أصدرت دائرة الإيجارات – بمحكمة النقض – حكما في غاية الأهمية لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر الأجنبي، رسخت فيه لعدة مبادئ بشأن "امتداد عقد الإيجار"، قالت فيه: "ثبوت وفاة المستأجر الأصلي - الأجنبي الجنسية - للعين محل النزاع، يكون أثره انتهاء عقد الإيجار بقوة القانون، والتراخي في رفع دعوى الإخلاء رغم العلم بقيام موجبها أو قبض الأجرة لا يعد دليلاً على التنازل الضمني عن طلب إنهاء العقد".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 766 لسنة 74 قضائية، برئاسة المستشار نبيل عثمان، وعضوية المستشارين عطية زايد، ومحمد مأمون، ومصطفى عبد الرحمن، وطارق زهران.
الوقائع.. نزاع بين ورثة مستأجر أجنبي والمؤجر حول امتداد عقد الإيجار
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين أقاما على المطعون ضدهم من الأول حتى الثالثة الدعوى رقم 1094 لسنة 2000 إيجارات أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 18 يونيو 1966 والتسليم، وبيانا لذلك يقولان: إنه بموجب عقد الإيجار سالف الذكر استأجر مورث المطعون ضدهم الأجنبي الجنسية – إحدى الدول العربية – من مورثهم عين التداعى بغرض سكنى، وإذ توفى المستأجر الأصلى وانقضى عقد الإيجار بوفاته عملاَ بالمادة 17 من القانون 136 لسنة 1981 فقد أقاما الدعوى.
محكمتا أول وثانى درجة تقضيان بامتداد العقد للورثة بعد وفاة المستأجر
في تلك الأثناء – ندبت المحكمة خبيرا للدعوى وبعد أن أودع الخبير تقريره، تدخلت المطعون ضدها الأخيرة في الدعوى بطل بالحكم بثبوت الامتداد القانوني للعلاقة الإيجارية لها ولباقى المطعون ضدهم على سند من أنها زوجة المستأجر الأصلى وتقيم بعين النزاع مع باقى ورثته، فحكمت المحكمة في الدعوى الأصلية برفضها، وفى الدعوى الفرعية بامتداد عقد الإيجار للمطعون ضدهما الثانى والأخيرة، ثم استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 3346 لسنة 7 قضائية القاهرة، وبتاريخ 28 يناير 2004 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض.
المؤجر يطعن أمام النقض لإلغاء الحكم لهذا السبب
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن ما ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه بسببي الطعن الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقولان: إن عقد إيجار العين محل النزاع انتهى بوفاة المستأجر الأصلي – مورث المطعون ضدهم – باعتباره أجنبي الجنسية، وأن أياَ من المطعون ضدهم لا يحمل الجنسية المصرية عملاَ بالمادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981، بما يتعين معه إجابتهما إلى طلبهما بإنهاء عقد الإيجار، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعواهم وبامتداد العقد للمطعون ضدهما الثاني والرابعة على مجرد مرور فترة من الزمن بين وفاة المستأجر وإقامة الدعوى وعدم نفيهما التأخر في سداد الأجرة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
نص المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى في محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أن: "تنتهى بقوة القانون عقود التأجير لغير المصريين بانتهاء المدة المحددة قانوناَ لإقامتهم بالبلاد، وبالنسبة للأماكن التي يستأجرها غير المصريين في تاريخ العمل بأحكام هذا القانون يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاءها إذا ما انتهت إقامة المستأجر غير المصرى في البلاد،...، ومع ذلك يستمر عقد الإيجار بقوة القانون في جميع الأحوال لصالح الزوجة المصرية ولأولادها منه الذين كانوا يقيمون بالعين المؤجرة ما لم يثبت مغادرتهم البلاد نهائياَ".
وبحسب "المحكمة": يدل على أن المشرع قد اتجه في القانون رقم 136 لسنة 1981 إلى وضع تنظيم قانونى في شأن انتهاء عقود التأجير المبرمة لصالح غير المصريين، بحيث لا يبيح للمستأجر الأجنبي الاستفادة من أحكام الامتداد المقررة وفقا لتشريعات إيجار الأماكن إلا للمدة المحددة قانوناَ لإقامته بالبلاد أيا كان سبب إنهائها، سواء أكان بمضى المدة التي منحتها له السلطات المختصة، أم كان لمغادرة البلاد نهائياَ قبل انقضائها أو بإلغائها قبل انتهاء مدته، أو كان ذلك لوفاته بحسبان أنه يترتب على واقعة الوفاة حتما أن تنتهى قانوناَ المدة المحددة لإقامته بالبلاد، فواقعة الوفاة شأنها في ذلك شأن سائر أسباب انتهاء مدة إقامة الأجنبي ترتب انتهاء عقد ايجار المستأجر الأجنبى عملاَ بنص المادة 17 السالف ذكرها، ويقتصر استمرار العقد على زوجته المصرية وأولادها منه الذين كانوا يقيمون بالعين المؤجرة ولم يغادروا البلاد نهائياَ.
المحكمة تنصف المالك وتقضى بإخلاء الورثة للشقة
ووفقا لـ"المحكمة": كما أنه من المقرر أن إسقاط الحق بوصفه تعبيرا عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحيمها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاَ في دلالته على حقيقة المقصود منه، وأن مجرد السكوت عن استعمال الحق في طلب الفسخ فترة من الزمن – رغم العلم بقيام موجبه – لا يعتبر نزولاَ عن الحق، إلا إذا اتخذ صاحب الحق مع سكوته موقفا لا تدع ظروف الحال شكاَ في دلالته على قصد النزول عنه عملاَ بالمادة 90 من القانون المدنى، وأن قبض الأجرة بعد انتهاء إقامة المستأجر الأصلى الأجنبي بالبلاد لا يعد دليلاَ على تنازله عن الرخصة المخولة له في طلب الإخلاء إنما هو مقابل انتفاعه بالعين المؤجرة، وانه كان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الظروف الملابسة لتراخى المؤجر في طلب الإخلاء كى تستخلص منها متى يكون ذلك دالا على نزوله عن حقه في هذا الطلب، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تقديرها سائغاَ.
وكان الثابت بالأوراق أن المستأجر الأصلى للعين محل النزاع قد توفى بتاريخ 14 أكتوبر 1997، ومن ثم فإن إقامته بالبلاد تكون قد انتهت بوفاته وينتهى – تبعا لذلك – عقد الإيجار بقوة القانون، وإذ طلب المؤجر – الطاعنين – إنهاء هذا العقد، فإن المحكمة لا تملك إلا إجابتهما إليه ولا يستمر لصالح زوجته أو أولاده منها – غير المصريين – لا سيما أن الأوراق قد خلت مما يقطع بتنازل الطاعنان عن طلب إنهاء عقد الايجار صراحة أو ضمناَ، إذ لا يعد مجرد التراخي في رفع دعوى الاخلاء رغم العلم بقيام موجبه أو قبض الأجرة وحده دليلاَ على التنازل الضمني عن طلب إنهاء العقد، طالما لم يتساند الحكم في هذا الاستدلال إلى قرائن أخرى لا تدع مجالاَ للشك في دلالتها على حقيقة المقصود من التنازل عن تلك الرخصة، وإذ خالف الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بامتداد عقد الإيجار لصالح زوجة المستأجر الأصلى وابنها منه – المطعون ضدهما الثانى والرابعة – رغم أنهما لا يحملان الجنسية المصرية، فإنه يكون معيباَ بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه.