قديما كان التلاعب بـ"تحويشة العمر" من خلال سوق الشقق والعقارات، ولكن مع التطور الذى يعيش فيه الإنسان فقد طال التطور في عمليات النصب أيضا إلى النصب في "فريضة الحج والعمرة"، ما يؤكد أن للفساد والنصب أوجه كثيرة وأشكال عدة، والنصابون لم يتحرجون على استغلال أهم فريضة دينية، وهي فريضة الحج في النصب علي المواطنين، حيث حولت شركات السياحية الدينية موسم الحج والعمرة الى موسم للنصب والتربح دون وجه حق فى غياب تام للرقابة.
وفى مثل هذه المواسم تبدأ عمليات النصب حيث يتم اقناع الحاج أو المعتمر أن ثمن الحج أو العمرة في متناول اليد بأسعار زهيدة وعلى هذا الاساس يتم جمع جوازات السفر منهم وبيعها الى الشركات السياحية مع الاحتفاظ بعمولة السمسار، ليتفاجأ المعتمرين أن سعر الحج أو العمرة زاد بشكل رهيب عن المتفق عليه، فالشركات السياحية تستغل رغباتهم فى زيارة بيت الله الحرام بدفع أموال أكثر من ثمن التأشيرة فى ظل غياب الرقابة، فاعتبرت تلك الشركات الموسم سبوبة باعتبار أن المعتمر أو الحاج زبون يجب الحصول منه على أعلى قدر من المال والنصب ببعض الامتيازات الوهمية.
سماسمرة الحج والعمرة يخدعون الحُجاج
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية "المتاجرون بفريضة الله"، وكيفية تصدى القانون لمثل هذه الأفعال وتنظيم عمل شركات السياحة ومواجهة سماسرة الحج والعمرة والتصدى لظاهرة للنصابين باسم الحج و العمرة التي أصبحت موسمية تتكرر كل سنة فى هذا الأونة، حيث تقوم شركات السياحة الوهمية والغير مرخصة بالاستيلاء على أموال الغلابة من خلال الإيقاع بهم فى فخ الأسعار الرخيصة، بعد استغلال رغبة المواطنين فى السفر لأداء مناسك الحج والعمرة، ليفاجئ الجميع بعد فع الأموال باختفاء الشركة التى كانت متواجدة فى شقة مفروش أو مكتب غير موثق بشوارع القاهرة.
وفى هذا الشأن – صدر الرئيس عبد الفتاح السيسى في بداية الشهر الحالي على قانون بعد مناقشة مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، مقدم من الحكومة بشأن تنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج، الذى قالت عنه النائبة نورا علي، رئيس لجنة السياحة والاثار بمجلس النواب إنه نظرًا لتعدد الجهات القائمة على تنظيم فريضة الحج بأنواعه المختلفة "القرعة، السياحة، الجمعيات، والهيئات، والفُرَادى" وما قد يتعرض له الحاج من بعض السلبيات التي تواجه بعثة الحج، الأمر الذي يقتضي وضع آلية لتحقيق التعاون بين جميع الجهات المعنية بالحج، وهو ما أوجب إعداد القانون لتحديد اختصاصات الجهات القائمة على تنظيم أداء فريضة الحج بأنواعه المختلفة، مع ربط هذا التنظيم ببوابة إلكترونية تسمى "البوابة المصرية الموحدة للحج"، تتولى الجهة المختصة إدارتها والإشراف عليها وتطويرها، وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات تنظيم العمل وتشغيل البوابة، بهدف الحفاظ على المواطنين المصريين ومنع تعرضهم للنصب أو التلاعب بالإعلانات الوهمية، وذلك عند توجههم للمملكة العربية السعودية في مواسم الحج.
ووفقا لـ"على": جاء القانون بمبادئ وأهداف يسعى لتحقيقها لخدمة الصالح العام للدولة ومواطنيها، بقواعد قانونية حاكمة ومنظمة، حيث يهدف إلى تنظيم إجراءات فريضة الحج من خلال ما تنص عليه مواد هذا المشروع والتي تتضمن تشكيل لجنة وزارية، ولجنة أخرى تنفيذية تضم الوزارات والجهات ذات الصلة للقضاء على بعض السلبيات التي تواجه بعثة الحج المصرية، وتحقيق التعاون بين جميع الجهات المعنية بالحج، من خلال الربط بين تنظيم الإجراءات والبوابة الإلكترونية لمنع تعرض المصريين للغش والتلاعب، بالإضافة إلى مواد العقوبات التي تحقق الردع وإحكام إنفاذ القانون، وذلك في سبيل تحقيق فلسفة مشروع القانون المعروض وأهدافه لتنظيم فريضة الحج وإنشاء بوابة مصرية موحدة للحج فقد انتظم مشروع القانون المعروض في خمس وعشرين مادة بالإضافة إلى قانون الإصدار المكون من ثلاث مواد بالإضافة لمادة النشر، وقد بدأ مشروع القانون بديباجة تتضمن التشريعات مرتبة ترتيبا زمنيًا من الأقدم إلى الأحدث.
قانون إنشاء البوابة المصرية للحج
وتضيف: مواد الإصدار على أن أداء فريضة الحج بأنواعه المختلفة "القرعة، والسياحة، والجمعيات والهيئات والفُرَادى" تخضع لأحكام القانون المعروض، وذلك من خلال البوابة المصرية الموحدة للحج، بهدف تحقيق السيطرة الكاملة على السماسرة وحالات الغش والتلاعب بالمواطنين بالإعلانات الوهمية أثناء موسم الحج؛ مع استثناء الوفود الرسمية وحاملي جوازات السفر الرسمية بأنواعها المختلفة من الخضوع لأحكام القانون وذلك عند توجههم للمملكة العربية السعودية خلال مراحل الإعداد والتحضير لموسم الحج وأثناءه، وأناطت برئيس مجلس الوزراء إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، وبالسادة الوزراء المعنيين إصدار القرارات التنفيذية خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون، وقد بينت مواد مشروع القانون على وجه الدقة القواعد والضوابط الإدارية والتنظيمية والمالية للحج.
وجاء القانون مقسمًا إلى أربعة فصول، خُصص الأول منها للمصطلحات والعبارات التي تناولها مشروع القانون، وحدد الفصل الثاني قواعد وأحكام تنظيم الحج من خلال اللجنة الوزارية والجهاز التنفيذي لها، مع الإشارة إلى اختصاصات البعثة الرسمية المنوط بها مرافقة الحجاج إلى الأراضي السعودية، وكذا غرفة العمليات التي ستُشكل لمتابعة المواقف والأحداث داخل مصر وخارجها، وجاء الفصل الثالث متضمنًا إنشاء بوابة إلكترونية لتكون هي الأداة الرسمية الوحيدة لتلقى وإدراج جميع طلبات الحج بأنواعه السابق الإشارة إليها، وكذا إعلان أسماء الفائزين بقرعة الحج، ليتولى إدارتها والإشراف عليها وتطويرها الجهة المختصة بتنظيم شئون الحج بوزارة الداخلية، على أن تبين اللائحة التنفيذية الأحكام التفصيلية الخاصة بإدارتها وتشغيلها تحقيقًا للمرونة، وسيتم ربط جميع الوزارات المعنية بتنظيم الحج بهذه البوابة التي يكون الدخول عليها لراغبي أداء الفريضة.
دور البوابة الإلكترونية في التصدي لعمليات النصب
ونظرًا لما تمثله العمالة الموسمية التي تتوجه للأراضي السعودية من أهمية خاصة لما لذلك من أبعاد واعتبارات أمنية واقتصادية، فقد أحالت المادة رقم (21) من القانون إلى اللائحة التنفيذية وضع ضوابط قيد تلك العمالة والمستندات اللازمة لها والتي سيتم تحديدها بمعرفة الوزارات والجهات المختصة بالدولة، وخُصص الفصل الرابع للعقوبات المقررة في حال مخالفة أحكام مواد المشروع والتي تتراوح بين الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامات لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه، وذلك على النحو المبين تفصيلًا بالمواد الواردة في هذا الفصل.
وتعد البوابة الإلكترونية آلية لتنظيم سفر المصريين من وإلي المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج من خلال تنظيم إحكام الرقابة وتحديد اختصاصات الجهات القائمة على تنظيم أداء تلك الفريضة بأنواعها المختلفة، حيث إن البوابة الإلكترونية للحج أصبحت هي الأداة الرسمية الوحيدة لتلقي وإدراج جميع طلبات الحج بأنواعه، كما تتيح متابعة تنظيم الحج من الأجهزة المعنية، وكذلك وضع ضوابط تنظم العمالة الموسمية التي تتوجه للأراضي السعودية لما لها من أهمية خاصة، وخاصة في ضوء ما قامت به المملكة العربية السعودية من تحديث وتطوير لقوانينها ووضع لوائح وتعليمات جديدة من السلطات السعودية للحج، عقب إعلان وزارة الحج والعمرة السعودية رفع عدد الحجاج هذا العام إلى مليون شخص من الداخل والخارج.
غرامات تصل لـ 3 مليون جنيه
يهدف القانون رقم 84 لسنة 2022، بشأن تنظيم الحج، وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج، الصادر مؤخرا، إلى تنظيم توزيع التأشيرات الممنوحة من السلطات السعودية على الجهات المنظمة للحج، وحماية المواطنين المصريين من أي تلاعب في تأشيرات الحج أو تعرضهم للغش، ويقضى القانون بإنشاء البوابة الإلكترونية، كآلية لتنظيم سفر المصريين من وإلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج من خلال تنظيم وإحكام الرقابة وتحديد اختصاصات الجهات القائمة على تنظيم أداء تلك الفريضة بأنواعها المختلفة، وذلك لأن البوابة الإلكترونية للحج طبقا للقانون أصبحت هي الأداة الرسمية الوحيدة لتلقى وإدراج جميع طلبات الحج بأنواعه، كما تتيح متابعة تنظيم الحج من الأجهزة المعنية.
ونصت المادة "10" على أن تنشأ بوابة إلكترونية تسمى "البوابة المصرية الموحدة للحج"، وتتولى الجهة المختصة إدارتها والإشراف عليها وتطويرها، وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات تنظيم العمل وتشغيل البوابة، على أن تصدر البوابة كوداً تعريفياً لكل حاج، وتضعه الجهات المنفذة للحج على جواز سفر الحاج على النحو الذي تنظمه اللائحة التنفيذية، وألزمت المادة "18" الشركات الناقلة بالربط الإلكتروني مع البوابة وبمطابقة بيانات الحجاج والعمالة الموسمية مع البيانات المسجلة لديها قبل مغادرتهم منافذ الجمهورية، ووفقا للتشريع يُعاقب بغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه ولا تتجاوز ثلاثة ملايين جنيه كل من نفذ رحلات أداء مناسك الحج بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو الضوابط والقواعد والإجراءات التي تضعها وتعتمدها اللجنة الوزارية وفي حالة العود يُضاعَف الحدان الأدنى والأقصى لعقوبة الغرامة.
سلوك إجرامى للكسب السريع
وحذر خبراء الأمن من تكرار الظاهرة فى الأعوام الأخيرة وسط مطالب بضرورة توعية المواطنين للتأكد من هوية الشركات التى يلجأون إليها، أو من خلال الوسطاء والمندوبين المنتشرين فى الشوارع والأماكن البعيدة، وسط مطالب بضرورة أن تقوم وزارة السياحة بعمل كشف الكترونى بأسماء الشركات المعتمدة سنويا، وذلك في الوقت الذى يؤكد فيه خبراء الأمن إنها حوداث فردية ويتم تكرارها بطريقة موسمية سنويا، غرضها النصب والاستيلاء على أموا ل راغبى الحج والعمرة، مطالبا بضرورة تكثيف الحملات الأمنية لضبط شركات السياحة الوهيمة الغير مرخصة ، مضيفا أن ارتفاع تكلفة العمرة قد يؤدى إلى تقليل جرائم النصب.
من ناحية أخرى – قال ياسر سيد أحمد، الخبير القانوني والمحامى بالنقض – أن انشاء الموقع الالكترونى سيكون له دور كبير في التصدي لمثل هذه الجرائم وسيوضح أسماء جميع الشركات المعتمدة والمرخصة لتسفير راغبى الحج والعمرة من خلال كتابة كشف بجميع أسماء الشركات المتعمد وتثبيته على موقعها الإلكتروني، لتسهيل مهمة المواطنين فى التأكد من حقيقة الشركة، ولكن في الوقت الراهن لابد من التأكد من ترخيص شركة السياحة، والحذر أثناء التعامل مع الوسطاء والمناديب المنتشرين فى الشوارع والضواحى العديدة، والذين يقومون بتجميع أكبر عدد من المواطنين من الأماكن البعيدة، وضرورة تضافر جهود وزارة الداخلية فى التصدى لجرائم النصب، خاصة عن طريق الإنترنت، من قبل شركات سياحة غير مرخصة.
الخبير القانوني: ضرورة تشديد العقوبة على النصابين
ويضيف "أحمد" في تصريح لـ"برلماني": إن ممارسة النصب على راغبى العمرة، يعتبر سلوك إجرامي لتحقيق الكسب السريع والسهل من خلال استغلال رغبة البسطاء فى تأدية فريضتى الحج والعمرة، فى محاولة عرض أسعار أقل من الشركات الأخرى أو من خلال العمرة بالتقسيط، لتجميع الأموال من راغبى العمرة ثم الاختفاء تماماً من خلال مقارات فى شركات وهمية أو تأجير شقق ومكاتب فى مناطق غير معروفة أو من خلال وسطاء و مناديب فى الشوارع يجمعون المبالغ المالية ثم يهربون، فلابد من التعامل مع شركات سياحية مجهولة أو غير معروفة، وضرورة التعامل مع شركات موثق فيها ومعتمدة من وزارة السياحة وخاصة بالحج والعمرة من خلال أفواج وجماعات ويتم تحديد أماكن الإقامة فيها، مطالبا أى مواطن يشك فى الشركات بسرعة إبلاغ شرطة السياحة عنها وعن نشاطها، للتأكد من خلال مختصين بوزارة السياحة من كافة الإجراءات السلمية.
وطالب "أحمد": بضرورة تشديد عقوبة المتهمين المضبوطين بالنصب على راغبى الحج والعمرة، لأنها تعتبر جنحة شأنها شان قضايا النصب فى قانون العقوبات المصرى، وأى نصب عقوبته الحبس حتى ثلاث سنوات، مطلبا بتغليظ العقوبة لاقترانها بجرائم أخرى دينية لتدخلها فى الحج والعمرة والشعائر الدينية، مؤكدا أن العقاب الرادع هو ما سيقلل من فرص النصب المتكررة.