الجمعة، 22 نوفمبر 2024 06:09 م

هل التلاعب بمشاعر الآخر وإصابته بضرر نفسى يشكل جريمة جنائية؟.. المشرع جرم المساس بجسم الإنسان المادى فقط.. واعتبر التلاعب بالمشاعر جريمة "إزاء خفيف" وعقوبتها الغرامة 100 جنيه

هل التلاعب بمشاعر الآخر وإصابته بضرر نفسى يشكل جريمة جنائية؟.. المشرع جرم المساس بجسم الإنسان المادى فقط.. واعتبر التلاعب بالمشاعر جريمة "إزاء خفيف" وعقوبتها الغرامة 100 جنيه التلاعب بمشاعر الأخر - أرشيفية
الثلاثاء، 28 يونيو 2022 09:00 ص
كتب علاء رضوان

جرائم القتل والانتحار تحدث هنا وهناك بسبب التلاعب بالمشاعر، فأصبحنا نعيش في جو ملبد بالغيوم والسماء مليئة بالسحب الرمادية من جراء إراقة الدماء، وقديما كنا نسمع عن تلاعب الشاب بمشاعر فتاة، أما اليوم ومع التطور المذهل في كل شيء حتى الجريمة ذاتها تطورت بتطور أدواتها، فأصبحنا نسمع ونرى وقائع لتلاعب الفتاة بمشاعر الشاب واستغلاله وهو أمر غير مألوف بالنسبة للكثيرين رغم وجوده وتحققه على أرض الواقع.  

 

وفى الحقيقة - علماء النفس يؤكدون أن عواطف المرأة قوية جياشة ويقصدون بذلك أنها متي أحبت شخص تفانت في حبه، ويحدث في كثير من الأحيان يتلاعب شخص بمشاعر فتاه، فيوهمها بحبه لها لغرض غير مشروع قد يكون إقامة علاقة غير شرعيه أو بغرض التسلية أو سلب مالها ويحيك الشباك حولها ويرسم لها الأماني ويفرش المستقبل زهور وبساتين فتصير عواطفها ومشاعرها ملك له، هذا هو المعتاد والمألوف في مسألة "التلاعب بالمشاعر"، ولكن أصبحنا نرى وقائع مشابهه مع قلب الأدوار.  

 

5185

 

هل التلاعب بمشاعر الأخر واصابته بضرر نفسي يشكل جريمة جنائية؟

 

وحينما يحقق الشخص غرضه أو يفشل يتركها صريعة الآلام والحسرة بعد أن تكون مشاعرها وعواطفها قد ارتبطت به، بما يسبب لها آلم نفس وجرح نافذ في المشاعر والأحاسيس، ولا شك في أن هذا المسلك يشكل جريمة أخلاقية يلفظها المجتمع ولا ترض عنها أخلاقه بل يتعارض مع تعاليم الإسلام الذي أوصى خيرا بالنساء وقرر أن من غشنا فليس منا، وسبق لدار الإفتاء التصدي لمثل هذا الأمر حيث أكد الدكتور خالد عمران - أمين الفتوى بدار الإفتاء - إن التلاعب بمشاعر المرأة جريمة ونذالة وكذلك العكس، كمن يخطب فتاة ثم يهرب ويختفي دون سابق إنذار، وأرجع ذلك إلى غياب التدين والأخلاق والإنسانية بين الناس.

 

في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بالإجابة على السؤال.. هل التلاعب بمشاعر الأخر وإصابته بضرر نفسي يشكل جريمة جنائية؟ وهل يحقق هذا السلوك جريمة جنائية؟ وبمعنى أدق هل التلاعب بمشاعر وأحاسيس الأخر يشكل جريمة جنائية؟ وهل تصدى القانون لمثل هذه الأفعال المشينة؟ خاصة بعد انتشار الكثير من الأمراض الاجتماعية التي كانت سبباً في تدهور أحوال المجتمع وغياب الأمن، والاستقرار به وضياع طموحات وأحلام أبنائه، وهذه الأمراض أخطر بكثير من الأمراض العضوية والنفسية إذ لا يقتصر ضررها على الفرد وحده بل تفتك بالمجتمع بأسره ولعل ما نشاهده الآن من جرائم قتل لأتفه الأسباب وايذاء وسرقة ونصب وارتفاع معدلات الطلاق وتشريد الأطفال والتفكك الاسرى وعقوق الوالدين والانتحار خير دليل علي تفشي هذه الأمراض الاجتماعية – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق.  

 

دار-الإفتاء-المصرية

 

 التلاعب بالمشاعر إذا ترتب عليه استغلال يشكل جريمة "نصب"

 

في البداية - لا خلاف في أن هذا التلاعب بالمشاعر إذا ترتب عليه استغلال المرأة أو العكس والحصول منها علي مال أو لذة جنسية قد يشكل جريمة نصب أو ارتكاب فعل مخل بالحياء مع امرأة أو حتي أحد جرائم العرض، ولا يعترض بفرض رضا الفتاة لأنه رضا معيب ناتج عن غش وخداع أثر في إرادتها فلا يعتد به في نفي الجريمة، ولكن يدق الأمر في غير هذه الأحوال أو بالأحرى حينما يصيب الفتاة فحسب ضرر وألم نفس فهل هناك جريمة، فلا شك في أن المشرع في أي دولة يسعى إلي حماية جسد الإنسان فيحظر إيذاءه بدنيا أو معنويا، ولهذا كان من المفروض أن التلاعب بمشاعر الفتاة أن ترتب عليه إيذائها معنويا اندرج في مصاف التجريم، لاسيما وأن الضرر النفسي قد يكون أشد بأسا من مجرد لطم علي الوجه أو جرح بسيط في ظاهر الجسم – وفقا لـ"فاروق".

 

ولكن يلاحظ أن المشرع المصري جرم فحسب المساس بجسم الإنسان المادي من خلال تحريم أفعال الجرح والضرب وإعطاء المواد الضارة دون تجريم السلوك الذي لا يمس جسد الإنسان الخارجي، ويترتب عليه الإضرار المعنوي بنفسيته رغم خطورته، ونظرا لعدم جواز القياس علي نصوص التجريم حيث لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص كان التلاعب بمشاعر وأحاسيس الفتاة أو العكس غير مجرم ولو ترتب عليه ضرر واضطراب نفس لها ولو كان جسيما، وهي سياسة تشريعية محل نظر ذلك أن المساس بمشاعر إنسان وإيذائه معنويا لا يقل خطورة عن إيذائه بدنيا من خلال المساس بجسده خارجيا بل قد يكون خطره أكثر فمحل الحماية هو الإنسان ككل دون فرق بين الإيذاء المادي أو المعنوي فكل سلوك يضر بصحة الإنسان يجب تجريمه – الكلام لـ"فاروق". 

 

Man-Crying

 

المشرع المصري جرم فحسب المساس بجسم الإنسان المادي 

 

وهي نتيجة لم تغب عن بال الفقهاء الدستوريين الذين حاولوا أن يتوسعوا في تحديد معني الأفعال التي تمس بجسد الإنسان والمتمثلة في الضرب والجرح وإعطاء المواد الضارة ليدخل فيها اي سلوك يضر بصحة الإنسان ماديا أو معنويا ولو لم يتخذ أحد هذه الصور الثلاثة متي ترتب عليه مثلا صدمة عصبية أو اكتئاب وهي نتيجة محمودة الدوافع ولكنها محل نظر إذ تنطوي على تفسير موسع وقياس محظور وهي ولئن كانت تصلح كدعوة كي يجرم المشرع أفعال المساس بنفسيه الإنسان إلا أنها لا تصلح لمد التجريم دون نص بلي عنق نصوص قائمة.  

 

المشرع اعتبر التلاعب بالمشاعر يشكل جريمة إزاء خفيف 

 

ولكن نعتقد أن من يتلاعب بمشاعر فتاة أو العكس ويترتب عليه إصابتها بضرر نفس يرتكب جريمة إيذاء خفيف وهي الجريمة المنصوص عليها بالفقرة التاسعة من المادة 377 عقوبات وهي مخالفة عقوبتها طفيفة، وبديهي أن هذا التلاعب بمشاعر الفتاة وأي كان وجهة النظر في تجريمه من عدمه يعتبر سلوكا خاطئا متي ترتب عليه ضرر كان سبب للتعويض أي يحق للفتاة المطالبة بالتعويض، وتنص المادة رقم 377 من قانون العقوبات المصري على، عقابًا لكل من يرتكب أفعال قد تتسبب فى تخويف الأشخاص فى الطريق العام، وتنص المادة رقم 377 على أنه: "يعاقب بغرامة لا تجاوز مائة جنيه كل من ارتكب فعلاً من الأفعال الآتية :

 

-من ألقى في الطريق بغير احتياط أشياء من شأنها جرح المارين أو تلويثهم إذا سقطت عليهم.

 

-من أهمل فى تنظيف أو إصلاح المداخن أو الأفران أو العامل التي تستعمل فيها النار.

 

-من كان موكلاً بالتحفظ على مجنون فى حالة هياج فأطلقه أو كان موكلا بحيوان من الحيوانات المؤذية والمفترسة فأفلته.

 

-من حرش كلبا واثبا على مار أو مقتفياه أثره أو لم يرده عنه إذا كان الكلب فى حفظه ولو لم يتسبب عن ذلك أذى ولا ضرر.

 

-من ألهب بغير إذن صواريخ أو نحوها فى الجهات التى يمكن أن ينشأ عن إلهابها فيها إتلاف أو إخطار.

 

-من أطلق فى داخل المدن أو القرى سلاحا ناريا أو ألهب فيها أعيره نارية أو مواد أخرى مفرقعة.

 

-من امتنع أو أهمل فى أداء أعمال مصلحة أو بذل مساعدة وكان قادرا عليها عند طلب ذلك من جهة الاقتضاء فى حالة حصول حادث أو هياج أو غرق أو فيضان أو حريق أو نحو ذلك وكذا فى حالة قطع الطريق أو النهب أو التلبس بجريمة أو حالة تنفيذ أمر أو حكم قضائى.

 

-من امتنع عن قبول عملة البلاد أو مسكوكاتها بالقيمة المتعامل بها ولم تكن مزورة ولا مغشوشة.

 

-من وقعت منه مشاجرة أو تعديا أو إيذاء خفيفا ولم يحصل ضرر وجرح.   

 

حكم-محكمة_المحامي-علي-محسن-زاده-مكتب-محاماة

 

لماذا يتعرض المجتمع لجائحة الأمراض الاجتماعية؟

 

ويؤكد أستاذ القانون الجنائي: لابد من توجيه رسالة للمجتمع بأثره وهي أن هناك جائحة من الأمراض الاجتماعية، رغم أن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن صورةٍ وميزّه عن بقيّة مخلوقاته وجعله يسمو عليهم وسخّرهم لتلبية حاجاته ليستطيع الخلافة في الأرض وعمارتها، كما خلق جميع البشر من نفسٍ واحدةٍ من أجل التساوي وعدم التفاخر على بعضهم البعض بأجناسهم، بل جعلهم في حاجة بعضهم البعض لتلبية متطلباتهم وجعل التآخي والتعاون من الركائز الأساسية فيما بينهم.  

 

ولقد انقسم النّاس في الحياة إلى قسمين: قسمٌ اتبع الفطرة السليمة وسلك طريق الحق والهداية والعمل الصالح واعمار الارض وقسمٌ ضل عن السبيل واتبع أهواءه وشهواته، ممّا أدى إلى ظهور الأمراض المختلفة في المجتمع التي سببّت التأثيرات السلبيّة على بقيّة أفراد المجتمع وحرمت بعضهم من ممارسة حياته بالشكل الطبيعي، والمرض الاجتماعي عبارة عن سلوكٍ هدّام وسلبي وغير سوي أو بالأحرى اضطراب شخصية أو سلوك يؤدّي إلى الإضرار بأفراد المجتمع ويهدّد أمنهم واستقرارهم وقدرتهم على ممارسة حياتهم بالشكل السليم، فأصحاب الأمراض الاجتماعيّة بكافة أشكالها يُعدّون مصدر تهديدٍ على غيرهم من الأفراد السويين – هكذا يقول "فاروق".  

 

18057-3

 

سلوكيات سيئة وتصرفات سلبية تهدد المجتمع

 

ومن أبرز الأمراض الاجتماعية ميل الناس لسلوكيّات سيّئة وتصرفات سلبيّة مثل الكذب المزمن والسرقة والنصب والاحتيال والخيانة والتملق والعدوانيّة ومخالفة القوانين والأنظمة في المجتمعٍ ومحاولة إثارة المشاكل والشعوذة والسحر والتجارة في السوق السوداء والإدمان على المخدرات والمسكرات والأدوية والعقاقير، وأهم أسباب الأمراض الاجتماعية الأسباب النفسيّة مثل الإحباط والإدمان والاكتئاب وسوء التربية وجهل الاسرة واصدقاء السوء، فالبيئة المحيطة تؤثّر بالفرد بشكلٍ كبيرٍ وتحرفه عن السلوك السوي، وأيضا التطور التكنولوجي السريع في وسائل التواصل الاجتماعي الذي يرافقه عدم مقدرة الفرد على مواكبة هذا التطور أو عدم انسجامه مع مبادئه ومع تربيته.  

 

وأيضا فإن من أسباب الأمراض الاجتماعية غياب القدوة وفقدان بعض فئات المجتمع القدرة على اشباع رغباتهم حاجاتهم الأساسية، وهذا ما يؤدي إلى شعور الكثير منهم بالحرمان وانتشار الاضطهاد لبعض فئات المجتمع والدور السلبي لعدد كبير من الوسائل الإعلامية التي تضر بالتنشئة الاجتماعية، وأهم وسائل علاج الأمراض الاجتماعية الاهتمام بتربية الأجيال القادمة على الأخلاق الحميدة والرضا والقناعة ومراقبتهم من أجل الحفاظ عليهم من أصدقاء السوء ونشر الوعي بين صفوف أبناء المجتمع بخطورة هذه الأمراض، وأن انتشارها حتماً سيكون سبباً في هلاك الكثير من الأفراد، وضياع مستقبلهم واهتمام الجهات المسئولة بالمشكلات التي يعاني منها أبناء المجتمع وكذلك محاولة علاج من يعاني من أمراض نفسية نتيجة لظروفه السيئة وإعادة تأهيلهم حتى يتمكنوا من خدمة المجتمع من بعد والمساهمة في نهضته و تقدمه. 

 

116   

 
23781-رئيسية
 
 

print