ينظر مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة يوم الأحد المقبل برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق تقرير لجنة الثقافة والسياحة والآثار عن الاقتراح برغبة المقدم من النائب عمرو عزت عضو تنسيقية شباب الأحزاب عن تطوير منهجية وطنية لاستخدام مسارح وزارة الثقافة فى مواجهة الإرهاب الفكرى.
وأشار النائب فى الاقتراح برغبة إلى أنه تحت شعار الفنون والثقافة جزء من التنمية وحقوق الانسان أعلنت الدولة المصرية خلال النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم 2022 انطلاق مسرح شباب العالم كجزء من رؤية الدولة الوطنية أدوات قوتها الناعمة ووسيلتها الرئيسية فى فرض وسيادة نمط ثقافى ومعرفى يعزز قيم الانتماء ويدعم رؤية المواطن لدوره ومواقفه تجاه القضايا الوطنية، وهو ما يتطلب أن تستعيد مؤسسات الثقافة من مسارح وسينمات لحيويتها ونشاطها فى اكتشاف المواهب وتيسير بيئة ومناخ الإبداع لهم.
وذكر النائب أن الدولة تعى تماما أهمية الثقافة ودورها فى مكافحة التطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة حوله، وهو ما جعلها تحرص فى مخططها التنموى للنهوض بالخدمات ومستويات المعيشة فى القرى والمدن الأكثر احتياجا (مبادرة حياة كريمة) على أن تتضمن كل وحدة منها (بيت للثقافة) يتيح للأهالى ممارسة أنشطتهم الابداعية واكتشاف المواهب بينهم، بالإضافة لتحجيم تأثيرات الإرهاب الفكرى والقيم المغلوطة التى تسعى جماعات التطرف لنشرها، باعتبار أن تأثيرات الدراما والابداع الفنى فى مكافحة التطرف بالغة الفعالية والنجاح، نظرا لدور الفن الساحر فى تهذيب المشاعر والأحاسيس والتأثير فى وجدان متلقيه مضيفا بقدر غياب الفن فى مواجهة ظاهرتى الإرهاب والتطرف فى فترات سابقة بقدر ما نجح فى تفكيك خطاب هاتين الظاهرتين خلال السنوات القليلة الماضية، وهذا ما يمكن رصده بتحليل تأثيرات وتفاعل الجماهير مع الإنتاج الدرامى المصرى مع دخوله لهذا المجال عبر العديد من الأعمال الفنية والدرامية الحديثة.
وأضاف تمتلك الدولة عددا من القصور وبيوت الثقافة والتى يبلغ عددها نحو (347) وحدة، و(40) دور مسرح، ووصل عدد الحفلات المسرحية إلى نحو (793) حفلا، طبقا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وبالرغم من ذلك فإن مستوى فعاليتها واندماجها فى رؤية وطنية تستهدف مكافحة الفكر المتطرف والحرب على الإرهاب وتحجيم تأثيرات جماعاته تأتى شديدة المحدودية وتمثل محاولات فردية لأصحابها فى ظل غياب الرؤية المركزية الموحدة للعاملين فى هذا القطاع وهو أمر يستوجب التدخل العاجل وتصحيح ما به من عوار أو تباطؤ خاصة فى ظل حرص الدولة على استهداف فكر تلك الجماعات وتفنيد ما يتضمنه من ضلالات.
وتابع قائلا فى إطار المشهد العام والمعطيات المجتمعية التى تضغط من أجل تحقيق نقلة نوعية فى الاهتمام ببرامج الثقافة وتعزيز قدرات المؤسسات الثقافية والإبداعية على تشكيل الوعى والعقل الجمعى للشباب وتوعيتهم بمخاطر الفكر المتطرف وأساليب مقاومته وتفنيد ذرائعه فان الأمر يتطلب قيام وزارة الثقافة بتبنى صياغة مشروع وطنى لاستغلال المسارح وقاعات العرض التابعة لها لتعزيز ثقافة المواطنة والحرب على الفكر المتطرف والتنسيق بين كافة المؤسسات الوطنية المعنية برسم السياسات العامة للدولة، لتحقيق هذا الهدف ومتابعة مدى الالتزام بتطبيقه.
وأشار تقرير اللجنة إلى أن ممثلى الحكومة أكدوا أن وزارة الثقافة تعمل وفقا لمنهجية أساسية وهى التوجه الوطنى من خلال ثوابت الوطن، وفى ضوء برنامج عمل الحكومة الذى يتضمن تعزيز القيم الإيجابية للمجتمع ورفع الوعى والانتماء والمواطنة والولاء لديهم ومن خلال حرية المواطن المصرى فى التعبير عن أفكاره وتطلعاته للمستقبل لأن فكر الحرية دائما يعطينا المجال الكبير للتفكير بعيدا عن الأفكار التقليدية، حيث أن الفن له دائما رؤية مستقبلية.
وذكرت الحكومة على لسان ممثليها كما جاء بالتقرير أن وزارة الثقافة تدرك الدور المهم الذى يقدمه المسرح فى مواجهة معركتنا ضد الإرهاب الفكرى ولذلك اهتمت عبر السنوات الماضية بالمسرح والمحتوى الذى يقدمه، والمنشآت التى تعمل على إعداد من يصنعون المسرح، وأخرجت وزارة الثقافة للحياة الفنية فى مصر وجوها كثيرة من الفنانين من خلال مركز الإبداع الفني، والبيت الفنى للمسرح المنوط به الإنتاج المسرحي، والمؤسسة الخاصة به التابعة لقطاع الإنتاج، وهى التى يوجد بها كل مسارح الدولة (المسرح الطليعة-الحديث)، ولقد أسس الكثير من الفرق المسرحية، وقام بالعديد من المشروعات مثل المشروع الذى يقيمه صندوق التنمية الثقافية مع مركز الإبداع الفنى تحت عنوان (مواسم نجوم المسرح الجامعى الذى تحتضن فيه وزارة الثقافة شباب المسرح الجامعى من كل الجامعات وبدأ هذا المشروع منذ خمس سنوات بجامعتين فقط، ووصل فى دورته الأخيرة لأكثر من عشر جامعات من كل المحافظات، وتم عمل ورش فنية لهؤلاء الشباب مع أهم النجوم الذين تخرجوا من المسرح الجامعى بالإضافة الى مشروعات قام بإعدادها البيت الفنى للمسرح وهى (مسرح الطفل، ومسرح العرائس)، وتم إنشاء فرقتين لدمج ذوى الاحتياجات الخاصة مع فنانين محترفين للعمل معهم.
وكذلك مشروع المسارح المتنقلة بالتعاون مع الهيئة القومية للإنتاج الحربي، وهو عبارة عن عربات متنقلة نستطيع من خلاله الدخول إلى القرى والنجوع ومشروع (أبطال من بلدنا) وهو كتاب من تأليف الكاتب محمد نبيل، وتم طباعته فى الهيئة المصرية العامة للكتاب، يتناول قصص وبطولات شهدائنا وشهداء الوطن فى معركتهم ضد الإرهاب فى سيناء والعريش بالإضافة إلى مشروع العواصم الثقافية ومشروع (أهل مصر) وهو خاص بأطفال المحافظات الحدودية.
هذا إلى جانب إطلاق العديد من المشروعات الثقافية الخاصة بالشباب والمرأة، والتى تهدف كلها إلى توجيه فكر الشباب حتى لا يتحول إلى الأفكار المتطرفة، وكذلك اكتشاف المواهب، وإعداد قاعدة بيانات خاصة بأعمال الهيئة العامة لقصور الثقافة.
وأشار ممثلو الحكومة إلى طرح الهيئة العامة لقصور الثقافة مبادرات جديدة لتوسيع أنشطتها وتحقيق أهدافها، ومن بين هذه المبادرات مثل المبادرة الخاصة بمسرح (المواجهة والتجوال) وهى تعد من أهم المبادرات التى أقيمت تحت رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، حيث نقوم بالتحرك فى جميع قرى ونجوع مصر، وأطلق عليها هذا الاسم المواجهة والتجوال" لأن عروضها تكون موجهة للأفكار الظلامية، والتجوال لتحاول مصر من خلالها الوصول إلى كل محافظات ونجوع مصر، و لقد تم البدء بمحافظتين ثم أربع حتى وصل الآن إلى حوالى ثمانية عشر محافظة وهناك مبادرتان بدأتا فى البيت الفنى للمسرح، وهما الأولى بعنوان (ابدأ حلمك)، وهى مبادرة هادفة إلى رعاية شباب الموهوبين، ولقد بدأ تطبيق هذا المشروع فى كل المحافظات لاحتضان شباب الفنانين والثانية بعنوان (اعرف جيشك يقدم فيها العروض التى تروى قصص شهداء الوطن.
وأكد أعضاء اللجنة وفقا لما ذكر التقرير أهمية أن يكون المسرح جزءا من مشروع قومى فنى ثقافى متكامل، وألا يقتصر على إنتاج المسرحيات فقط، بل تقديم بدائل متنوعة من حيث المحتوى، نظرا لأهميته فى تغيير الواقع الاجتماعي بالإضافة الى أهمية دور الإعلام فى دعم أنشطة مسارح الدولة من أجل نشر الثقافة المسرحية عند المشاهد، وهو ما يستوجب وجود آلية للتنسيق والتعاون بين وزارة الثقافة والهيئات المشرفة على الإعلام المجلس الأعلى للإعلام - الهيئة الوطنية للإعلام - الهيئة الوطنية للصحافة.
وطالب الأعضاء بالاهتمام بمسرح الجامعة لما له من دور كبير فى تنمية وعى الشباب لمواجهة الفكر المتطرف، لذلك يجب أن يكون هناك تعاون شامل ومتواصل ما بين مسرح الدولة، ولفتوا الى أن وزارة الثقافة تبذل مجهودا كبيرا، إلا أنها تحتاج إلى سياسة ترويجية لأنشطتها المتميزة مع ضرورة تقديم مسرحيات موجهة إلى أماكن تمركز وجذور الإرهاب الفكرى.
وأهمية التوجه إلى طلاب المدارس الأجنبية الموجودة فى مصر لغرس الولاء والانتماء لديهم بالإضافة الى إعداد المزيد من الدراسات الاجتماعية بشأن تحليل البيئات التى يمكن أن تكون دافعة للفرد نحو التطرف الفكرى، بهدف العمل على معالجة تلك الظروف والأوضاع
وأكدت اللجنة أهمية الدور الذى يمكن أن تلعبه المسارح التابعة لوزارة الثقافة المصرية كمؤسسات تنويرية في نشر الفكر المستنير واكتشاف المواهب وتعميق مفهوم الثقافة الوطنية، فى مواجهة الفكر المتطرف الهادف إلى تغييب عقول الشباب والتلاعب بوعيهم.
وأوصت اللجنة بالعمل بشكل تكاملى بين الوزارات والهيئات المعنية بصناعة الوعى والنهوض بها، وأهمها الثقافة التعليم - الإعلام - الشباب – الأوقاف مع وضع استراتيجية وطنية للثقافة المصرية والاستفادة من التكنولوجيا الرقمية فى إبراز الدور الذى تقوم به وزارة الثقافة وقطاعاتها المختلفة بما ينشر الوعى بهذا الدور من ناحية، ويحقق لها مردودات داعمة لأنشطتها من ناحية أخرى.
كما أوصت بالاهتمام بالمحتوى الذى تقدمه قصور الثقافة المنتشرة فى مختلف محافظات الجمهورية بالتعاون بين وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم بشأن المسرح المدرسى لأهميته فى توجيه عقول أولادنا خلال هذه المرحلة العمرية، وذلك بهدف نشر الأفكار السليمة والقيم الإيجابية فى نفوسهم منذ الصغر.