تسارع حكومات العالم الخطى نحو تحصين شعوبها من فيروس كورونا فى ظل ظهور متحور أوميكرون الجديد الذى أجبر البعض للعودة إلى الاغلاق مجددا، مما ينذر بخسائر اقتصادية جديدة، وفى ظل هذا السباق بدأت تلوح فى الافق أزمة جديدة تواجه تلك الحكومات مع شعوبها حول إلزامية تلقى لقاح كورونا.
ففى الوقت الذى اتجهت فيه بعض الدول إلى اقرار قوانين تلزم بعض الفئات بتلقى اللقاح، انقسمت النقاشات داخل الغرف البرلمانية والتشريعية حول حق الدولة فى إصدار مثل تلك القوانين، بل وذهب البعض إلى اعتبارها مجحفة للحريات الشخصية.
وجاء موقف منظمة الصحة العالمية ليزيد من هذا الجدل، حيث اعتبر الفرع الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا أن التلقيح الإجباري، الذي أقرته أو تنظر فيه بعض الدول، يجب أن يبقى “حلاً أخيراً”، وفي ظل تفشي جائحة كوفيد-19، دعا المدير الإقليمي هانز كلوغه إلى حماية أفضل للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاماً، وهي الفئة العمرية الأكثر تضرراً حالياً.
ولم يثنى موقف منظمة الصحة العالمية بعض الدول من المضى قدما فى إصدار قوانين إلزامية التلقيح، حيث تبنى مجلس النواب الألمان الجمعة قانونا يلزم العاملين في المجال الطبي بالحصول على لقاح ضد كوفيد-19 في خطوة أولى قبل توسيع فرض التطعيم ليشمل جميع السكان، المتوقع في بداية العام المقبل.
وتم إقرار مشروع القانون الذي يهدف إلى حماية المجموعات الضعيفة خصوصا، بأغلبية كبيرة في مجلس النواب حيث يتمتع الديمقراطيون الاشتراكيون ودعاة حماية البيئة والليبراليون بأغلبية، وتم اقرار القانون بموافقة 571 نائبا مقابل ثمانين عارضوا النص، وبذلك تنضم ألمانيا إلى دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وإيطاليا واليونان وبريطانيا التي فرضت التطعيم لطواقم التمريض.
وفى بلجيكا تبنت مجموعة من الجمعيات الحقوقية حملة بعدم فرض التطعيم الإجبارى ضد كوفيد 19 على المواطنين، وبعد أن حصلت تلك الحملة على توقيع أكثر من 43 ألف مواطن تم طرحها داخل البرلمان الفيدرالي فى بلجيكا، وكذلك في البرلمانات الإقليمية الثلاثة، حيث يطالب الموقعون بالحق في التحدث والحصول على جلسات استماع عامة مع لجنة تعددية من المتحدثين، مطالبه بمواصلة احترام حرية الاختيار لكل فرد.
وأعرب كريستوف دي بروير ، المدير السابق لكلية الصحة العامة في جامعة ULB (ليبر دو بروكسل) - في منشور على صفحته على موقع فيسبوك - عن قلقه بشأن النقص الكبير في حالات الإبلاغ عن الآثار الجانبية للقاحات كوفيد في بلجيكا. وقالت صوفي ميوليمانز ، المتحدثة باسم مبادرة Citoyenne " مواطن" ، أن الاثار الجانبيه للقاحات يمكن أن تكون اضطرابات القلب ، وأمراض المناعة الذاتية ، والاضطرابات العصبية، وشددت على ان هناك حاله من التعتيم على تلك الاثار الجانبيه، وطالما لم يتم رفع هذا التعتيم ، فمن الطبيعي بالنسبة لنا أن يفكر البرلمانيون في اتخاذ قرار أعمى بشأن التطعيم الإجباري للجميع “.
وفى سلوفاكيا قال رئيس الوزراء إدوارد هيجر إن التطعيم الإجباري لمن تبلغ أعمارهم 60 عاما فما فوق هو السبيل للخروج من جائحة كوفيد-19، وأضاف هيجر أن الأمر ليس مسألة رأي سياسي بل وقائع، إضافة إلى تجارب الخبراء، وأنه يجب على الائتلاف الحاكم أن يتوصل إلى اتفاق.
وقال هيجر إنه يتفاوض مع الائتلاف حول هذا الموضوع ، لكن لا يوجد اتفاق بعد، بحسب صحيفة "ذا سلوفاك سبيكتيتور" السلوفاكية، وقال رئيس الوزراء السلوفاكي: "من الواضح أن المسار الذي تسلكه كل أوروبا هو التطعيم الإجباري".
فى حين وجه مجلس الشيوخ الأمريكى توبيخا كبيرا لقرار الرئيس جو بايدن بإلزامية الحصول على اللقاح للعاملين فى الشركات الكبرى، فيما وصفته صحيفة "بولتيكو" بأنه تصويت رمزى إلى حد كبير للتخلص من أحد العناصر الرئيسية فى استجابة الرئيس للتعامل مع أزمة كورونا.
وانضم العضوان الديمقراطيان جو مانشين وجون تيتر إلى كافة الجمهوريين الحاضرين فى التصويت الذى جاء بموافقة 52 ورفض 48، بعدما هاجم المنتقدون هذا القرار باعتباره مثالا على التجاوز الفيدرالى، ورفضوا خيار الاختبار الأسبوعى للعاملين الذين يرفضون الحصول على اللقاح لأن توفيق غير كاف للأوضاع.
ولجأ المشرعون إلى آلية تسمى قانون مراجعة الكونجرس الذى يقدم مراجعة سرية لإلغاء قواعد إداراية. ولا يزال الالتماس المرافق فى مجلس النواب أقل من عدد التوقيعات المطلوبة 218 لإجبار النواب على إجراء تصويت مماثل. وقد وعد البيت الأبيض بالفعل باستخدام حق النقض ضد أى إجراء رفض يتم تمريره فى الكونجرس.
فيما تخطط وزارة الصحة التشيكية فرض إلزامية التلقيح ضد فيروس "كورونا" على المواطنين فوق سن الستين وللأشخاص من أصحاب المهن الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالفيروس مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية والجنود ورجال الشرطة والإطفاء وضباط الجمارك وموظفي الخدمات الاجتماعية، وذكر راديو (براغ الدولي) أن هذا القانون التنظيمي سيدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من مارس عام 2022، وأعرب الرئيس التشيكي ميلوش زيمان، عن تأييده للتلقيح الإلزامي، قائلًا إن الطريقة الوحيدة للخروج من الأزمة الصحية طويلة الأمد.