من الشرق إلى الغرب كانت أزمة غلاء الأسعار حاضرة بقوة خلال شهر يناير على موائد البرلمانات العالمية، فموجة التضخم العالمى التى لازالت تتصاعد بسبب أزمة وباء كورونا والتى أثرت على ارتفاع اسعار السلع الأساسية لم تفرق بين دول غنية أو فقيرة، فالجميع أمام التضخم سواء.
وفى ظل عجز الحكومات عن مواجهة الأزمة حاولت البرلمانات بحث حلول تشريعية تنحاز للمواطن الذى يدفع فاتورة الغلاء وحده، فى حين ذهبت برلمانات أخرى إلى انتقاد سياسة الوزراء فى التعامل مع الأزمة.
وفى أمريكا، أقر جو بايدن – الرئيس الأمريكي، بوجود أزمة في ارتفاع الأسعار المستمر داخل الولايات المتحدة، في وقت كشف فيه استطلاع رأي نشرته شبكة سي بي اس، أن أكثر من 50% من الأمريكيين يرون الاقتصاد الأمريكي يسير من سيئ إلى أسوأ.
وأكد بايدن أن أحدث تقرير عن التضخم في الولايات المتحدة يظهر أن هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به بشأن خفض أسعار المستهلكين، الأمر الذي يهدد أجندته المحلية مع دخوله عامه الثاني في منصبه، وفقا لشبكة سي بي اس.
ومع ارتفاع الأسعار، ينتقد الجمهوريون إدارة بايدن والديمقراطيين في الكونجرس، زاعمين أن الزيادات هي نتيجة سياسات الديمقراطيين و"الإنفاق المتهور".
وفى أوروبا يسير الوضع من سيئ إلى أسوأ، حيث ارتفع معدل التضخم في إيطاليا إلى أعلى مستوى له في أكثر من 10 سنوات، مع استمرار دفع زيادة تكلفة الطاقة الأسعار للصعود، وزادت تكاليف المعيشة بنسبة 4.2 % في ديسمبر، مقارنة بنفس الفترة من العام الأسبق، وبنسبة 3.9% عن الشهر السابق.
وفي حين سجلت إسبانيا، هي الأخرى أسرع معدل للتضخم في 30 عامًا في شهر ديسمبر الماضي، فإن دول شمال منطقة اليورو ربما تشهد فعلاً ذروة التضخم.
وفى اليونان، نجا رئيس الحكومة من سحب الثقة أمام البرلمان، حيث سقطت المذكرة التي طرحها زعيم أبرز حزب معارض أليكسيس تسيبراس بفارق تسعة أصوات، إذ صوت 142 نائبا لصالحها في البرلمان المؤلف من 300 مقعدا.
وقال تسيبراس لرئيس الحكومة خلال الجلسة البرلمانية: "استقل ووجه دعوة إلى انتخابات"، متهما الحكومة بالفشل في إدارة أزمة وباء كورونا أيضا وفي استجابتها لارتفاع أسعار الطاقة.
وفى الشرق الأوسط، كان الحال أصعب مع الظروف الاقتصادية التى تمر بها تلك الدول على خلفية الإغلاقات المتكررة بسبب كورونا، ففى موريتانيا دعا نواب في البرلمان الحكومة إلى وضع خطة لتخفيض الأسعار التي تشهد ارتفاعا غير مسبوقا في موريتانيا.
وأكدوا خلال مناقشة برنامج للحكومة للعام الجديد بحضور رئيس الوزراء المهندس محمد ولد بلال، على ضرورة وضع خطة لتخفيض أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية من خلال تخفيض التعرفة الجمركية أو إلغائها عن هذه المواد التي يجب أن تتوفر بأسعار مناسبة تتماشى ودخل مختلف فئات المجتمع.
وطالب النواب بوضع خطة عاجلة وفعالة، تشمل توفير المواد الأساسية للتجمعات السكانية في الأرياف والقرى، وتوفير الأعلاف بالكميات المطلوبة وبأسعار مناسبة.
وفى المغرب، قدمت النائبة فاطمة التامني عن تحالف فيدرالية اليسار الديمقراطي بالبرلمان المغربى، مقترح قانون يسعى لتنظيم أسعار بعض المواد الأساسية والخدمات بالمغرب.
وجاء هذا المقترح وفق فاطمة التامني: "نظرا لموجات الغلاء الفاحش التي عرفتها وتعرفها المواد الأساسية في السوق الوطنية، والتي يبدو من خلال كل المؤشرات أنها ستمتد نظرا للاختلالات التي تعرفها سلاسل الإنتاج وضغط الطلب على بعض المواد في السوق الدولية".
وقالت التامني: إنه أمام الارتفاع المهول والمستمر الذي تعرفه المواد الأساسية، وأمام جشع اللوبيات المتحكمة في أسواق مجموعة من السلع والخدمات، قدمت مقترح قانون بمجلس النواب يهدف إلى العودة لتقنين أسعارها عبر وضع حد أقصى للأسعار أو تحديد هوامش الربح القصوى ومنها: الزيت، الدقيق بكل أنواعه، الحليب ومشتقاته، حليب الأطفال، الأرز، والمحروقات، وكذا خدمات التعليم بكل مستوياته.
وفى الجزائر، صادق أعضاء مجلس الأمة الجزائرى، على مشروع قانون مكافحة المضاربة غير المشروعة في جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس، صالح قوجيل، بحضور وزير العدل، عبد الرشيد طبي، والذى يعاقب من يخفى السلع بغرض احتكارها ورفع الأسعار بالسجن 20 عاما.
وأكد وزير العدل طبي - وفقا لوكالة الأنباء الجزائرية - أن مشروع قانون مكافحة المضاربة غير المشروعة يهدف إلى وضع حدا لهذه الظاهرة والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين باعتبارها "واجبا من واجبات الدولة ودورها المكرس في المادة 62 من أحكام الدستور، والتي تكفل الحقوق الاقتصادية وتوجب على السلطات العمومية ضمان الأمن الغذائي والصحة والسلامة للمستهلكين".
وفيما يخص الأحكام الجزائية لهذا المشروع، ذكر الوزير أنه يقرر عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية وفقا لسلم تدرّجي تصاعدي منطقي للعقوبات، حيث يشدد العقوبة إذا كانت الجريمة تنصب على مواد أساسية كالحبوب ومشتقاتها، والحليب، والزيت والسكر والبقول بالحبس لمدة تصل إلى 20 سنة وغرامة بـ10 ملايين دينار، وترفع العقوبة إلى 30 سنة سجنا وغرامة بـ20 مليون دينار في حال ارتكاب هذه الجريمة في الحالات الاستثنائية أو خلال أزمة صحية طارئة أو تفشي وباء أو وقوع كارثة.
وأكد طبي، أن مشروع القانون يشكل "إطارا قانونيا خاصا بمعاقبة، من تسوّل له نفسه التلاعب والمتاجرة بأرزاق المواطنين، من خلال محاربة تخزين السلع الأساسية بغرض الإخلال بقواعد السوق ورفع الأسعار، ضمن ظاهرة استفحلت مؤخرا ولم تراع أدنى الظروف الصحية التي تعيشها بلادنا رغم المجهودات التي تبذلها في هذا المجال".
وفى لبنان، أجبرت أزمة ارتفاع الأسعار إلى خروج مظاهرات احتجاجية فى كافة الأرجاء، ما دفع أعضاء البرلمان للتحرك تلبية لمطالب الشارع، حيث اقترح عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب وائل أبو فاعور، قانون يتعلق بتشديد العقوبات على التجار المخالفين والذين يمارسون الغش.
وقال إنه ظهر في الفترة الأخيرة، إن لا رقابة على الأسعار ولا إجراءات رادعة، وقال: "يرتفع الدولار ترتفع الأسعار، ينخفض الدولار تبقى الأسعار مرتفعة".
وأضاف: "نحن كلقاء ديموقراطي تقدمنا باقتراح قانون لتشديد العقوبات على التجار المخالفين وعلى الذين يمارسون الغش أو الاحتكار، والعقوبات السابقة التي كانت أقرت قد تكون أصبحت اليوم وأساسا هي غير رادعة".