912 يوما بالتمام والكمال على إقرار قانون المحاماة الجديد، الذي أقره مجلس النواب، منتصف يوليه 2019 – فترة النقيب السابق سامح عاشور - على إنشاء أكاديمية للمحاماة والدراسات القانونية، تتبع نقابة المحامين، يكون اجتياز الدراسة بها شرط للقيد بالنقابة لأول مرة، إلا أنه ومنذ ذلك الحين لم تخرج "أكاديمية المحاماة للنور"، وذلك على الرغم من أنه بتاريخ 29 يناير 2020، قام سامح عاشور وعلى عبد العال رئيس مجلس النواب حينها بوضع حجر الأساس للأكاديمية، بينما توقف الأعمال بعد ذلك، ما أدى معه لوجود لغطا كبيرا وشائعات متكررة حول إنشائها، خاصة بعد اعتلاء - رجائي عطية - كرسى نقيب محامين مصر في انتخابات 18 مارس 2020.
يشار إلى أنه خلال الساعات الماضية استأنف مجلس الشيوخ في جلساته العامة الاسبوع الجاري، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤن الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة التعليم والبحث العلمي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن الاقتراح برغبة المقدم من النائب سامح عاشور بشأن دراسة وتفعيل دور أكاديمية المحاماة والدراسات القانونية ومناقشة المشكلات والمعوقات التي تواجه انشائها.
أكاديمية المحاماة في 912 يوما
"إنشاء أكاديمية للمحاماة" كثر حولها اللغط والشائعات منذ 912 يوما، لأن انشائها يقع بين مؤيد ومعارض لها على الرغم من إقرارها في قانون المحاماة حتى وصل الأمر إلى أن طفت شائعة على السطح بتاريخ 9 يوليو 2020 بأن النقيب الجديد رجائي عطية ألغى فكرة إنشاء الأكاديمية من الأساس، بينما قامت الدنيا ولم تقعد بسبب الشائعة حتى خرج رجائي عطية ونفى الخبر، بينما وصف معارضيه الأمر بأن النقيب "بيجس النبض" من خلال تسريب الخبر وإلقاء حجر في المياه الراكدة، خاصة وأنه لا يوجد مبرر لإعادة طرح قانون المحاماة للتعديل وأن هذا نظام متبع في بعض الدول التي تشترط حصول الشخص الراغب في القيد بالنقابة كمحامي على ماجستير.
ونتيجة التشكيك في الخبر من قبل معارضى رجائى عطيه، أو بمعنى أدق مؤيدى سامح عاشور، خرج رجائى عطية، ليؤكد أنه لم يطلب إلغاء أكاديمية المحاماة، ولكنه بعث برسالة إلى رئيسى مجلسى الوزراء والنواب بأنه فقط طلب إلغاء الفقرة الثانية للمادة 230 المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2019، التي وضعت شرطًا تعسفيًا وغير دستورى للقيد في نقابة المحامين، مضيفاَ: أن الشرط يخرج على مبدأ المساواة الدستورى ويشترط للقيد بالنقابة شرطًا زائدًا على ما يستلزمه مجلس الدولة، والقضاء، وهيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية، متابعا:" ومآل هذا النص إلى الحكم يقينًا بعدم دستوريته، بعد أن يكون قد خلق أوضاعًا ضارة يصعب تداركها، من فضلكم أعيدوا قراءة خطابى إلى رئيسى الوزراء والنواب" – بذلك انتهى تصريح "رجائى عطية".
ملحوظة: الفقرة الثانية للمادة 230 المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2019 نصت على أنه: "لا يجوز القيد بالجدول العام للمحامين إلا بعد الدراسة بأكاديمية المحاماة والدراسات القانونية، وحصول طالب القيد على شهادة إتمام الدراسة بها".
مطالبات بإلغاء الأكاديمية مع اقتراحات بديلة
من جانبه – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى - نطالب المشرع بإلغاء الفقرة الثانية من المادة 230 من قانون المحاماة والتي تشترط تدريب المحامين في أكاديمية لفترة قبل الحصول على عضوية نقابة المحامين، باعتبار أن هذا الأمر عبء علي المحامي وعلي أسرته في تحمل أعباء كثيرة في دراسته، وقد تكون سبب لابتعاد الكثيرين عن مهنة المحاماة، وبالتأكيد نحن مع أن يطور المحامين من أنفسهم بالدراسة والتعلم المستمر لكن يكون ذلك عن اقتناع نابع من المحامي ذاته وبدون فرض شروط تثقل كاهله في بداية حياته المهنية.
وبحسب "صبرى" في تصريحات خاصة لـ"برلماني" - ونري أنه لا يوجد ما يستدعي دراسة المحامي في الأكاديمية مباشرة بعد تخرجه خاصة أنه حديث التخرج وسبق ودرس مواد القانون في الجامعة، وإذا رأت نقابة المحامين دراسة موضوعات معينة تفيد المحامين تطلب من كليات الحقوق إضافة ذلك في المناهج، وأن يتم الاكتفاء للمتقدم للقيد بالنقابة أن يحصل على ليسانس الحقوق، بالإضافة إلي باقي الشروط المنصوص عليها في قانون المحاماة، ويتم تدريبه في مكتب محامي كما هو الحال قبل تعديل القانون، والجدير بالذكر أنه يتم التعيينات في الهيئات القضائية: "مجلس الدولة، والقضاء، وهيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية" للحاصلين علي ليسانس الحقوق، وما ينطبق علي القضاء الجالس ينطبق علي القضاء الواقف هم جناحي العدالة ويجب عدم التفرقة بينهم لأن خريجين من نفس كليات الحقوق.
إشكالية في تطبيق هذه المادة.. تعرف عليها
وفى الحقيقة – الكلام لـ"صبرى" - إن مهنة المحاماة تعتبر شريكاً للسلطة القضائية في تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون، وفقاً لما ورد في قانون المحاماه، وأكدته المادة 198 من الدستور المصري الحالي التي تنص علي المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلاً، فضلا عما تتضمنه النصوص القانونية من ضمانات كثيرة تكفل حماية مهنة المحاماة حيث نص قانون المحاماة، رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 147 لسنة 2019 ، حيث تنص المادة الأولى منه أن: "المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم، ويمارس مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال ولا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون".
ناهيك عن وجود إشكالية في تطبيق هذه المادة حالياً هي عدم إنشاء الأكاديمية من الأساس وكان المفروض وفقاً لنص قانون المحاماة أن تبدأ في يناير 2021 والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا هل سيتم وقف القيد في نقابة المحامين لحين إنشاء الأكاديمية ما ذنب طالبي القيد في ذلك، وفى الحقيقة من وضعوا الفقرة الثانية من المادة 230 من قانون المحاماة كانت نيتهم طيبة يستهدفوا منها تقليص إعداد الذين يلتحقون بنقابة المحامين لعدم حاجة سوق العمل إليهم وحتي تقدم النقابة خدمات أفضل لأعضائها، لكم كان يجب عليهم البحث عن حلول أخري أسهل لأنها لو طبقت هذه الفقرة هتزيد من إعباء المحامين والنقابة
إشكالية أخرى.. هل تكون الاكاديمية كيان موازى للنقابة؟
وجود الأكاديمية قد يخلق كيان موازي لنقابة المحامين، وقد يحدث لا قدر الله صراع بينهم يضر بالنقابة وبالمحامين، غير أن بعض الأسر دخلها محدود وهناك شباب قد يكون لهم رغبة في الالتحاق بعضوية نقابة المحامين، فتمنعهم الدراسة من جديد في الأكاديمية من طلب الانضمام للنقابة، فضلاً عن تحمل النقابة أعباء جسيمة في إنشاء مباني الأكاديميات واختيار المناهج وأعضاء هيئة التدريس وتحمل مرتباتهم وتغيير المناهج كل فترة لمواكبة التطورات وغيرها من الاعباء التي تثقل كاهل النقابة، وفي تقديري هناك حلول بسيطة ولا تكلف النقابة شئ من بين الحلول مطالبة وزارة التعليم العالي رفع الحد الأدني للقبول بكليات الحقوق لتكون مثلاً 75 %، بالأضافة إلى عمل برتوكول تعادون بين وزارة التعليم العالي ونقابة المحامين لمطالبة كليات الحقوق بإضافة ما تراه النقابة مناسب من مناهج لخدمة أعضائها حتي يقوموا باداء مهنتهم، وبناء عليه نناشد المشرع بإلغاء الفقرة الثانية من المادة 230 من قانون المحاماة – الكلام لـ"صبرى" .
رفض إلغاء الأكاديمية
فيما يقول الخبير القانوني والمحامي وليد عبد الوهاب، أحد شباب المحامين، أنه مع إنشاء أكاديمية المحاماة للارتقاء بتأسيس وتدريب وتثقيف للأسس القانونية والأخلاقية للمحامي مع الواقع العملي، وما لذلك من دور في الحد من كثافة الخريجين، وما لذلك من دور أيضا في رأب الصدع بين المحاماة وغيرها من المؤسسات، وتماشيا مع التطورات العصرية والتكنولوجية، حيث أن إلغاء الأكاديمية لا يصح أن يحدث أو يتم عرض ذلك المطلب قبل عرضه على الجمعية العمومية.
ووفقا لـ"عبد الوهاب" في تصريح لـ"برلمانى": بالنسبة للمشكلات و للمعوقات التي تواجه انشاءها بعضها يعود للإنفاق المادي علي الأكاديمية وفروعها والأماكن البديلة لذلك والإشراف والتدريس والمراجعة والمتابعة لمواد التدريس، ومدى التزام المدرسين والدارسين بها ومدى اجتيازهم ونجاحهم وقبولهم لامتهان المحاماة والتصريح باستخراج بطاقة العضوية لهم، وبعض المشكلات الأخرى تعود إلى مدى موافقه السلطات المختصة بتعاونها في ذلك وتوفير مساحة أراضي في أماكن مختلفة والتزام كافة الأطراف بالتعاون في تفعيل دور الأكاديمية.
أما عن الحلول:
وأما عن الحلول – يضيف - تفعيل قانون المحاماة وما ورد به بالمادة 230 ،231 من قانون المحاماة المعدل بالقانون 147 لسنة 2019 وما ورد به من ضوابط وتفعيل التعاون مع أجهزة الدولة في إنشاء وتطوير وتفعيل دور حقيقي للأكاديمية، وكذلك التعاون مع المحامين المؤهلين للتدريس أو الذين يتم تأهيلهم من قبل المختصين أو أساتذة الجامعات للحد من التكاليف الباهظة للتدريس بها، والحقيقة التي لا مناص منها أنه كيف يسعى المحامين أو بعضهم إلى المطالبة بتعديل نصوص القانون الخاصة بـ"أكاديمية المحاماة" وهى ميزة ضمن ميزات المحامين، وردد قائلاَ: "كنا نتمنى أن تضع قيودًا وضوابط أكثر على دخول نقابة المحامين، ولكن وجدناها تفتح الباب على مصراعيها لدخول النقابة وبهذا المطلب ستضيع نقابة المحامين من الأعداد التي ستقتحم النقابة".
"عبد الوهاب" اقترح من ضمن المعالجات أن تكون الدراسة في أكاديمية المحاماة "أون لاين"، وذلك لبعد المسافات بالنسبة لمحامي المحافظات المطالبون بالالتحاق للدراسة في الأكاديمية، حيث أنه يستحيل أن يجتمع عدد يقارب الـ25 ألف محام في مكان واحد، خاصة في ظل ظروف انتشار "فيروس كورونا"، فضلاَ عن أن يكون هناك نوع من تقسيم المراحل التعليمية لتكون على أربع مراحل، اثنتين للوجه البحري وأخرتين للوجه القبلي، لتوفير الوقت والمسافة وتحديد ساعات الدراسة.
يشار إلى أن صلاح سليمان، عضو مجلس النقابة، أكد أن النص في المادة الخاصة بالأكاديمية نص تنظيمي، ولم يتطرق إلى مدة الدراسة، لذلك فالنص فيه عوار، فالذي قدمه كان متعجلًا، ومن أصدره لم يدرسه جيدًا، مؤكدا أن اللجنة القائمة الآن في الاجتماع هي للنظر في إنشاء الأكاديمية، ومن الممكن أن يكون لها مقر في أي مكان، لكن النقابة هي من تحدد الأعداد المقبولة بنص المادة.