بعد مرور 20 عاما على هجمات سبتمبر الإرهابية، لا تزال الولايات المتحدة تصارع تداعيات عمليات الاستجواب الوحشية التى قامت بها باسم حماية الأمن القومى، والتى وجدت دراسات لاحقة أنها لم تكن مفيدة فى إنقاذ حياة أشخاص أو وقف مخططات إرهابية، بحسب ما ذكرت صحيفة نيويوك تايمز.
ورصدت الصحيفة قصة أحد المعتقلين السابقين فى جوانتنامو الذى تعرض لأساليب تعذيب وحشية خلال فترة اعتقاله فى محاولة لإجباره على الاعتراف بمخطط إرهابى. وقال نيويورك تايمز إن محمد ولد صلاحى لا يزال يتألم عندما يتذكر تفاصيل التعذيب الذى تعرض له فى صيف عام 2003 فى معتقل جوانتانامو، حيث أطلق عليه الحراس كلابا هجومية وضربوه بشدة حتى كسروا ضلوعه. وقام الجنود الذين قيدوه بتعريضه لأصوات موسيقى صاخبة مرتفعة وأضواء قوية وغمره فى الماء المثلج ليحرمونه من النوم لأشهر، إلى جانب العزلة المخدرة للعقل فى زنزانة مظلمة بدون مصحفه، وعرض حارسات أنفسهن عليهن وملامسته فى محاولة لتقويض اعتناقه للإسلام.
لكن ما ترك صلاحى فى حالة من اليأس المطلق، كما قال، هو المحقق الذى حاول تهديده للاعتراف بأنه متورط فى التخطيط لهجوم إرهابى، وقال له لو لم يعترف به، سيقومون بخطف أمه واغتصابها. ويتذكر صلاحى أنه قال لهم إنه هذا ظلم، فيرد عليه المحقق إنه لا يبحث عن العدالة ولكن يريد وقف ضرب المبانى فى بلاده بالطائرات.
فى النهاية، تم إطلاق سراحه فى عام 2016 دون أن يوجه إليه حتى اتهام، فالاعتراف الذى أدلى به كان تحت تعذيب، والقضية المقترحة ضده وصفت من قبل الادعاء بأنها با قيمة فى المحكمة بسبب وحشية الاستجواب. وقال صلاحى إنه كان ساذجا للغاية ولم يفهم كيف تعمل أمريكا.
وتقول نيويورك تايمز إن إرث التعذيب يظل بالنسبة للولايات المتحدة، مثلما هو الحال بالنسبة لصلاحى، معقدا ومتعدد الأوجه بعد عقدين من هجمات سبتمبر، التى دفعت إدارة جورج دبليو بوش لوضع القيود القانونية والأخلاقية جانبا باسم الأمن القومى.
ورغم أن الولايات المتحدة توقفت عن استخدام ما يسمى بأساليب الاستجواب المعزز التى تم استخدامها، والتى خلصت دراسات إلى أنها كان محاولة بلا جدوى أو ذات نتائج عكسية للحصول على معلومات لإنقاذ الحياة من المعتقلين فى سجون السى أى إيه السرية وجوانتانامو، إلا أن خيار اللجوء إلى التعذيب الذى تسمح به الحكومة يظل يلوث سمعة أمريكا ويقوض مساعيها لمواجهة القمع فى دول أخرى. وحتى اليوم، لا يزال بعض مسئولى إدارة أوباما السابقين يخاطرون عند سفرهم إلى أوروبا بمواجهة أسئلة من قبل محققين عن انتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
وخلال أول لقاء له مع الرئيس بايدن بعد تولى الأخير الحكم، ذكر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الصحفيين بأن جوانتانامو لا يزال مفتوحا، وأن السى أى إيه نفذ عمليات تعذيب فى سجون سرية فى الخارج، وتساءل هل هذه حقوق إنسان.
وكان صلاحى أحد اثنين من المعتقلين كان تعذيبهما فى جوانتانامو بموجب برنامج وافق عليه وزير الدفاع الامريكى فى هذا الوقت دونالد رامسفيلد، واعترف السى أى إيه بان ثلاثة من المعتقلين تم إغراقهم بالماء، ومات أحدهم من التعذيب، فيما تعرض آخرون لأساليب وحشية فى الولايات المتحدة أو فى مراكز اعتقال خارجها.
وكانت دراسة شاملة، أجرتها لجنة منتقاة من لجنة استخبارات مجلس الشيوخ الأمريكى، قد وجدت أن الأساليب التى تم استخدامها لم تنقذ حياة أحد أو تعطل مخططات إرهابية ولم تكن ضرورية، وهى النتائج التى عارضتها السى أى إيه.