لم تكن حادثة ولاية تكساس الأمريكية والتي شهدت مقتل 19 طفلا ومواطنا على يد مسلح، وما تلاها من إحباط محاولة إطلاق نار في مدينة تورنتو الكندية، سوى حلقة من مسلسل حوادث إطلاق النار المتكرر في أمريكا على وجه الخصوص والدول الغربية بشكل عام، تكرار تلك الحوادث يدق ناقوس خطر بخطورة امتلاك الأفراد للأسلحة دون وجود ظهير تشريعى يٌنظم هذا الحق في الإمتلاك.
وتعتبر أزمة السلاح من الأزمات المزمنة في أمريكا التي باتت على رأس قائمة أعلى الدول في معدل جرائم القتل بسلاح ناري، والتي شهدت تاريخا طويلا من الجدل داخل أروقة الكونجرس بين الديمقراطيين والجمهوريين حول "حق حمل الأسلحة" دون جدوى.
بايدن يرمى الكرة في ملعب الكونجرس
وفى أعقاب حادث تكساس رمى الرئيس الأمريكي جو بايدن بالكرة في ملعب الكونجرس وضرورة تحركه لتقنين هذا الحق، حيث قال إن الأمر متروك للكونجرس لحظر الأسلحة الهجومية وتعزيز عمليات التحقق من الخلفية لمبيعات الأسلحة، وقال للصحفيين: "لا يمكننى إملاء هذه الأشياء عليهم".
ووفقا ليو اس ايه توداي، قال بايدن: "يمكننى القيام بالأشياء التى قمت بها وأى إجراء تنفيذى يمكننى اتخاذه، سأستمر فى القيام به. لكن لا يمكننى تجريم السلاح. لا يمكننى تغيير فحص الخلفية".
وعندما سئل يوم الاثنين عن احتمال تمرير تشريع لتشجيع الولايات على وضع قوانين لحظر الأشخاص الذين يعتبرون خطرًا على أنفسهم أو على الآخرين من حيازة الأسلحة ، أجاب بايدن: "من الصعب قول ذلك لأننى لم أتفاوض مع أى من الجمهوريين ".
ويأتي الإنقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين في قضية حمل السلاح من خلافهم بشأن تفسير نصوص الدستور حيث ينص التعديل الثاني للدستور لسنه 1971 على "حرية امتلاك السلاح"، وهو النص الذي يراه الديمقراطيون حقاً قاصراً على الولايات المكونة للاتحاد الأمريكى، وأن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة أرادوا هذا الحق للبلد كسلطات فيدرالية، وليس حقاً مطلقاً للأفراد.
في حين يرى الحزب الجمهوري أن امتلاك السلاح وحيازته حق أصيل يكفله الدستور للأفراد، وصوّت الجمهوريين في مناسبات عدة داخل الكونجرس ضد أي قانون يعدل ضوابط حيازة السلاح.
وتكررت المحاولات داخل الكونجرس لحظر السلاح باءت جميعها بالفشل، ففي عام 1994 أصدر الكونجرس قانونا بحظر التصنيع والاستخدام المدني للأسلحة النارية نصف الآلية والأسلحة الهجومية لمدة 10 سنوات، وظل الحظر قائما حتى سبتمبر 2004، لكن فشلت محاولات تجديد الحظر.
وفي 2013، رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون يقيد السماح بحمل الأسلحة، وكان ينص على توسيع التحريات والحصول على السجل القانوني لكل من يرغب في شراء قطع سلاح.
وتقدر نسبة الأسلحة الفردية التي يمتلكها مدنيون في الولايات المتحدة بين 35 إلى 50% مما لدى سكان العالم منها. وحسب القانون الفيدرالي، فإن لكل ولاية قوانينها الخاصة بها لتحديد الحد الأدنى لتنظيم حيازة الأسلحة في المجتمع. ونسبة جرائم القتل بالأسلحة تتجاوز 67% من إجمالي الجرائم..
كندا تتجه لحظر كامل لامتلاك السلاح
وفى كندا أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، حظر 1500 نوع من الأسلحة النارية وذلك لحماية المجتمع من الهجمات المسلحة، وكتب رئيس الوزراء الكندي على تويتر: "أحد الكنديين الذين قتلوا عن طريق العنف المسلح هو كثير جدا بالنسبة لنا. لهذا السبب حظرنا 1500 نوع من الأسلحة النارية. ولهذا السبب، اليوم، قدمنا تشريعات لتعزيز السيطرة على الأسلحة في كندا".
وأضاف: "من خلال هذا التشريع، سننتقل إلى الأمام بتجميد وطني على ملكية السلاح. بمعنى آخر، لن يكون من الممكن شراء مسدسات أو بيعها أو نقلها أو استيرادها في أي مكان في كندا بمجرد أن يصبح هذا القانون قانونًا".
وتابع: "سنقوم أيضًا بزيادة العقوبات الجنائية لمكافحة تهريب الأسلحة والاتجار بها، وتزويد السلطات بمزيد من الأدوات للتحقيق في جرائم الأسلحة النارية، وتجريم تعديل المجلات لمنعهم من الاحتفاظ بأكثر من الحد القانوني للذخيرة".
وأشار إلى أنه: "بالإضافة إلى ذلك، سوف نتأكد من أن الأشخاص المشاركين في أعمال العنف المنزلي أو المضايقات الجنائية لديهم تراخيص الأسلحة النارية الخاصة بهم. وسوف نتأكد من أن أولئك الذين يعتبرون خطرًا على أنفسهم أو الآخرين يجب عليهم تسليم أسلحتهم النارية للسلطات".
قوانين امتلاك الأسلحة في أوروبا
وتمتلك الدول الأوروبية تشريعات تٌنظم الحق في امتلاك السلاح، فحسب القانون الألماني، فإن شراء السلاح بغرض الدفاع عن النفس ليس ضرورياً أو مألوفاً في المجتمع الألماني، وبالتالي ليس من السهل في ألمانيا اقتناء سلاح من دون سبب وجيه، إلا إذا كان مهنة الشخص هي الصيد أو أي عمل آخر ترى فيه الحكومة أنه يتطلب حيازة السلاح.
أما سويسرا فقد رفض مواطنوها في استفتاء شعبي عام 2011 فرض أي قيود تشريعية على اقتناء السلاح معتبرين أن حيازة الأسلحة من الموروثات الشعبية القديمة، وتحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث انتشار الأسلحة، حيث تتجاوز نسبة السكان الذين يمتلكون أسلحة نحو 45%.
في حين تمتلك بريطانيا ترسانة قوية من التشريعات التي تنظيم حق امتلاك السلاح، تلك القوانين التي تضع الكثير من القيود لمنع وصوله إلى أيدي المدنيين، ويحتاج المواطن إلى ملء رزمة من الاستمارات لإقناع الجهة الرسمية بحاجته إلى السلاح، وبأنه لن يضر المجتمع، وحالات الموافقة على الطلبات قليلة جداً.
كذلك الحال في فرنسا التي وضعت فرنسا قوانين صارمة لمراقبة بيع الأسلحة في الأسواق، مثل خضوع المشتري قبل الحصول على الرخصة لاختبار نفسي، ورخصة الصيد أو الرياضة والتي تتجدد بشكل دوري، ويرفض طلب من له سجل جنائي.
وكذلك يحظر القانون الإيطالى على المواطنون شراء الأسلحة النارية دون رخصة قانونية، والتي تتطلب امتلاك صاحبها رخصة الصيد أو رخصة الرماية الرياضية، وفي حالات خاصة يتوجب على الشاري إثبات أنه معرض للخطر ويحتاجها للدفاع عن نفسه.