة إلى التصدى لمافيا الأدوية وتهريبها، مؤكدا بدء انهيارها واتخاذ إجراءات تضمن التوزيع العادل للأدوية بكافة أنحاء لبنان وضبط من يحتكرونها بينما المواطن يعانى من نقصها. عمل المستشفيات على المحك "الوضع كارثى وسينتهى للانهيار حال لم تضع الحكومة خطة إنقاذ"..يصف الدكتور هارون سليمان نقيب المستشفيات مجمل وضع القطاع الصحى بلبنان، وفى التفاصيل قال، إن القطاع مازال يعانى جراء الخسائر التى تكبدها فى انفجار المرفأ وتبلغ قيمتها حوالى100مليون دولار، ولحق الدمار بـ40مستشفى تتركز فى مناطق بيروت وبعبدا والمتن الشمالى، منها 3مستشفيات بها تدمير كلى إضافة للخسائر من الأجهزة الطبية، وحتى الآن لم تتقدم أى جهة لمساعدة تلك المستشفيات على إعادة التأهيل. أضاف سليمان، أن أزمة الدولار أدت لارتفاع جنونى فى أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية التى يتم استيراد حوالى 80%منها، ورغم أن دعم الأدوية تصل نسبته لـ 85%، لكن كثير من المرضى أصبحوا غير قادرين على الدفع بعد تدهور سعر الليرة، فكيف سيكون الحال بعد إلغاء الدعم؟ ! بالتأكيد سيعجز المواطن عن شراء الأدوية ولن تستطيع المستشفيات إجراء عمليات جراحية بسبب كلفة المستلزمات الطبية خاصة أن جائحة كورونا و الانفجار قد أفرغا المستشفيات من مخزونها، لذا حذرنا وزارة الصحة ومصرف لبنان من خطورة إلغائه، وكان رد المصرف أن ليس لديه احتياطى نقدى أجنبى كافٍ ليستمر بالدعم. وأوضح هارون، أن كلفة علاج مصابى الانفجار تتجاوز 30 مليون دولار، حسب التقديرات الأولية للنقابة، والقطاع الاستشفائى تحملها كاملة فوزارة الصحة لم تقم بسداد نصيبها، وقد أصبح كثيرا من المستشفيات مهددا بالتوقف عن استقبال المرضى و15مستشفى على وشك الإغلاق إذا لم تحل الأزمة. وأشار إلى أن المستشفيات الخاصة، والتى تمثل80%من القطاع الاستشفائى فى لبنان، تعانى بسبب ديونها المتفاقمة بالتزامن مع أزمة القطاع المصرفى، إضافة لضعف مواردها، وتخشى هذه المستشفيات والتى تشكل85%من الخدمات الصحية في لبنان أن تغلق أبوابها، موضحا أن المشكلة مزمنة ولكن ازدادت تفاقما بتراكم الديون المستحقة على وزارة الصحة والجهات الضامنة،منها الجيش والأمن الداخلى، وتبلغ قيمة المديونية450 مليار ليرة خلال الفترة من 2012إلى2018. يضيف الدكتور سليمان، أن أمام هذا الكم من الديون تم تقليص الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، وإغلاق عدد من الأقسام بالمستشفيات، ماترتب عليه تسريح بعض الموظفين، فقوام القطاع الاستشفائى الخاص فى لبنان 25ألف موظف وتقنى، إضافة إلى7آلاف طبيب، تم حتى الآن تسريح 2500ما بين موظفين وأطباء. أضاف سليمان ، أن التعميم الصادر عن المصرف المركزى رقم573 ويلزم الشركات المستوردة بدفع المبالغ المتوجبة عليها للمصارف نقدا والتى تقدر ب52مليار ليرة تقريبا، بمثابة الضربة القاضية للمستشفيات ويهدد بتوقفها عن استقبال المرضى قريبا، فى ظل عدم قدرة الشركات على توفير مبالغ نقدية وبالتالى وقف الاستيراد، ما يخلق أزمة كبيرة بين تلك الشركات والمستشفيات، وأكد سلمان أنه إذا لم يستثنى مصرف لبنان القطاع الصحى من هذا القرار فنحن ذاهبين للأسوأ، والفاتورة الباهظة سيتحملها المريض . مستشفى الحريرى يواجه خطر! جانب آخر من معاناة القطاع الطبى يوضحه الدكتور إدجار جوجو مدير مستشفى الروم الجامعى فى بيروت، قائلا إن الأوضاع ازدادت صعوبة بعد هبوط سعر الليرة وإن كان مصرف لبنان وضع سعر دولار خاص للأدوية وبعض المستلزمات الطبية، ولكن تبقى الأجهزة وقطع الغيار بسعر السوق السوداء. اتفق معه فى الرأى الدكتور فراس الأبيض مدير مستشفى رفيق الحريرى الحكومى ببيروت ،وهو المستشفى الحكومى الأكبر بلبنان، مؤكدا أن سعر الصرف أصبح المشكلة الأساسية التى تواجه القطاع الصحى، ما أثر على تجهيزات المستشفيات، مشيرا أن الظروف الاقتصادية التى يمر بها لبنان جعلت الدولة، تتوقف عن دفع مديونياتها للمستشفيات والتى تقدر بـ200مليون دولار للمستشفيات الحكومية، وقد خاطبنا وزارتى الصحة والمالية عدة مرات، دون جدوى، وإذا استمر الوضع فلن نستطيع تقديم الخدمات للمواطنين خاصة أن الضغط على المستشفيات الحكومية ازداد بعد ارتفاع نسبة من هم تحت خط الفقر. أضاف الأبيض، أن مستشفى الحريرى يواجه كثيرا من الضغوط بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية خاصة مع حتمية تجهيزه لاستقبال حالات كورونا فى الوقت الذى لم يتلق الدعم المطلوب لهذا التجهيز. ولفت إدجار جوجو مدير مستشفى الروم، إلى أن تسعيرة الضمان الاجتماعى بعد انهيار الليرة أصبحت "سخيفة "وظالمة، فما يدفعه الضمان يعادل15 دولارا تقريبا للغرفة شامل إقامة المريض والتمريض والوجبات الغذائية ، والعمليات كلفتها أكبر من قيمة الضمان، والمستشفيات تتحمل الفارق، أضاف:"للأسف الدولة نائمة والمسئولون يستغلون الضعيف". يضيف الدكتور جوجو، ونتيجة كل هذه المشكلات قررت نقابة المستشفيات التوقف عن استقبال الحالات التابعة للضمان الاجتماعى بشكل مؤقت. الأوضاع الصحية بالشمال شمال لبنان يعانى معاناة مضاعفة فى القطاع الصحى بسبب إهمال وزارة الصحة للمحافظة، وفق ما أكد النائب المستقيل مصباح الأحدب، فالمستشفيات تفتفر لأبسط التجهيزات الطبية. "غرفة مزدحمة بأَسرة المرضى، وسرير كسوته متسخة، نزولا لأرضية أكثر اتساخا بالمخلفات"، هكذا وصف لنا فراس رجبى بشمال لبنان،والد الطفلة دانيلا، مشهد الغرفة التى استقبلت طفلته عقب ولادتها، وأضاف قائلا: "أعمل سائق شاحنات ورغم ظروف المعيشة زوجتى ولدت بمستشفى خاص لأن الحكومى عندنا موت مؤكد، ما فيها الحد الأدنى للرعاية أو التجهيزات، وحتى الخاص إمكانياتها يادوب وبدون رقابة". يستكمل قائلا: "بعد الولادة الطفلة مرضت فوضعوها فى غرفة بها3مرضى كبار السن، حتى مقياس الحرارة ماكان متوفر، بعد 3أيام قالوا لنا أن ما فيها شئ رغم أن كانت مصابة بالتهابات مابنعرف سببها، بعد 12ساعة أصيبت بانتكاسة فذهبنا بها لمستشفى آخر اكتشفنا أن حالتها صعبة ومصابة بالتهابات حادة بسبب عدوى فيروس روتا من مستشفى الولادة..لأسف الوضع الصحى مخزى! كيف أثر الانفجار على القطاع؟ يقول الدكتور إدجار جوجو مدير مستشفى الروم، إن الانفجار عمق أزمات القطاع التى يعانى منها منذ سنوات على نحو خطير، فخسائرنا الناجمة عن الانفجار تقدر بـحوالى40ألف دولار، ومازالت أقسام منه تحت الترميم، هذا إلى جانب الكلفة الباهظة لعلاج المصابين على نفقة الدولة التى لم تسددها حتى الآن. الدعم الدولى لقطاع الصحة قال الدكتور فراس الأبيض، إن المساعدات الطبية الدولية لعبت دورا مهما فى مساندة المستشفيات، كما أن لدينا شراكات مع عدة منظمات أممية لتقديم الخدمات الطبية للمواطنين. وأوضحت الدكتورة نجاة رشدى منسقة الشئون الإنسانية للأمم المتحدة بلبنان، إن الأمم المتحدة تعمل على دعم القطاع الصحى العام بلبنان، فتم تزويد 14مستشفى رئيسيًا بالأدوية والإمدادات الأساسية لدعم 2,600 عملية جراحية. موضحة: "أن القطاع الصحي في لبنان، لا سيما العام منه، يعاني منذ سنوات من تحديات بنيوية، لذلك عملنا على دعم النظام الصحي بشكل مكثف ومع تفاقم وباء كورونا والأزمة الحادة التي خلفها الانفجار، حرصنا على الاستجابة سريعاً لهذه الأزمات وتوزيع مواد طبية ومستلزمات جراحية للمستشفيات.كما تعمل الأمم المتحدة على تأمين التمويل اللازم لإعادة إعمار المنشآت الصحية المتضررة إثر الانفجار". هجرة الأطباء الأطباء فى لبنان يتحملون قسطا من المعاناة أيضا، عبر عنها الدكتور سليم بن صالح رئيس نقابة الأطباء بطرابلس، لـ "انفراد"، قائلا إن "معاناة الأطباء والممرضين دفعتهم للإقبال غير المسبوق على الهجرة، ما يهدد بفراغ فى الكفاءات بالقطاع الطبى، حيث بلغ عدد من هاجروا منذ نهاية أغسطس حتى منتصف أكتوبر 300طبيب تقريبا، ويصل معدل الهجرة من7إلى8أطباء أسبوعيا، ومن المتوقع أن تصل نسبة المهاجرين 25%من إجمالى العاملين، ويأتى هذا فى ظل إنهاء عقود بعضهم وتخفيض رواتب الآخرين، وتأخر استلام الرواتب لأكثر من6 أشهر بعد خصم نسبة تتراوح بين الـ45% و50%من قيمتها، وهذا كله يرجع لتردى مستوى الإدارة بوزارتى الصحة والمالية. يستكمل الدكتور سليم، حديثه قائلا: إن معاناة الأطباء ازدادت بعد انخفاض قيمة رسوم الفحص والمعاينة، فأصبحت تعادل 5دولارات فقط بدلا من 23دولارا. أضاف الدكتور سليم: خاطبنا وزارة الصحة بمعاناة الاطباء، وكان:"لا زيادة فى أتعاب الأطباء ولا إمكانية لتسريع عملية الدفع"! عبر عن تلك المعاناة الدكتور رحيم دنيا، قائلا:"قررت الهجرة لدبى، لا أستطيع الاستمرار فى ظل الوضع المتردى للقطاع الطبى، فالمستشفيات لا يمكنها توفير الاعتمادات الكافية، نواجه أزمات متعددة منها نقص مستلزمات الجراحة..أزمة فى رواتبنا أيضاً وغيرها". الخروج من الأزمة وعن حل أزمة المستشفيات قال الدكتور سليمان هارون، إن التعافى من الأزمة يستغرق 3سنوات تقريبا، ولا يمكن معالجة وضع القطاع الصحى بمعزل عن أوضاع البلد ككل، وبداية الحل أن تدفع الجهات التابعة للدولة المستحقات ولكن هذا صعب حاليا، إذن الحل هو الدعم الخارجى، وإلا فنحن مقبلين على كارثة، وأضاف:"تجُرى حاليا مفاوضات مع البنك الدولى للموافقة على قروض بقيمة500مليون دولار بفترة سماح 3سنوات والسداد على فترة 5سنوات". "كورونا"وجاهزية القطاع الطبى لـ"جائحة كورونا" وقع خاص فى بلد كاهله مثقل بأزمات طاحنة، ورغم أن الدولة مازالت قادرة إلى حد ما على التعامل مع الأزمة إلا أن الانتشار السريع له ـ حيث بلغ إجمالى الإصابات منذ21فبراير الماضى حتى الآن118664و934وفاة (وفق إحصائيات وزارة الصحة) ـ وسط أزمات عديدة يُهدد قدرة هذه المستشفيات على الاستمرار، خاصة مع إمكانية امتناع المستشفيات عن استقبال المزيد من الحالات غير الحرجة، فى ظل نقص الإمدادات الطبية والأدوية. وفى هذا السياق، أكد نقيب المستشفيات، عدم كفاية أجهزة التنفس وضعف جاهزية المستشفيات، ونقص العملة الأجنبية، يزيد المخاوف بشأن قدرة القطاع الصحى على مواجهة الوباء. ويعد مستشفى الحريرى الحكومى أكبر مستشفى يستقبل حالات كورونا، ومنذ بداية الجائحة أجرى 45ألف فحص كورونا، وفق تصريحات الدكتور فراس الأبيض مدير المستشفى، مضيفاً:"لدينا 122سرير وغرفة عناية فائقة و23جهاز تنفس". ويضيف الدكتور فراس الأبيض، أن لبنان لايزال فى مرحلة مقلقة جدا(الذروة)، وعدم القدرة على فرض الإغلاق لفترات طويلة بسبب الوضع الاقتصادى، يزيد الوضع سوءا، اما بالنسبة لاستعدادات لبنان للجائحة قال، يوجد220 سرير عناية فائقة لمرضى كورونا، ومدى كفايتها يعتمد على حجم انتشار الوباء. من جانبه أكد جورج كتانه الأمين العام لـ"الصليب الأحمر" بلبنان، أن الأوضاع الصحية فى لبنان مقلقة، وهناك صعوبة يواجهها بعض مرضى الأمراض المزمنة والسرطان فى الحصول على الأدوية لعدم توفرها ولارتفاع أسعارها، وستزداد المعاناة بعد رفع الدعم ونحاول المساهمة فى حل الأزمة، خاصة أن الانفجار أدى لخسارة جزء كبير من مخزون الأدوية، كما دمر مستشفيات مهمة، فبعض المستشفيات يحتاج40مليون دولار لإعادة تأهيله. وحدة العزل بمستشفى الحريرى بين المرضى المنتظرين أملا فى الدخول وبدت على وجوههم ملامح الإعياء الشديد، شقينا طريقنا لوحدة عزل مرضى كورونا بمستشفى رفيق الحريرى لنلامس الواقع الصحى عن قرب، وبالداخل وجدنا عددا محدودا من الأسرة وأجهزة التنفس، وأصوات مرتفعة لأنين المرضى المصحوب بالسعال المتواصل وحناجرهم تردد عبارة"يا رب"، أحدهم جالسا على الكرسى بالكاد يتنفس ويهرع الأطباء لمحاولة إسعافه و إيجاد جهاز تنفس له..بينما آخرون يطرقون الباب. "الضغط على المستشفى كبير والأعداد التى تفد يوميا تتجاوزالـ600حالة، والمستشفى لايتحمل هذا الكم، فنضطر لإبقاء بعض المرضى فى الطوارئ لحين توفر أماكن"، هكذا وصف لنا الدكتور على قنصو مسئول بالوحدة الوضع فى ظل الجائحة، مضيفا أن المرضى من الحالات الأخف يتم علاجهم منزليا، مضيفا أن الإمكانات بداخل الوحدة غير كافية بالنسبة لأعداد المرضى، وهناك مرضى يعانون أمراضا مزمنة مثل الفشل الكلوى ويحتاجون للغسيل الكلوى ولا نستطيع توفير أماكن لهم والمستشفيات الأخرى لا تستقبلهم. أضاف قنصو، ضمن المشكلات أيضا أن مرضى كثيرين ليس لديهم إمكانيات لتوفير الأدوية المطلوبة للعلاج بالمنزل، فنحاول وصف الحد الأدنى أو التركيز على الفيتامينات، خاصة أن هناك مرضى كثيرين يعانون سوء تغذية. يستكمل قائلاً:"نحتاج أجهزة تنفس اصطناعى، ولدينا أيضا نقص فى أجهزة قياس درجة الأكسجين بالدم(ستيروميتر) للمرضى الذين يعانون ضيقا فى التنفس، ونحتاج كميات أكبر من الألبسة الواقية، وأيضا من الكوادر الطبية فلدينا40طبيبا تقريبا وهذا غير كافٍ". الشتاء..كارثة! يضيف رئيس نقابة الأطباء بطرابلس، أن الشتاء يمثل كارثة صحية على لبنان فى ظل نظامنا الصحى الحالى، وهناك توقعات بتفشى أكبر للوباء خاصة فى ظل موجة هجرة الأطباء للخارج، وامتناع بعض المستشفيات الخاصة عن استقبال حالات كورونا، ما يخلق أزمة عدم توفر أَسرة المرضى. يضيف:"فى الوقت نفسه تسير وزارة الصحة وغيرها من الوزارات بعشوائية دون خطط واضحة". مرضى كورونا..إهمال يؤدى للوفاة ووسط مخاوف من خروج"كورونا"عن السيطرة، يشكو مرضى وذووهم من الإهمال فى تقديم الرعاية الطبية اللازمة لحالات كورونا داخل المستشفيات، خاصة فى الشمال. كاملة العتر من منطقة الضنية بشمال لبنان، توفت بسبب الإهمال، تسرد ابنتها القصة قائلة:"والدتى دفعت حياتها تمن الإهمال، لما تعبت نقلناها لمستشفى عبدالله الراس الحكومى، وطلع فحص كورونا إيجابى فحجزوها، ضلت3أيام مش عارفين نتواصل معها، فذهبنا للمستشفى فقالوا لنا أمكم مغمى عليها لكن الأمر بسيط، طلعنا ركض لنشوفها لقيناها مرمية على الأرض بتموت من ضيق النفس والغرفة غير آدمية بدون تهوية ولا نظافة، والممرضة رفضت تدخل تساعدها، فدخلنا أنا وأخى وبالكاد وصفت لنا حالها، إنها بدون طعام ولا أدوية مع إنها مريضة قلب وسكر، طلبنا نخرجها وتكمل العلاج بالبيت فوافقوا دون ما ينبهونا لحالتها، وفى البيت اكتشفنا أن الأكسجين بالدم لـ57% وكان مفروض تضل بالمستشفى..أمى ماتت بعد ساعات ومالحقنا ننقلها لمستشفى غيره..ما فيه ضمير،بنصح الناس ما يفوتوا على مستشفيات حتى لا يموتوا!". يضيف أحمد المهدى، بطرابلس بالشمال: "الوضع الصحى مذرى حتى قبل"كورونا"، فأعداد الإصابات وحالات الوفاة عندنا مخيفة..والدى توفى لأنه مرض وضلينا أيام نبحث عن مستشفى، وبالكاد بعد5أيام وافق مستشفى يستقبله، لكن للأسف لم يكن مجهزا لحالات كورونا، تُرك والدى فى غرفة بدون أى تجهيزات، لما اعترضنا قالوا لنا هاد اللى متاح وإلا خدوه!..كان محتاج غرفة عناية فائقة وكان عليه ينتظر دوره، لكن للأسف ما اتحمل الانتظار ومات..حسبى الله ونعم الوكيل"، اختتم المهدى: "والدى ليس الحالة الوحيدة، فهناك حالات كثيرة ماتت بسبب الإهمال". يقول الدكتور سليم بن صالح رئيس نقابة الأطباء بطرابلس، لقد طالبنا الجهات المسئولة بخطة دعم سريعة لمناطق الشمال فكان الرد: "لا توجد ميزانية!" وزارة الصحة: الأمر يتطلب التحقيق وفى سياق ردها على هذه الاتهامات قالت الدكتورة ندى غصن رئيس برنامج الترصد الوبائي بـ"وزارة الصحة" اللبنانية، إن هذا الأمر يتطلب التحقيق، لكن حاليا، يقوم فريق من"الصحة العالمية" بتعزيز قدرات المستشفيات التي تستقبل مرضى الكوفيد19، خاصة أننا فى فترة حرجة لكن حتى الآن مستوى الاستعداد الصحى أفضل من بلدان أخرى، وما زالت الوزارة تدعم تجهيز المستشفيات الحكومية، إلى جانب الاتفاق الذى أعلنته الوزارة لإلزام المستشفيات الخاصة باستقبال حالات"كورونا". وأكدت غصن، أن لبنان يواجه موجة شرسة من الوباء، فيتراوح معدل الإصابات اليومية من 1000إلى 1500حالة. تقول فاطمة محمد، من بيروت، أُصيبت بكورونا، تروى تجربتها:"لم تكن هناك عوارض ظاهرة فقط كنت أشعر بضيق نفس، وبعد الفحص كانت النتيجة إيجابى، اتعزلت، لكن المشكلة كانت فى عدم توفر الأدوية، وكل طبيب بيوصف علاج مختلف، وما كان فيه متابعة طبية خلال فترة العلاج، كمان مافيه إرشادات واضحة لوزارة الصحة عن بروتوكول فترة العزل، فصرت أسأل الذين مروا بالتجربة قبلى، وفى الوزارة قالوا لى ما فيه داعى تكررى الاختبار، بعد10أيام إذا خفت العوارض ارجعى لحياتك طبيعى! لكنى أصريت على تكرار الاختيار حتى اتأكدت إنها سلبية قبل المخالطة". وعن الصعوبات التى تواجه مرضى كورونا فى لبنان، قال الدكتور إدجار جوجو مدير مستشفى الروم فى بيروت،إن غالبية شركات التأمين الطبى ترفض تغطية كلفة علاج كورونا للمشتركين، وهم نسبة كبيرة من المرضى وبالتالى المستشفيات الخاصة ترفض استقبالهم، فشركات التأمين تعانى مشكلات كبيرة منذ الانفجار، وعقود التأمين لا تشمل تغطية الأوبئة، فالدولة هى من تتكفل بالعلاج، وفى ظل تقاعس الدولة عن دورها يكون المريض الضحية الأولى. هل تخفف قيود الإغلاق؟ الوضع المخيف لكورونا دفع الدولة اللبنانية لاتخاذ قرار بالإغلاق التام15يوما تنتهى الأحد المقبل، هذا التدبير الذى آثار تململا فى الأوساط الاقتصادية إلا أن السلطات الصحية اعتبرته ممرا إلزاميا لمنع النظام الصحى من الانهيار، خاصة أن الأَسرة ووحدات العناية الفائقة ممتلئة بالمرضى، ولم تخف السلطات تخوفها من تكرار النموذج الإيطالى، الأمر الذى لا يتحمله لبنان لا ديموغرافيا ولا صحيا. وحذرت مستشارة رئيس الحكومة للشئون الطبية بترا خورى من تفشى شرس للوباء، قائلة:"فى طريقنا لعاصفة مروعة إذا لم نستطع السيطرة". فهل تكفى إجراءات الإغلاق لأيام محدودة لمواجهة الوباء الشرس، أم لابد من رسم استراتيجية متكاملة للمواجهة؟ تقول بترا خورى أن استراتيجية الإغلاق تتطلب مزيدا من الاختبارات وحملات التتبع لضمان الالتزام، بينما وصف وزير الصحة"الإغلاق"بالفرصة الأخيرة أمام اقتراب لبنان من المشهد الأوربى المذرى، وحذر النائب عاصم عراجى رئيس لجنة الصحة النيابية، من ارتفاع كبير فى نسبة الإصابة الفترة المقبلة. قال الدكتور فادى سنان مدير عام الصحة، لـ "انفراد"،"إن لبنان صار على الخط الأحمر للجائحة، وبالتالى ظهرت مشكلة نقص أجهزة التنفس، لكننا نسعى لسد هذا العجز". وبالنسبة لسياسة الإغلاق قال سنان، إن الكارثة الاقتصادية تضطرنا لتقليل فترة الإغلاق، فلبنان ليس لديه مقومات الصمود أمام كل هذه الكوارث، لذلك طلبنا دعم الدول الصديقة، وتلقينا حجما هائلا من المساعدات الطبية، ومصر كانت من أوائل الدول الداعمة. ووصف سنان المرحلة الحالية بـ"شديدية الخطورة"، داعيا الدول التى بإمكانها تقديم مستشفيات ميدانية لحالات كورونا لمساعدة لبنان، أيضا هناك خطة لتحويل مستشفيات حكومية عامة إلى مستشفيات خاصة بكورونا فيوجد حتى الآن12مستشفى حكومى تعالج كورونا، إضافة إلى أن مستشفيات الفئة الأولى حوالى30مستشفى، كما سارعت لبنان بحجز دفعة من لقاح كورونا. الوضع الصحى بالسجون بالطبع الوضع الصحى داخل السجون أكثر ضراوة، فى ظل الانتشار الواسع لكورونا، ربما اتجهت الأنظار لسجن رومية ـالأكبر بلبنان ـ بعد تداول مقاطع فيديو مسربة سبتمبر الماضى، أظهرت غرفا مكتظة بسجناء ينامون على الأرض متلاصقين، بينما حذر نقيب المحامين فى بيروت ملحم خلف من أن كورونا بمثابة قنبلة داخل السجون،ودعا الحكومة لاتخاذ إجراءات فورية لمواجهة الأزمة. وفق تصريحات مصدر مسئول بالأمن الداخلى اللبنانى لـ "انفراد"، فإن الوضع الصحى بسجن رومية المركزى بات حرجا، نظرا لتكدس النزلاء والذين يقارب عددهم الـ5000سجين. وأوضح أن الإصابات بـ"رومية" تجاوزت الـ377حالة، ولمواجهة هذا تم إنشاء أماكن خاصة بعدد من المستشفيات لعلاج الحالات الشديدة .وأشار المصدر إلى العمل على عزل كبار السن، كما يجرى حوالى200 فحص كورونا يوميا، إضافة لتجهيز أماكن عزل المصابين بطواقم من الممرضين . وأضاف المصدر أن الاختلاط قد ساعد على سرعة انتقال الفيروس، ومن الإجراءات الوقائية التى اتخذت منع استقبال سجناء جدد منذ فبراير الماضى إلا بعد حجرهم فى أماكن خاصة مدة 14يوما، مؤكدا أن جميع المصابين حالتهم الصحية مستقرة وتجرى أعلى درجات المتابعة لهم بالتعاون مع"الصحة العالمية". دعم أممى فى مواجهة الجائحة وعلى صعيد دعم لبنان ، كان للأمم المتحدة دور فى دعم القطاع الصحى لمواجهة الجائحة، وفق حديث الدكتورة نجاة رشدى المنسقة الأممية فى لبنان، حيث قالت:"نقوم بدعم الترصد الوبائي بالفحوصات المخبرية والكادر البشرى تفعيلا لقرارات وحدة ترصد كورونا في المناطق، وندعم مراكز العزل بطواقم التمريض، إضافة لإمداد12مستشفى حكومى بالأجهزة الطبية اللازمة للمصابين. وقال تيد شيبان المدير الإقليمى لمنظمة اليونيسف، لقد استطعنا الوصول برسائل توعوية حول كورونا إلى300ألف شخص من متضررى الانفجار، إضافة إلى إعادة تأهيل15مركز رعاية صحية تعرضوا للتدمير. وأشار المدير الاقليمي للبنك الدولي بالشرق الأوسط ساروج كومارجا، إلى إعادة تخصيص45.5مليون دولار لدعم خطة الحكومة اللبنانية، في التعامل مع الجائحة وتأثيرها. أبطال "الجيش الأبيض" الجيش الأبيض أو الطواقم الطبية أبطال أزمتى تفشى"كورونا"و"انفجار المرفأ"، ما بين مصابين ومنقذين لأرواح المستغثين بهم كمحاربين شجعان بميادين العمل، من بين تلك النماذج، الممرضة باميلا زينون بمسشفى الروم، التى أنقذت حياة3 أطفال حديثى الولادة، روت لنا باميلا ذكريات تلك اللحظات العصيبة:"وقعت على الأرض وفوق منى الأبواب لكن استجمعت قوتى وقمت لأشق طريقى وأوصل للولاد، كنا بالطابق الرابع وعندنا 4أطفال فى الحضانات فحملت3أطفال، وزميلتى حملت الطفل الرابع، وخرجنا من طاقة صغيرة بالحيط لنوصل للدرج". تستكمل باميلا:"بالكاد وصلت للطابق الأول وهناك شفت زمايلى بينزفوا وهم بيسعفوا المصابين، فركضت حاملة الأولاد 5 كيلومترات، حتى وصلت مستشفى أبو جوده وضليت معهم لحين وصول أسرتهم، ومن تانى نهار جيت أنا وزمايلى ننضف المستشفى ونشيل الردم". لم تكن"باميلا" القصة البطولية الوحيدة بل هناك قصص كثيرة تؤكد أن هؤلاء هم خط الدفاع الأول فى مواجهة الكوارث، ألتقيا عددا من أعضاء الطواقم الطبية بمستشفيات مختلفة، أكدوا أنهم اضطروا لمعالجة المصابين وإسعافهم وتخييط جروحهم فى الشوارع، موضحين، "أن الأكثر إيلاما فى المشهد"أن ناس استغاثت وماحد قدر ينقذهم"، ولكنهم أجمعوا على جملة واحدة:"مهما كانت الخسائر رح نعمر بيروت من جديد". "أعمل بقسم الطوارئ ووقت الانفجار، صار الكل حوالينا يركض، اضطريت أمشى حافية على الزجاج لأنقذ المرضى، ما عاد فيه مواد للاسعافات وصرنا نشلح الشباب ملابسهم لنربط الجروح"، هكذا وصفت ريتا نجم، ممرضة، المشهد يوم الانفجار، مضيفة: "حاولنا نجمع مواد طبية من وسط الردم، وفيه كتير ماتوا بين أيدى".أضافت ريتا:"الحكى ما بيوصف الوجع الكبير جواتنا..وما رح ننساه". ورغم الدور المهم لطواقم التمريض وتضحياتهم إلا أن حقوقهم المادية والأدبية مازالت منقوصة كما تم تسريح عدد كبير من الممرضين وخفض رواتب البعض الآخر ، هكذا عبر عدد من الممرضات بمستشفيات مختلفة ومنهم باميلا وريتا ورولا، مطالبين بأن تكون مهمنة التمريض على نفس مستوى المهن الأخرى. الدكتور جورج فلكيان، بمستشفى الروم الجامعى، قال"مازلنا نعانى من آثار الانفجار النفسية والجسدية، ورغم إصابتى وكثير من زملائى وقت الانفجار لكن فكرنا فقط فى إنقاذ المرضى بالطوابق العليا فصرنا نحملهم على الأبواب المكسرة وننزلهم بالشراشف". مدير عام الصحة يرد على شكاوى المرضى والمستشفيات فى حوار لـ "انفراد" وفى سياق رده على ما نقلناه من شكاوى المرضى الذين التقيناهم، خاصة من ليس لديهم ضمان أو تأمين بعدم قدرتهم على تحمل تكاليف العلاج والعمليات الجراحية، أكد الدكتور فادى سنان مدير عام الصحة بلبنان، لـ "انفراد"، أن الوزارة لا تغطى نفقات معاينة الأطباء بالعيادات وهذه المشكلة ظهرت نتيجة زيادة أعداد من هم تحت خط الفقر، أما تكاليف الاستشفاء وبعض العمليات الجراحية فالوزارة تغطيها لأى مواطن ليس لديه جهة ضامنة، وبالنسبة لأسعار الأدوية فهى حتى الآن مدعومة، والوزارة لديها مركز بكل محافظة لتوزيع أدوية بعض الأمراض المزمنة ذات الكلفة المرتفعة، مؤكدا أن القطاع الطبى بلبنان أفضل من دول أخرى تمر بظروف مشابهة. وبالنسبة إلى شكاوى المستشفيات بشأن فروق الأسعار ، قال سنان، إن القطاع الطبى تأثر بدرجة كبيرة بارتفاع سعر صرف الدولار، خاصة أن تسعيرة الوزارة للمستشفيات والخدمات الطبية بالليرة، بينما تستورد المستشفيات مسلزماتها الطبية بالدولار ما نتج عنه خسائر كبيرة لهم، وهذه الفجوة هى سبب المشكلات بين وزارة الصحة والمستشفيات. وبالنسبة لمستحقات المستشفيات العامة والخاصة، قال سنان إن إجمالها 450مليار ليرة أى ما يعادل 300مليون دولار تقريبا، حسب تقديرات مجلس النواب الذى أقر دفعها منذ أشهر ونحن نبحث آليات الدفع لأن المبلغ غير متوفر بميزانية الدولة، ولكن سيتم توفيره عبر الاقتراض ونحن نعمل لإنهاء ذلك بأسرع وقت. وعن سبب تراكم المديونيات قال هذه الأزمة تحدث كل6 أو 7سنوات لأنها أموال زائدة على الاعتمادات المخصصة للمستشفيات ثم يصدر مجلس النواب قوانين للحل. أضاف، أن لبنان لديه 140مستشفى خاص و30مستشفى حكومى ومجموعة كبيرة من الجهات الضامنة وتعتبر وزارة الصحة أكبرها وتدقيق الفواتير يحتاج وقتا طويلا خاصة أن أحيانا تتخطى المستشفيات السقف المالى للاعتماد، لكن الدولة ملتزمة بالدفع. أضاف سنان قائلا، إن أزمات القطاع الطبى هى انعكاس للأزمة الاقتصادية بلبنان، والحل سيأتى مع تشكيل الحكومة الجديدة وبدء الإصلاحات الاقتصادية وحل مشكلة سعر الصرف. وأكد سنان أن الخدمات الطبية تُقدم بمستوى عالٍ ولم يتأثر القطاع الطبى إلا بسبب الانفجار الذى ألحق أضرارا بعدد من المستشفيات منها 3مستشفيات دُمرت كلياً، وسيعاد ترميمها وافتتاحها أوائل 2021، مؤكدا أن القطاع الطبى استعاد عافيته. وحول خطط تطوير القطاع الصحى قال سنان، أولاً تنشيط السياحة الاستشفائية فهى أحد أهم مصادر الدخل بلبنان، خاصة أنه يتميز باختصاصات طبية مهمة مثل السرطان والتجميل، لكن لبنان ينقصه الاستقرار السياسى لينطلق فى هذا القطاع فبدون الاستقرار لا يمكن النجاح فى أى مجال. و أشار إلى التخطيط لإعادة تنظيم القطاع الصحى وتشجيع الصناعات الدوائية الوطنية فيوجد حاليا7مصانع قطاع خاص وسيتم التوسع فيها. وحول دور وزارة الصحة فى احتواء تداعيات حادث الانفجار، قال ساهمنا بعلاج المصابين ومازالت بعض الحالات تحتاج عمليات جراحية ومن ليس لديه جهة ضامنة تتكفل الوزارة بعلاجه، أيضا أنقذنا المتاح من اللقحات وأدوية الأمراض المزمنة التى كانت فى مستودعات بقرب موقع الانفجار.












print