مازال الأزهر الشريف عبر تاريخه يمثل أهم القوى الناعمة لمصر، وذلك من خلال عالميته التى أكتسبها من منهجه الوسطى الذى شهد له العالم، الأزهر الشريفيمتلك العديد من الأدوات أبرزها "المبتعثين" والذين يجوبون العالم ينشرون منهج الإسلام الوسطى المعتدل وهو المنهج المعتمد للأزهر الشريف.
المبتعثون هم ممثلو الأزهر الشريف فى الخارج، وينظر لهم الجميع على أنهم لسان حال الأزهر، فى كل تصرفاتهم وسلوكياتهم، لذا يختار الأزهر الشريف مبعوثيه بكل نزاهة وشفافية، عدد المبعوثين للأزهر بلغ 710 مبعوث، لما يقرب من 60 دولة، حيث يستقبل مجمع البحوث الإسلامية الذى يشرف على ملف المبتعثين طلبات الدول سنويا، ثم يعلن عن مسابقة عامة للابتعاث ليتم اختيار أكفأ نماذج يمكن أن تمثل مصر والأزهر من مدرسى الأزهر الشريف ووعاظه، حيث يتم عقد اختبارات تحريرية وشفوية ثم مقابلات شخصية، ثم عقد دورات تخصصية وفكرية مركزة على احترام القوانين فى كل دولة وتفنيد الشبهات التى تستغلها جماعات التكفير والإرهاب، إضافة إلى تصحيح المفاهيم والأفكار المغلوطة مركزة على إظهار قيم التسامح والتعايش السلمى .
الابتعاث أحد الموضوعات التى يوليها الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، الاهتمام الأكبر، لأن المبعوث الأزهرى ينظر له على أنه إحدى الأدوات المهمة التى يعول عليها فى الخارج لإثبات عالمية الدعوة الإسلامية، والتأكيد على الدور الريادی والدور المحورى للدولة المصرية على الصعيد العالمى، بعثات الأزهر الشريف تمثل أحد أهم الجهود التى يقوم بها الأزهر فى أداء رسالته العالمية، من خلال انتشار مبعوثيه فى مختلف دول العالم لنشر رسالة الوسطية، ومواجهة كل ما من شأنه أن يتعارض مع صحيح هذا الدين، بما يحقق السلام بين الشعوب ويعلى قيم التعايش واحترام الآخر.
الشهر الماضى أعلن مجمع البحوث الإسلامية انطلاق مرحلة المقابلات الشخصية للمتقدمين لمسابقة الابتعاث للعام 2020 / 2021، واستمرت حتى 23 فبراير، بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر بالقاهرة، وقد وضع العديد من الشروط التى يجب توافرها فى المتقدم لمسابقة الابتعاث، حيث يمر المتسابق بعدة اختبارات، ما بين تحريرية وشفوية، ثم مقابلات شخصية، ثم عمل دورات تدريبية وتأهيلية للتأكيد على منهج الأزهر ورسالته العالمية التى يجب على المبتعثين للخارج الالتزام بها وأن يكونوا نماذج يحتذى بها فى الدولة التى يسافرون إليها .
ونظام الاختبارات يشمل كل من نجح من الامتحان التحريرى يتم تصعيدهم إلى الاختبارات الشفهية، ومن نجح فى هذه الاختبارات يتم عمل مقابلات شخصية لهم، وروعى فى الاختبارات الشفهية التى انتهت مؤخراً تكوين لجان من أساتذة وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر ممن يجمعون بين الخبرة الأكاديمية والممارسة العملية كما تم تسجيل هذه الامتحانات بالصوت والصورة، مع استخدام البرامج الإلكترونية التى تحدد الأسئلة بشكل تلقائى بمجرد ظهور صورة واسم المتقدم للابتعاث، ومن ثم أجاب المتقدم على السؤال أو رد بعدم معرفة الإجابة إن كان لا يعرفها، وبهذه الطريقة حققت الشفافية والعدالة بين المتقدمين للابتعاث وتم توثيقها للجميع لمن يريد الرجوع لها، كما أن مجالات الابتعاث فى المسابقة تنوعت، حيث شملت العلوم الدينية واللغوية والجغرافيا والإعلام والاقتصاد واللغات الأجنبية وغيرها .
الأزهر أجرى اختبارات مسابقة الابتعاث لاختيار أكفأ المبتعثين لإيفادهم إلى دول العالم، وذلك بعد الاطمئنان على إلمامهم بالجوانب الأكاديمية والمهنية فى ظل التحول الرقمى الذى يشهده العالم، وفى ظل الفوضى المعلوماتية، وكيفية التعامل هذا القدر الهائل من المعلومات والأخبار والبيانات، وتحرى المصداقية والدقة، ومراعاة الجوانب الأخلاقية والمهنية فى نقل الأحداث والمعلومات .
وقال الدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر الشريف، فى تصريحات له، أن مراحل اختبارات المتقدمين للإيفاد الخارجى أفرزت مجموعة متميزة من المتقدمين ستعمل على نشر وسطية الأزهر، مبينًا أن المبعوث الأزهرى هو سفير لمصر وللأزهر، لذا يتم اختيارهم بعناية فائقة.
جدير بالذكر أن المرحلة الأولى من الاختبارات وهى الامتحان التحريرى تقدم إليها أكثر من 8 آلاف باحث أو معلم أو شيخ نجح منهم نحو 5 آلاف، تم تصعيدهم إلى الاختبارات الشفهية، نجح منهم 1700 لمرحلة المقابلة الشخصية وهى المرحلة النهائية.