ينظر مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة، اليوم، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، تقرير لجنة الثقافة والإعلام والسياحة، عن الاقتراح برغبة المقدم من النائب محمد البنا بشأن كيفية الحفاظ على لوحات كبار الفنانين العالميين.
وذكر النائب فى الاقتراح برغبة أن مصر تمتلك ثروة فنية طائلة من اللوحات الفنية لمشاهير الفنانين العالميين والمقتنيات العينية التى كانت تخص مشاهير الامراء السابقين ما قبل 1852 وهناك قصور من الدولة فى إنشاء متاحف فنية لعرض هذه الثروة الهائلة حتى تؤدى دورها الثقافى فى المجتمع والمحافظة على ذاكرة الأمة وتاريخها مضيفا هناك لوحات عالمية فقدتها مصر بسبب عدم المتابعة ولعدم توثيقها ايضا مثل لوحة زهرة الخشخاش للفنان العالمى فان جوخ هناك كما أن هناك لوحات فى الوزارات الحكومية المختلفة والسفارات المصرية بالخارج، مشيرا إلى أن ما يثار من نقاش بشأنها بين المثقفين وأصحاب الفكر عن مصير هذه اللوحات العالمية التى فقدت سواء من المتاحف أو أثناء نقلها أو انتقالها بين الدول.
ولفت النائب إلى زيادة المخاوف على هذه اللوحات إذا ما تم تزيفها بسبب عدم توثيقها عالميا، وهو ما يوجب أهمية تشكيل لجنة من الفنانين الخبراء المصريين بمساعدة بعض الخبراء الأجانب المهتمين بهذا الشأن وتكليفهم بالتأكد من أن هذه اللوحات أصلية وليست مقلدة.
واشار النائب إلى أهمية الاستفادة من هذه اللوحات فى المجال السياحى من خلال الإعلان عنها وعرضها كما يحدث فى كثير من دول العالم، موضحا ممثلو الحكومة كما جاء بتقرير اللجنة الجهود التى تبذلها وزارة الثقافة فى سبيل صون هذه الثروة الفنية وكيفية استثمارها لتعظیم عوائدها حيث ذكروا أن وزارة الثقافة يتبعها 28 متحفا ما بين متحف فنى ومتحف قومي؛ منها ثلاث متاحف فقط بها اللوحات العالمية وهي: متاحف "الجزيرة، محمود خليل، الفنون الجميلة بالإسكندرية"، وأنها موثقة ومسجلة دوليا وأن جميع اللوحات والمقتنيات المتواجدة بالمتحف المصرى الحديث مسجلة بسجلات المتحف بشكل دقيق وتتم مراجعتها بين الحين والآخر من جانب عديد اللجان التى تضم الخبراء والفنيين والموظفين من قطاع الفنون، كما يتم استقدام أساتذة من الكليات الفنية بالجامعات المصرية للاستفادة من خبراتهم فى هذا الخصوص هذا إلى جانب وجود لجنة دائمة المتحف للمتابعة لأنه هو المتحف الأكبر والذى يضم أكبر عدد من المقتنيات.
وأشار ممثلو الحكومة، إلى أن عملية خروج اللوحات الفنية من المتحف المصرى الحديث وهو المتحف الوحيد الذى يتم إعارة لوحاته ومقتنياته تتم وفقا لضوابط وإجراءات محددة، فلا توجد لوحات خرجت إلا بقرارات وزارية، ويتم فتح المتحف ونقل اللوحات بمرافقة شرطة السياحة وبمحضر أحوال، حيث توجد هناك لجنة دائمة معنية بفتح المتحف وغلقه.
وفيما يخص إعارة اللوحات إلى المؤسسات الحكومية أكدوا وجود لوائح وضوابط محددة فى هذا الشأن، ويتم مراجعة أماكن تواجد اللوحات سنويا بما يضمن حمايتها والمحافظة عليها.
وأشارت الحكومة على لسان ممثليها إلى وجود إشكالية تتعلق باللوحات التى داخل السفارات، حيث بدأت الإعارات منذ الأربعينات وحينها لم يكن موجود وزارة ثقافة ولا وزارة المعارف ولا متحف فنى حديث بهذا الشكل لعرض اللوحات، وأضافوا قمنا حاليا بتشكيل لجنة مشتركة مع وزارة الخارجية وسجلنا بعض الأعمال، حيث كان هناك أعمال تم التساؤل عن مصيرها، مثل لوحة الراهبة" للفنان أحمد صبري" حيث توجد فى بيت مندوب مصر الدائم للأمم المتحدة، ولوحة الفنان محمود سعيد" موجودة فى نيويورك فى سفارة مصر بالقنصلية وهكذا.
وقالوا لن ننتهى من هذا العمل لأنه عمل ضخم وكبير ولن يسفر عن نتائج كاملة، وهو ما دفعنا إلى أهمية التحرك لاستعادة هذه اللوحات وفى هذا الخصوص هناك موقف محدد كان عام 1948 وهو أن سفارتنا فى روما بها لوحة لمحمود سعيد "ذات المنديل الأخضر" وذهبت اللجنة ولم تجدها، وبعد فترة تم العثور عليها فى سفارتنا فى الفاتيكان حيث قام أحد السفراء بنقلها، لذلك قمنا بإضافة مادة جديدة فى القرار الوزارى بشأن إعارة اللوحات، بأنه يحظر نقل الأعمال إلا بعد العودة إلى وزارة الثقافة، وقمنا بإيقاف الإعارات و استرددنا خلال السنوات الماضية حوالى 1500 لوحة.
ولفتوا إلى أنه فى إطار العناية باللوحات والحفاظ عليها فى ملحق بالمتاحف قاعات لتخزينها، وتعد قاعات الجزيرة هى الأهم والأكبر لأنها مصممة على أحدث المستويات العالمية لحفظ اللوحات، وهناك قسم الصيانة والترميم به متخصصين يقومون بعمليات فحص دورى لهذه الأعمال للوقوف على حالتها، لأن مظاهر التلف متعددة ومنها "الرطوبة، والحرارة، ودرجات التكييف، ومعدلات التلف الزمني.
وأشاروا إلى أنه يتم التأكد من سلامة اللوحات، عن طريق عمل بصمة اللوحات قبل خروجها إلى المعارض من خلال التحليل الطيفى لدرجات الألوان لإعداد رسم بيانى لألوان اللوحة الأصلية من خلال ميكروسكوب مستقطب مزود بكاميرا ديجيتال ويحفظ على كارت ميمورى بتوصيات من هيئة الرقابة الإدارية فى هذا الشأن مع مدير عام الترميم، ويوجد جهتان تقومان بعمل بصمة للوحات (خبراء قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة - خبراء الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية) ويتم ذلك بعدة أجهزة لها قراءات محددة لعمل البصمة، وعند رجوع الأعمال يقوم الخبراء بفحصها بالأجهزة وعمل تطابق البصمة للتأكد من صحة اللوحات حين عودتها أنها هى كما سافرت ولم يتم تغييرها.
وفيما يتعلق بشراء الأعمال الفنية حاليا اوضحوا انه لا يتم دخول أعمال للمتاحف إلا من خلال لجنة مقتنيات شكلت لهذا الغرض تقتنى من لوحات الفنانين التشكيليين المصريين المعاصرين فى الوقت الحالي، وهذه أعمال معروضة حاليا فى قاعات العرض أما أعمال الفنانين المهمين فتكون باهظة الثمن ولا يمكن إضافتها لميزانية المقتنيات المخصصة لشراء اللوحات حيث تقدر سنويا "بمليون أو ۲ مليون جنيه، فلا نستطيع اقتناء أحد الأعمال لفنان مهم من الفنانين المعاصرين مثل "محمود سعيد"، لا نستطيع، أو عرض مثلا عمل للفنان الفرنسى "كلود مونية والتى تبلغ قيمته لا التسويقية تتجاوز الـ100 مليون دولار.
وذكر المسئولون بالنسبة لتدعيم موارد الدولة، هناك تعليمات بعدم عرض أى أعمال فنية بشكل مجانى حيث كنا نكتفى فى الماضى بالمردود الثقافى على مصر وعلى متاحفها وأعمالها الفنية من خلال المشاركة فى المعارض الدولية مثل معرض "جوجان" ولكن حاليا تم تشكيل لجنة لتعظيم الاستفادة المادية من هذه المعارض وبدأنا الاهتمام بالمشاركة فى المعارض الخارجية بأعمال فنية ومؤخرا شاركنا بأعمال الفنان "راتب صديق" بحوالى 6 أعمال، ثم معرض موناكو، وهذا يساهم بشكل كبير فى الترويج بأن مصر لديها إرث ثقافى فى هذا المجال.
وفيما يتعلق بالمردود المادي، لا نستطيع أن نقارنه بالمصروفات، فمن حيث عدد الزائرين هناك إقبال معقول على المتاحف، لأننا لدينا مشكلة عزوف عن هذا الموضوع فهى مشكلة مجتمعية، فثقافة الفن التشكيلى ليست لغة متعالية ولكن الناس لا تحبها وحاليا بدأ عدد الزائرين فى التحرك خاصة الأجيال الصاعدة، وهناك اهتمام سواء من المصريين أو الأجانب "شباب أو كبار"، ونأمل فى زيادة الأعداد خلال الفترة القادمة علما بأن رسالتنا ليست المردود المادى فقط، بل لدينا رسالة أخرى وهى تسجيل الحركة التشكيلية المصرية، وتعليم النشء والأطفال ثقافة الفن التشكيلى وأهميته.
ووضعت اللجنة نحو 4 توصيات منها تعظيم الاستفادة من الثروة الفنية التى تمتلكها مصر من اللوحات الفنية والمقتنيات الأثرية للترويج السياحي، وهو ما يمكن أن يتم من خلال عدة طرق مثل القيام بالتصوير ثلاثى الأبعاد للوحات الفنية، وعمل مزيد من المستنسخات لهذه اللوحات مع إقامة معارض افتراضية بالمراكز الثقافية المصرية المنتشرة فى مختلف أنحاء العالم وأعداد كتب تعريفية بعدة لغات عن الفنانين المصريين والرواد وطباعتها وتوزيعها.
وأوصت اللجنة بإطلاق مشروع قومى لتوثيق كافة اللوحات الفنية المنتشرة فى جميع المصالح والمؤسسات الحكومية، وأن يشمل ذلك التوثيق تصوير العمل وعمل بطاقة تعريف له عليها اسم الفنان والعمل والمقاس المواصفات أخذ بصمة من اللوحة وتكبيرها، على أن يشرف على هذا المشروع نقابة التشكيليين بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة وقطاع الفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة، كما أوصت بالاستفادة من نمط الاستثمار الذى شهدته ساحة الفن التشكيلى مؤخرا، القائم على فكرة العروض المتغيرة (لوحات للإيجار)، إذ لم يعد الأمر مقتصرا فقط على البيع والشراء ففى ضوء ارتفاع أسعار بعض اللوحات الفنية يمكن أن تلجأ الدولة بدلا من شرائها إلى الاتفاق مع هذه اللوحات ومقتنيها، لعرضها مدة زمنية معينة مقابل مبالغ مالية تقل فى حالة الشراء.
وأكدت اللجنة أن الاستثمار بهذه الطريقة يحقق عائد من جانبين الأول عرض اللوحات الفنية التى تملكها الدولة بما يحقق مكاسب وعوائد والعائد الثانى هو الاستفادة من الجديد فى مجال الفن التشكيلى دون أن يمثل ذلك عبئا على ميزانية الوزارة والهيئات الثقافية المعنية.