"أبواب الناتو مفتوحة للدول الأوروبية".. جملة صدرها الرئيس الأمريكى جو بايدن خلال خطاب له منذ أيام بعد بدء العملية الروسية فى أوكرانيا، ربما كان يرغب بها تحدى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، الذى يتخذ من رغبة أوكرانيا فى الانضمام للحلف العسكرى ذريعة لاجتياح الدولة الجارة له، فى حين أن تلك الجملة ذهبت لمدى أبعد مما كان يقصده بايدن.
حيث داعبت تلك الجملة أحلام دول الجوار الأوكرانى، والتى وقفت على بُعد بضع كيلومترات تشاهد العملية العسكرية الروسية وما واجهه الشعب الأوكرانى من تشريد، وتتخيل أنها فى أى لحظة قد تلقى هذا المصير ولن تجد من يساندها لأنها ليست عضو فى "الناتو".
ولم يكد بايدن ينتهى من تصريحاته حتى بدأت تحركات حثيثة من قبل دولتى فنلندا والسويد للتلويح برغبتهما فى الانضمام لحلف الناتو، بل لم يقف الأمر عند حد التعبير عن الرغبة، بل تحول الأمر إلى مباحثات حكومية وبرلمانية فى كلتا الدولتين.
وأكدت كل من فنلندا والسويد حقّهما فى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسى (الناتو) إذا رغبتا بذلك، ومنذ تصعيد الأزمة الأوكرانية، حرصت فنلندا والسويد على الحصول على ضمانات أن مجال دخولهما إلى الحلف لا يزال موجودا. فهما خارج الحلف رغم أنهما حليفتان له منذ منتصف تسعينيات القرن الماضى.
وأعلنت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين أنّ البرلمان سيناقش عريضة قدّمها مواطنون يطالبون فيها بتنظيم استفتاء حول انضمام بلدهم لحلف شمال الأطلسى بعد هجوم القوات الروسية أوكرانيا.
وقالت مارين فى تغريدة على تويتر إنّ النواب مدعوّون للتعبير عن مواقفهم من هذه العريضة لكنّ الجلسة "لا تهدف لإجراء نقاش أوسع بشأن موقف فنلندا من الانضمام إلى تحالف عسكرى أو لا".
ويأتى هذا الإعلان بعدما أظهر استطلاع للرأى، للمرة الأولى فى تاريخ فنلندا، وجود أغلبية واضحة تؤيد انضمام البلاد إلى التحالف العسكرى الغربى، وحصل هذا التغيير الجذرى فى الرأى العام الفنلندى بعد الاجتياح العسكرى الروسى لأوكرانيا.
وأوضحت رئيسة الوزراء أنّه بعد أن جمعت العريضة توقيع 50 ألف مواطن، وهو العدد اللازم لإحالتها إلى البرلمان، فإنّه "من المفيد الاستماع إلى وجهات نظر الأحزاب حول هذه المسألة، ومن هذا المنظور، سيكون السؤال على جدول أعمال الجلسة البرلمانية".
والعريضة التى تطالب بإجراء استفتاء عام على عضوية فنلندا فى حلف شمال الأطلسى أطلقت الإثنين الماضى وبلغ عدد الموقّعين عليها الـ50 ألفاً يوم الجمعة.
وفى السياق ذاته قالت رئيسة الحكومة السويدية ماجدالينا أندرسون "أريد أن أكون واضحة جدا، إن السويد وحدها، وبطريقة مستقلّة، هى من تختار خطّها فى ما يخصّ الأمن".
ورغم أن فنلندا والسويد خارج الحلف إلّا أنهما دُعيتا لحضور اجتماع الناتو الجمعة.
وسبق وأكدت وزيرة الخارجية السويدية، آن ليندى، أنه ليس لدى بلادها نية لطلب عضوية حلف شمال الأطلسى (الناتو)؛ لافتة إلى الاستعداد لفرض عقوبات كبيرة مع شركائها، على روسيا، فى حال أقدمت على أى "تصرف عدواني" ضد أوكرانيا.
وحلف الناتو أو حلف شمال الأطلسى كما يطلق عليه، هو منظمة عسكرية دولية تأسست عام 1949 من خلال معاهدة تم الاتفاق والتوقيع عليها فى واشنطن معاهدة شمال الأطلسى، بهدف الدفاع المتبادل حال تعرض أى دولة من دول الحلف لهجوم عسكرى.
ويضم الحلف مايقرب من 30 دولة فى مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وتركيا.
وأشعلت تحركات فنلندا والسويد غضب موسكو التى سارعت لتحذيرهما من أن هذه الخطوة ستكون لها عواقب عسكرية وسياسية "خطيرة" للغاية، ولن تتركها موسكو دون إجابة ورد حاسم.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية "ماريا زخاروفا"، إن المحاولات المستمرة من قبل الناتو "لجذب تلك الدول السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، ومن ثم الدوران فى فلك مصالحها وسياساتها الانتهازية"، لن تمر مرور الكرام من قبل روسيا.
وأشارت إلى أن توجيهات القيادة الروسية والرئيس "فيلاديمير بوتين" واضحة، وقالت إن "التفكير بانضمام فنلندا والسويد إلى الناتو سيكون له عواقب عسكرية وسياسية خطيرة تتطلب استجابة مناسبة من الجانب الروسى".
وتابعت: "على السويديين والفنلنديين أن يكون لديهم الوعى لذلك، فحتى التفكير فى الانضمام للناتو غير مسموح به".