تسعى الدولة المصرية خلال السنوات المقبلة لإعادة تأهيل قطاع صناعة الغزل والنسيج بعدما تعرض لحالة من التردى كادت ان تنهى هذه الصناعة التى كانت علامة مميزة فى التاريخ الصناعى المصرى ولكن مع بداية التسعينات من القرن الماضى دخل هذا القطاع فى مرحلة التهور حتى تم إغلاق بعض المصانع منها نظرا للخسائر الفادحة التى تعرض لها.
وبدأت الحكومة المصرية فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى منح هذا القطاع قبلة الحياة مرة أخرى كى يستعيد عافيته ليعود لمكانته السابقة ويكون علامة مميزة مثلما كان سابقا حيث تم الإعلان عن رصد 21 مليار جنيها لهذا القطاع مرة أخرى َذلك ليبدأ خطة تطوير شاملة.
وطالب أعضاء البرلمان المصرى بغرفتيه (النواب والشيوخ)، بضرورة الإعلان عن الخطة الزمنية لعودة العمل بالقطاع مرة أخرى وماذا قدمت وزارة قطاع الأعمال فى هذا الشأن منذ الإعلان عن خطة التطوير.
وتقدم الدكتور ياسر الهضيبى، عضو مجلس الشيوخ، إلى المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس، بطلب مناقشة عامة بشأن استراتيجية وزارة قطاع الأعمال لتطوير شركات الغزل والنسيج.
وقال الهضيبى، إن صناعة الغزل والنسيج واحدة من أهم الصناعات الوطنية التى قامت عليها النهضة الصناعية المصرية، مشيرا إلى أنها واجهت عدد من الأزمات منذ الثمانينات، تسببت فى تدهور أوضاعها، رغم كونها أحد القطاعات التى تستوعب الكثير من الأيدى العاملة، قائلا:" فى وقت من الأوقات كان القطاع يستوعب نحو مليون و200 ألف عامل، ولكن بسبب تدهور الأوضاع انخفض العدد إلى 600 ألف عامل فقط، الأمر الذى يهدد استمرار هذا القطاع."
وأَضاف الهضيبى، أن مشاكل قطاع الغزل والنسيج تفاقمت مع تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى فى السبعينات صدر القانون رقم 13 لسنة 1974 المعروف بقانون الاستثمار العربى والأجنبى والمناطق الحرة، والذى سمح بدخول القطاع الخاص لأول مرة فى مجال صناعة الغزل والنسيج.
وأشار الهضيبى، إلى أن الإهمال ظل يحاصر قطاع الغزل والنسيج على مدار عقود، حتى تخطى حجم الخسائر سنويا الـ 3 مليار جنيه، إلى أن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، توجيهاته للحكومة بدعم هذا القطاع.
وتابع عضو مجلس الشيوخ: "رصدت الحكومة 21 مليار جنيه لتطوير شركات الغزل والنسيج وزيادة معدلات الإنتاج، بالإضافة إلى إنشاء أكبر مصنع غزل ونسيج فى العالم بالمحلة على مساحة 62 ألف متر بهدف دعم التصدير وزيادة تنافسية المنتج المصرى خارجيا، ومن المفترض أن يكون هذا المصنع بمثابة البنية التحتية الأساسية لتصدير المنسوجات والملابس الجاهزة لتتماشى مع خطة الدولة لزيادة الصادرات المصرية ومضاعفتها خلال السنوات القليلة المقبلة بالتعاون مع القطاع الخاص وعودة مصر مرة أخرى لريادتها فى هذا المجال."
وأكد الهضيبى، أن مصر تمتلك مقومات خاصة بهذه الصناعة تميزها عن غيرها، من أهمها القطن المصرى الذى يعتبر أفضل أنواع الأقطان فى العالم مما يؤهلنا بقوة للمنافسة الخارجية، حال أولت الدولة اهتماما بتحديث وتطوير المنظومة بكل عناصرها بداية من زراعة القطن والمحالج ومصانع الغزل والنسيج، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا داخل شركات الغزل والنسيج.
ولفت إلى أن مصر تمتلك نحو 63 منشأة تعمل بالغزل والنسيج والصباغة والتجهيز، مطالبا بإحلال وتجديد واستبدال الماكينات القديمة التى تعود إلى الخمسينيات بأخرى جديدة لتحسين الإنتاج، حيث يمكن لهذا القطاع أن يساهم فى النهوض بالصناعة الوطنية، مع العمل على إزالة المعوقات التى تواجه العاملين فى القطاع ومنها زيادة المصروفات التى تشكل عبئا على الصناعة، ودعم القطاع فى أوقات الأزمات مثل كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
وطالب الهضيبى، وزير قطاع الأعمال العام، باستعراض خطته لتطوير قطاع الغزل والنسيج فى مصر، والذى يمكنه أن يلعب دورا هاما فى النهوض بالصناعة الوطنية.
وبدورها قالت النائبة إيفلين متى، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن قطاع صناعة الغزل والنسيج يحتاج إلى خطة عمل متكاملة تضم وزارة الزراعة والصناعة والتجارة الخارجية وقطاع الأعمال والزراعة والمالية من أجل استعادة القطاع لمكانته السابقة خاصة وأن هذه الصناعة كانت تمثل مصدرا رئيس يا للدخل القومى.
وأشارت متى، فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، إلى أن الدولة وضعت خطة لتطوير هذه الصناعة قائمة على الاستعانة بالخبرات المتواجدة فى القطاع الخاص من أجل النهوض بمصانع قطاع الأعمال وهو ما تم بالفعل، بالإضافة إلى السماح لاستغلال المساحات الكبيرة التى كانت غير ميتغلة من اراضى تمتلكها تلك المصانع من أجل الاستفادة بالعوائد المادية من بيع تلك الأراضى لتطوير المصانع واستقدام أجهزة وماكينات تساهم فى تشغيل المصانع بالصورة الأحدث.
وأضافت عضو لجنة الصناعة، أن هناك شق يحتاج للتنسيق مع وزارة الزراعة وهو خاص بالبذور المستخدمة فى زراعة القطن وكيفية استخدام بذور تتناسب مع الخطة الموضوعة لتطوير صناعة الأقطان واستخدامها فى هذه المصانع بدلا من استيرادها.
ومن جانبه أكد النائب بهاء أبو الحمد، أن ملف صناعة الغزل والنسيج من الملفات التى تقوليها الدولة المصرية أهمية كبيرة وذلك نظرا لأن هذا القطاع كان من الأعمدة الصناعية الكبرى فى مصر فى النصف الثانى من القرن الماضى وكان القطن المصرى يتمتع بسمعة عالمية غير مسبوقة.
وأشار أبو الحمد، فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، إلى أن هذا القطاع الصناعى الكبير يمتلك بنية تحتية مجهولة تؤهله لاستعادة مكانته السابقة وذلك بعدما تعرض للإهمال شديد مع نهاية القرن الماضى وبداية القرن الجديد، مضيفا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى دائما ما يشدد على ضرورة استعادة قطاع الغزل والنسيج لمكانه القديمة، والحكومة تسعى لتحقيق ذلك خاصة بعدما انخفضت نسبة العمالة فى هذا القطاع لأكثر من النصف.
وطالب أبو الحمد، وزارة قطاع الأعمال بضرورة وضع آلية مناسبة لتحقيق الهدف المنشود من صناعة الغزل والنسيج واستعادة مكانتها العالمية.