"امتلك شقة في عقار من 20 سنة، وطول عمرى بطلع السطح أنا وعدد من الملاك في الأعياد والمناسبات – زى مثلا في عيد الأضحى بنطلع نشوى لحمة احنا والجيران - وبنقعد على السطح وملتزمين بنضافته وتزيينه، لكن من كام يوم صاحب العقار حذرنا من طلوع السطح لكنى اعترضت وقولتله أنى ليا في الأرض زى ما هو له بالظبط لأنى مالك للشقة مش مستأجر".. بهذه الكلمات بدأ "أحمد. ع"، 45 سنة، موظف، محافظة الجيزة، سرد معاناته لـ"اليوم السابع" في محاولة لإيجاد حلول قانونية لأزمته.
وتابع: "مع الأخذ في الاعتبار أنه منع جيران آخرين مستأجرين من طلوع السطح بحجة أنهم مستأجرين وليس لهم حق سطح العقار، دلوقت عايزين نعرف مين له الحق في السطح مالك العقار ولا مالك الشقة ولا المستأجر.. وهل من حق المالك منعنا وحرمنا من طلوع السطح بالقوة، وأيه الإجراء القانوني والخطوات اللي ممكن ناخدها لو منعنا بالقوة؟ وفى ضوء ذلك هل يجوز للمالك الأصلي للعقار منع ملاك الشقق من الانتفاع بسطح العقار؟ وهل سطح العقار ملكية المالك الأصلي للعقار فقط أم ملكية شائعة بينه وبين باقي الملك؟ وما دور سندات أو عقود التمليك فى ذلك".
هل لمالك العقار حرمان مالك الشقة من استغلال السطح؟
وللإجابة على هذا السؤال – يقول الخبير القانوني والمحامى مصطفى محمد غنيم - فى البداية من المقرر قانونا وفقا للمستفاد من نص المادة 856 مدني والمستقر عليه فقها وقضاء أن سطح العقار من الاجزاء والمرافق المشتركة بالعقار، وبالتالي فإذا تعدد ملاك طبقات العقار أو شققه المختلفة، فإنهم يعدون شركاء في ملكية الأرض وملكية أجزاء البناء المعدة لاستعمال المشترك، وبوجه خاص الأسطح والأفنية والمصاعد والممرات والدهاليز وقواعد الأرضيات والأساسات كل بقدر قيمة حصته أو شقته بالعقار.
وبحسب "غنيم" في تصريح لـ"برلمانى" - البناء أو العقار يتكون من أجزاء مفرزة أو محددة وهى الطبقات أو الأدوار والشقق، ولكل طبقة أو "دور" وشقة مالك يستقل بها، وهناك أجزاء شائعة شيوعا إجباريا وهى كل أجزاء البناء أو العقار الأخرى المعدة لاستعمال المشترك بين جميع الملاك ومنها سطح العقار، والحالة الأكثر شيوعاً لملكية أسطح العقارات فهي أن يكون السطح مملوكاً للسكان ملكية شائعة شيوع إجباري، بحيث لا يمكن أن يقسم بين الملاك، ومن ثم يكون الانتفاع به من حق كافة سكان العقار - وترتيبا على ما تقدم – فإن المالك لشقة في العقار يمتلكها ملكية محددة ومفرزة وله بقدر حصة الشقة في العقار ملكية شائعة مع باقي الملاك، كما أن لمالك الشي الحق في استعماله واستغلاله، ولا يجوز أن يحرم احد من ملكه، وبالتالي فلا يجوز للمالك الأصلي للعقار منع باقي ملاك الشقق من الانتفاع بسطح العقار واستغلاله.
وهل يختلف الحالة إذا منع المالك المستأجرين من الانتفاع بسطح العقار؟
أما عن حالة مستأجر الشقة وليس المالك – يوضح "غنيم" – أنه بموجب عقد الإيجار يلتزم المؤجر أو المالك بتسليم العين المؤجرة وملحقاتها للمستأجر للانتفاع بها، وغنى عن البين أن ووفقا للمستفاد من المواد 432 و566 من القانون المدني أن ملحقات العين المؤجرة هي ذاتها ملحقات العين المبيعة، وبالتالي ما يسرى على البيع يسرى على الإيجار، وبالتالي فمستأجر طابق أو شقة فى العقار له أن ينتفع مع باق ملاك ومستأجري الشقق بسطح العقار، وترتيبا على ما تقدم لا يجوز للمالك المؤجر منع المستأجر من الانتفاع بسطح العقار، وإلا اعتبر ذلك انتقاص قانونيا من حق المستأجر فى الانتفاع بالعين المؤجرة وملحقاتها.
ما هو دور سندات وعقود التمليك والايجار فى تحديد الأحقية فى الانتفاع بسطح العقار؟
وأما عن دور السندات والعقود في الأزمة – يقول الخبير القانوني - في حالة المالك لشقة بالعقار الأصل كما أوضحنا سلفا أن ملكية الشقة أو الطابق بالعقار تشمل الأجزاء المشتركة كسطع العقار، ولكن المتطلع للفقرة 1 من نص المادة 856 مدنى: "........هذا ما لم يوجد في سندات الملك ما يخالفه"، والمستفاد من ذلك أنه قد يحدد سند ملكية مشترى الشقة حصته في الأجزاء المشتركة من العقار كالسطح وخلافه بالتالي فالأصل أن تحدد سندات التمليك الأجزاء الشائعة والمفرزة فى العقار، ويجوز أن يذكر الملاك فى سندات التمليك أجزاء أخرى غير التى ذكرها القانون على أنها أجزاء شائعة، كما يجوز أن يستبعدوا من الشيوع ما ذكر القانون على أنه شائع فالعبرة أولا بسندات الملك ويأتى بعد ذلك ما نص عليه القانون.
وفى حالة العين المؤجرة قدمنا سلفنا أن السطح من ملحقات العين المؤجرة، وطالما أنه لا يوجد حظر بعقد الايجار من استعمال السطح لا يجوز للمؤجر أو المالك منع المستأجر من استغلاله - وغنى عن البيان أن تحديد ملحقات العين المؤجرة لنصوص الاتفاق أي العقد وظروف التعاقد طبيعية الأشياء، والعرف الجاري هي من الأمور التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع اى سلطة تقديرية للقاضي فى تفسير مرمى وحقيقة اتفاق طرفي عقد الإيجار – الكلام لـ"غنيم".
وما الاجراء القانوني الواجب اتخاذه حيال منع المالك الأصلي لملاك الشقق والمستأجرين من الانتفاع بسطح العقار؟
في تلك الحالة لا بد من تحرير محضر اثبات حالة وعمل معاينة تمهيد لرفع دعوى منع تعرض في حالة توافر شروطها بالنسبة للمالك للشقة، وكذلك إنذار من المستأجر للمؤجر بتمكينه من الانتفاع بسطح العقار، ورفع دعوى مستعجلة بذلك، وغنى عن البيان أن إخلال المؤجر بالامتناع عن كل ما هو من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة وملحقاتها آثره حق المستأجر طلب التنفيذ العيني بمنع التعرض أو فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من انتفاعه بالعين.
تطورات جديدة في قانون الايجار القديم
يشار إلى أنه من المتوقع قريباً أن يستكمل المشرع ما ابتدئه من صدور القانون رقم 10 لسنة 2022 الخاص بتعديل قانون الإيجارات القديمة للأشخاص الاعتبارية أن يتفرغ إلى الأمر الأكثر تعقيداً وهو الجانب الخاص بالأشخاص الطبيعية، ولعل من أبرز ما تم مناقشته مؤخراً حول هذه الأزمة داخل أروقة مجلس النواب والتى نتابعها عن كثب مسألة دستورية امتداد عقد الايجار، وذلك فى الوقت الذى يشهد فيه ملف الايجار القديم تطورات جديدة وهامة تحت قبة البرلمان من مناقشات واقتراحات، بعد اعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأى العام.
ويأتى ذلك بهدف إجراء حوار مجتمعى بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، وأيضا بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفى الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعى، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة، حيث تعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التى ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر فى الوقت الذى لا تزال تتوالى ردود الأفعال حول مشروع القانون، الأمر الذى يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف تقره اللجنة المشتركة المرتقبة من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.