يتوجه حجاج بيت الله الحرام اليوم الخميس، الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) مُحرٍمين على اختلاف نُسكهم، إلى صعيد منى، اقتداءً بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويستحب التوجه قبل الزوال (أي قبل الظهر) فيصلي بها الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، قصراً للصلاة الرباعية ودون جمع، ولا فرق في ذلك بين أهل مكة المكرمة وغيرهم، والسنة أن يبيت الحاج في منى يوم التروية.
ويستحب للحاجّ المُتمتع أن يُحرم من مسكنه في ضُحى يوم التروية، وكذلك الأمر لِمن أراد أداء فريضة الحجّ من أهل مكّة المكرّمة، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (أمرنا النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لمّا أحلَلْنا أن نُحرمَ إذا توجَّهنا إلى مِنى، قال: فأهلَلْنا من الأبطحِ)، أمّا الحاجّ القارن والحاجّ المفرد اللذان لم يتحلّلا من الإحرام فيبقيان على إحرامهما.
ويقوم الحاج في يوم التروية بالاغتسال، والتطيّب، وبما قام به من أعمال عند إحرامه من الميقات، وعقد النيّة بالقلب، وترديد التلبية بقول: (لبَّيْكَ حجّاً)، وإذا كان الحاجّ يحجّ عن غيره ينوي بقلبه ، ثمّ يقول: (لبَّيْكَ حجّاً عن فلانٍ، أو عن فلانة)، ثمّ يستمرّ في التلبية قائلاً: (لبَّيْكَ اللَّهم لبَّيْكَ، لبَّيْكَ لا شريك لك لبَّيْكَ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
ويستحَبّ للحاجّ أن يتوجّه إلى مِنى قبل وقت الزوال، ويُكثر من التلبية، للحديث الذي يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (كانَ يصلِّي الصَّلواتِ الخمسَ بمنى، ثمَّ يخبرُهُم أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- كانَ يفعَلُ ذلِكَ)، كما يُستحَبّ للحاجّ أن يبيت بمِنى ليلة عرفة، وذلك لما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، حيث قال: (فلمّا كان يومُ الترويةِ توجَّهوا إلى مِنى، فأهلُّوا بالحجِّ، وركب رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فصلَّى بها الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والفجرَ، ثمّ مكث قليلاً حتى طلعتِ الشمس)، وعند طلوع الشمس يسير الحُجّاج من مِنى إلى عرفات ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: (كانَ يُهِلُّ منَّا المُهِلُّ فلا يُنْكِر عليهِ، ويُكَبِّرُ منَّا المُكَبِّرُ، فلا يُنْكِر عليهِ).
وفي السياق ذاته، أعدت قوات الدفاع المدني السعودية خططاً استباقية للتعامل مع أي طارئ، سواء للحجاج أو مقرات إقامتهم أو طرق تنقلاتهم، بالتعاون مع القطاعات الأمنية والجهات الحكومية المشاركة، حيث يتم التنسيق المباشر مع المركز الوطني للأرصاد، للتعرف على الطقس وأية توقعات لحالات مطرية أو أجواء شديدة الحرارة، ليتم التعامل معها وفق إجراءات سلسة وسريعة مع وزارة الصحة.
وتتمركز في أرجاء مكة المكرمة والمشاعر المقدسة مراكز ميدانية سريعة الاستجابة، يعمل فيها فرق متنوعة للإطفاء والإنقاذ، وفرق التدخل السريع والإشراف الوقائي، للعمل على تهيئة بيئة مناسبة وآمنة للحجيج، وكافة القطاعات التي تقوم بالعمل في خدمة الحجاج، وتكثيف أعمال الإشراف الوقائي طوال موسم الحج من قبل زيارات مستمرة لمفتشي السلامة في كافة المشاعر المقدسة، وإزالة أية مسببات تهدد سلامة الحجيج، إضافة إلى قوة الإشراف الوقائي، التي تضم عددًا كبيرًا من فرق الدراجات النارية، التي تتولى متابعة اشتراطات السلامة في مخيمات الحجاج، ومقرات العاملين على خدمتهم، و الأماكن الحيوية وغيرها، والتأكد من فاعلية أنظمة الإطفاء الآلي، ومخارج الطوارئ، وكذلك توفر كافة وسائل السلامة.
ويتوجه جموع الحجيج غدا الجمعة، التاسع من ذي الحجة، إلى صعيد عرفات الطاهر لأداء ركن الحج الأعظم، في هذا اليوم المشهود الذي وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأفضل الأيام، إذ يقف المسلمون في عرفات منذ طلوع الشمس حتى غروبها.
ومن السنّة أن ينزل الحاج بنمرة - إن تيسر له ذلك - وإلا فليتأكد من نزوله داخل حدود عرفة، وهناك الكثير من العلامات واللوحات الإرشادية التي توضح ذلك، وعرفة كلها موقف.
وفي هذا اليوم العظيم ينشغل الحاج بالتلبية والذكر ويكثر من الاستغفار والتكبير والتهليل ويتجه إلى الله - عز وجل - خاشعا متضرعا ويجتهد في الدعاء لنفسه وأهله وأولاده ولإخوانه المسلمين جميعا.
وإذا دخل وقت الظهر خطب الإمام في الناس خطبة تذكير وعظة وإرشاد، ثم يصلي بالحجاج الظهر والعصر جمعاً وقصراً كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصلي قبلهما ولا بينهما ولا بعدهما شيئاً.
وينبغي التنبيه على الحجاج من الوقوع في أخطاء تضيع الأجر والثواب في مثل هذا اليوم العظيم أبرزها: النزول خارج حدود عرفة وبقائهم في أماكن نزولهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون إلى مزدلفة وهذا خطأ لا ينبغي الوقوع فيه، فالانصراف من عرفة قبل غروب الشمس غير جائز لكونه مخالفاً لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، كذلك يتزاحم بعض الحجاج ويتدافعون لصعود جبل عرفة والوصول إلى قمته والتمسح به والصلاة عليه وهذا من البدع التي لا أصل لها في الشرع، إضافة لما يترتب على ذلك من أضرار صحية وبدنية، ومن الأخطاء استقبال جبل عرفات أثناء الدعاء والسنّة استقبال القبلة عند الدعاء.
وبعد غروب شمس التاسع من ذي الحجة، تسير قوافل الحجيج صوب مشعر مزدلفة ليصلّوا بها المغرب والعشاء جمعاً وقصرا بأذان واحد وإقامتين من فور وصولهم، ثم يبيتون ليلتهم هناك ملبين ذاكرين شاكرين الله على فضله وإحسانه بأن كتب لهم شهود وقفة عرفات.
وعرفة أو عرفات مسمى واحد عند أكثر أهل العلم لمشعر يعد الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم.. وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى بجبل الرحمة الذي يصل طوله إلى 300 متر وبوسطه شاخص طوله 7 أمتار، فيما يحيط بعرفات قوس من الجبال ووتره وادي عرنة، ويقع على الطريق بين مكة المكرمة والطائف شرقي مكة بنحو 22 كيلو مترًا وعلى بعد 10 كيلومترات من مشعر منى و6 كيلو مترات من المزدلفة بمساحة تقدر بـ 10.4 كيلومتر مربعة وليس بعرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج غير بعض المنشآت الحكومية.
أما عن خطبة يوم عرفة لهذا العام، فقد صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على تكليف الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى عضو هيئة كبار العلماء الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بالخطبة والصلاة يوم عرفة بمسجد نمرة لهذا العام 1433هـ.
وخطبة يوم عرفة لها مكانة عظيمة عند المسلمين كافة، وتقوم حكومة السعودية بالعناية بترجمة الخطبة عبر مشروع خادم الحرمين الشريفين لترجمة خطبة عرفة وخطب الحرمين الشريفين، لتصل للعالم أجمع في هذا العام بـ14 لغة وهي (الإنجليزية، والفرنسية، والأردية، والملاوية، والتركية، والبنغالية، والهوسا، الصينية، والروسية، والفارسية، والأسبانية، والهندية، والسواحيلية، والتاميلية).
بالإضافة إلى توزيع عبوات ماء زمزم ذات الاستخدام الواحد على الحجاج، وتأتي هذه الخدمات والبرامج وفق خطة وضعتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، مع الجهات المشاركة بالمسجد الحرام لتوفير كافة الإمكانات والخدمات لحجاج بيت الله الحرام.
قال الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوى الشريف الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، عن صدور توجيه سامى بأن يكون تسليم كسوة الكعبة المشرفة لكبير سدنة بيت الله الحرام فى يوم عيد الأضحى المبارك الموافق العاشر من شهر ذى الحجة للعام 1443هـ، وأن يكون موعد استبدالها غرة محرم من العام 1444هـ.
وأكد السديس - وفقا لوكالة الأنباء السعودية (واس) - أن القيادة السعودية سباقة لكل ما من شأنه الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة في الحرمين الشريفين، وقد أولت الكعبة المشرفة جل اهتمامها من خلال العناية بها وصيانة كسوتها وإحلال كسوة جديدة لها كل عام؛ لما لها من قدسية عظيمة لدى عموم المسلمين.
وتستبدل الكعبة كسوتها مرة واحدة كل عام وذلك أثناء فريضة الحج وبعد أن يتوجه الحجاج إلى صعيد عرفات، يتوافد أهل مكة إلى المسجد الحرام للطواف والصلاة ومتابعة تولي سدنة البيت الحرام تغيير كسوة الكعبة المشرفة القديمة واستبدالها بالثوب الجديد، استعدادًا لاستقبال الحجاج في صباح اليوم التالي الذي يوافق عيد الأضحى وبعد إحضار الثوب الجديد تبدأ عقب صلاة العصر مراسم تغيير الكسوة، حيث يقوم المشاركون في عملية استبدالها عبر سلم كهربائي بتثبيت قطع الثوب الجديد على واجهات الكعبة الأربعة على التوالي فوق الثوب القديم.