ـ الرئيس السيسى: ننفذ مبادرة "حياة كريمة " لرفع مستوى معيشة المواطن فى الريف والمناطق الأكثر احتياجاً
ـ العالم لا يملك رفاهية الانتظار أو التقاعس عن الجهد المطلوب لمواجهة تغير المناخ
قال الرئيس عبد الفتاح السيسى، إن مصر استطاعت تجاوز الكثير من تبعات أزمة كورونا على مدار العامين الماضيين، من خلال سياسات مالية واقتصادية واجتماعية، أثبتت نجاحها وفاعليتها، مؤكدًا أن الدولة المصرية تبذل فى الوقت الراهن، جهودًا شهدت لها مختلف الأطراف الدولية مكنتنا من تحقيق معدلات نموٍ إيجابيةٍ، رغم كافة الصعاب التى واجهناها، ولانزال وساهمت فى إيجاد حالة من الاستقرار والثقة الدولية، فى قدرة الاقتصاد المصرى على الصمود وامتصاص الأزمات وتجاوزها.
وأضاف الرئيس السيسى - فى كلمته التى ألقاها خلال أعمال الجلسة الرابعة للمنتدى العالمى للتعافى من الجائحة بمنظمة العمل الدولية- أن مصر استطاعت أيضًا رغم الأزمة، أن تنفذ مبادرات طموحة، لرفع مستوى معيشة المواطن فى الريف والمناطق الأكثر احتياجًا، من خلال مبادرة "حياة كريمة"، ومد شبكة الضمان الاجتماعى لمئات الآلاف من الأسر، من خلال برنامج "تكافل وكرامة" مما ساهم فى تخفيف عبء الجائحة فضلًا عما تبذله مصر من جهود لتعزيز الشمول المالي، ودمج الاقتصاد غير الرسمى والرقمنة.
وتابع الرئيس السيسى: "أتقدم بالشكر لمنظمة العمل الدولية، على تنظيم هذا الحدث المهم، الذى يجمع بين رؤساء الدول والحكومات، بوصفهم المسئولين عن صياغة وتنفيذ سياسات دولهم الوطنية وبين قادة عددٍ من أهم المنظمات والبنوك ومؤسسات التمويل الدولية، الذين تساهم شراكتهم مع الحكومات، فى صياغة التوجهات العالمية لشتى القضايا الدولية، التى تهمنا وتؤثر على شعوبنا ومستقبلنا، فضلًا عمن ممثلى العمال وأصحاب الأعمال، والذين يضطلعون بدور بالغ الأهمية، فى عالم أصبحنا ندرك فيه جميعًا حجم التداخل بين الأزمات الدولية المختلفة، ومدى التأثير الواسع لها على كافة مناحى الحياة".
وأشار الرئيس السيسى، إلى أنه من هذا المنطلق، "فلقد حرصت على أن أشارك معكم اليوم، فى هذا الحوار المهم حول التعافى من الجائحة ومستقبل النظام الدولى فى عالمٍ جديدٍ، أخذٍ فى التشكل أمامنا يومًا بعد يومٍ".
وأضاف الرئيس السيسى: "فبعد أكثر من عامين، على بداية أزمةٍ دوليةٍ عصفت بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتجاوزت فى تأثيرها أكثر أزمات العالم فداحةً، أظنكم ستتفقون معي، أن أى محاولاتٍ للتغلب على تداعيات تلك الأزمة، لابد وأن يكون الإنسان محورها الرئيسي، فلقد كانت جائحة "كورونا – ولا تزال – أزمةً إنسانيةً بوجه عام، لا أزمة صحية فقط أو اقتصادية أو اجتماعية فحسب”.
وشدد الرئيس السيسى على أن الصراحة تقتضى منا، التسليم بأن تلك الأزمة قد كشفت بشكل جلي، عن مواطن ضعف ببعض جوانب المنظومة الدولية، يتعين علينا التوقف عندها وبحثها، بغية إيجاد حلول فعالة للتغلب عليها؛ مضيفًا:"ولهذا؛ فأود أن يكون حديثى معكم اليوم، حول مستقبل النظام الدولى خلال السنوات القادمة، وقدرته على الاستجابة للأزمات العالمية الطارئة، وتبعاتها متعددة الأبعاد".
وطرح الرئيس السيسى مجموعة من التساؤلات منها: هل يمكن لنا تحمل تبعات استمرار وجود نحو 61٪، من قوة العمل فى العالم فى عداد الاقتصاد غير الرسمى فضلًا عن افتقار نحو "٤" مليارات إنسان للضمان الاجتماعي؟، وإذا كانت الإجابة بلا، وأظنها كذلك، فيصبح التساؤل المنطقى الثاني: " هـل لـدينا القدرة على الخروج – جماعيًا – من الأزمة والتطلع إلى مستقبل أفضل"؟ .. وإذا كانت الإجابة نعم، وأظنّنا نريدها كذلك فأى طريق نسلك؟ .. هل نستمر على السياسات القديمة، أم نحاول البحث عن سياسات جديدة؟"
وقال الرئيس السيسى: "واسمحوا لى أيضًا، أن أضع أمامكم، عددًا من النقاط التى قد تساهم فى النقاش، حول هذه التساؤلات: أولًا – إننا وقد اتفقنا على صعوبة الاستمرار على الوضع الحالى، فعلينا أن نتفق كذلك، على أنه لا خروج من هذه الأزمة، دون سياسات متكاملة، وآليات فاعلة لتنفيذها وقدرة مالية على ذلك، وتلك التحديات ستجد الكثير من الدول النامية والأقل نموًا، صعوبات جمة فى تجاوزها.
ثانيًا – إن التعافى من الأزمة ممكن، إذا توافرت الإرادة الدولية الصادقة، والتزمت جميع الأطراف بمبـدأ تقاسـم الأعباء والمسئوليات، فى إطـار من الشراكة الدولية الحقيقية، ذات الآليات الواضحة والمسئوليات المحددة.
ثالثًا- إن إعادة ترتيب الأولويات، التى عادة ما تصاحب مراحل ما بعد الأزمات، لابد ألا تنتهى بنا إلى مسارات متباينة، يكون من شأنها عرقلة مساعينا الجماعية، لبلوغ أهداف التنمية المستدامة، أو إضعاف الثقة التى وضعناها جميعًا فى هذه الأهداف وآليات تنفيذها، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
رابعًا- أهمية دور المؤسسات والمنظمات الدولية، فى صياغة سياسات للعمل، تستطيع إيجاد حلول لمشكلات اجتماعية تنشأ وتتطور بسرعة، بشكل ربما يتجاوز قدرة المنظومة الدولية الحالية، على مواكبتها والتكيف معها.
وأشار الرئيس السيسى إلى محورية ما تقوم به منظمة العمل الدولية فى هذا السياق، خاصةً" النداء العالمى للتعافى الشامل والمستدام"، الذى أقره مؤتمر العمل الدولى فى عام ٢٠٢١، ليكون منهاج عمل واضحًا لكافة الأطراف، فى سبيل تحقيق تعاف شامل ومستدام محوره الإنسان.
وأوضح الرئيس السيسى أن أزمة المناخ العالمية وتبعاتها السلبية، ألقت بدون شك، بظلالها على جهود دولنا فى التعافى من الجائحة، وتجاوز تأثيراتها المتعددة، خاصة فى الدول النامية ، وتابع الرئيس : وعلى الرغم من ذلك فإن عالمنا اليوم، لا يملك رفاهية الانتظار، أو التقاعس عن القيام بالجهد المطلوب، لمواجهة تغير المناخ ودرء آثاره.
وأضاف الرئيس السيسى : "ومن ثم، فإننى أؤكد مجددًا، على ضرورة إيجاد السبل الكفيلة، بتمكين الدول النامية من الوفاء بالتزاماتها، ورفع طموح عملها المناخي، وفقًا لاتفاق "باريس" دون الإخلال بمبادئ الإنصاف وعدالة الانتقال مع توفير الحماية الاجتماعية، ودعم جهود تحقيق التنمية والقضاء على الفقر.
وتابع الرئيس السيسى : “وإن ذلك لن يأتي، دون توفير بيئة دولية مواتية، تساهم فى حشد التمويل اللازم للدول النامية، لدعم جهودها لمواجهة تغير المناخ والتكيف مع أثاره، وبناء القدرة على تحملها مع وضع التعهدات موضع التنفيذ، وتقليص الفجوات التى يواجهها عمل المناخ الدولي، على كافة الأصعدة. . وهذا ما هو بعض ما نصبو الى تحقيقه، خلال رئاسة مصر لقمة المناخ القادمة، فى شرم الشيخ نهاية العام الجاري، وسنعمل مع كافة الأطراف بحياد وشفافية، فى سبيل ذلك”.
وعبر الرئيس السيسى عن تطلعه لتلقى الخلاصات والنتائج التى ستصدر عن المنتدى والتى ستعكس النقاشات والمداولات القيمة التى دارت خلاله.
وقال الرئيس:" وإننى لعلى ثقةٍ، أنها ستساهم فى تعزيز فهمنا، لحجم وأبعاد المشكلة العالمية التى نواجهها، وسبل المضى قدمًا، نحو إيجاد حلولٍ ناجعةٍ لها، تحقق تطلعات شعوبنا وآمالها المشروعة".