الجرائم الجنسية لا تتوقف مهما كانت شدة القوانين الرادعة لذلك، فعندما تتخلى المرأة عن صمتها ينكشف المستور وتظهر تلك الجرائم للسطح، ولكن هناك نوعية من الفضائح يكون صداها عابرا للحدود ومدويا بطريقة غير متوقعة، فعندما يتم اقترافها تحت مظلة منصب سياسى كبير أو حصانة برلمانية فإنها تأخذ منحى آخر، لما بها من استغلال للنفوذ والسطوة السياسية.
وقد تٌطيح تلك الوقائع بحكومات في أكبر العواصم حول العالم أو تقضى على مسيرة حزب سياسى، كما حدث فى العديد من البرلمانات العريقة حول العالم، في مقدمتها البرلمان البريطاني والذى سجل خلال هذا العام عددا لا نهائيا من الفضائح لأعضاء حزب المحافظين عجلت بالاطاحة برئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وقبلها فضيحة فيديوهات الإغتصاب بالبرلمان الإسترالى والتي أجبرت الحكومة على اجراء تعديل وزارى عاجل.
ويعتبر البرلمان السويدى هو الأحدث في قائمة الجرائم الجنسية للسياسيين، حيث نشرت وسائل إعلام سويدية، أن مكتب الأمن الإلكتروني في مقر البرلمان "ريكسداج" يحقق في انتشار صور "إباحية" قام عضو برلماني عن حزب سفاريا ديمقراطنا بتصويرها وإرسالها للنساء النائبات في البرلمان السويدي عبر ماسنجر فيس بوك، حيث لديه قائمة بحسابات النائبات البرلمانية.
وحسب صحيفة أفتونبلادت السويدية، أن النائب كان يستخدم حساب فيس بوك وهميا، كما بدأ حزب "سفاريبا ديمقراطنا"، التحقيق مع النائب البرلماني، بعد إرساله هذه الصور والفيديوهات للنائبات النساء في البرلمان.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه تم تسريب هذا الفيديو والصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي في السويد، وقال المسئول الصحفي في الحزب، إنه إذا قام هذا النائب بإرسال الفيديو بدون طلب مسبق من إحدى النائبات التي قامت بتسريب الفيديو فيجب إبلاغ الشرطة بذلك.
وأشار حزب سفاريا ديمقراطنا "أنهم بدأوا تحقيقاتهم الخاصة فيما يتعلق بقيام النائب بإرسال صور غير مرغوب فيها إلى النساء، وفي كل الأحوال هو سلوك غير لائق للغاية نتعامل معه على محمل الجد، وسنتحدث إلى عضو البرلمان ونكتشف ما حدث".
وبحسب موقع Nyheter idag، يبدو أن الفيديو قد تم تسجيله في مكتب في مقر البرلمان وتم إرساله عبر تطبيق Facebook Messenger.
وأعادت تلك الواقعة الزلزال الذى شهده البرلمان البريطاني خلال الشهور القليلة الماضية، فلم ينحصر الأمر فى واقعة واحدة، بل إن تكرار حوادث الاغتصاب والتحرش المتهم بها نواب بالبرلمان البريطانى وضع علامات استفهام عديدة حول سلوك الساسة فى بريطانيا، وكانت أحد الأسباب التي عجلت بالإطاحة برئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون لتورط أعضاء حزبه فى تلك الوقائع.
وكشفت التحقيقات تورط خمس نواب من حزب المحافظين في فضائح سابقة لسوء السلوك الجنسي مما أدى إلى الضغط على جونسون لتنظيف ثقافة حزبه، ومن بين هؤلاء نيل باريش، الذي شاهد المواد الإباحية في مجلس العموم، وعمران أحمد خان المحكوم عليه بالاعتداء الجنسي على طفل، وديفيد واربورتون، الذي يخضع للتحقيق من قبل هيئة الرقابة بالبرلمان بشأن ثلاث مزاعم تتعلق بسوء السلوك الجنسي تجاه النساء، وهو ما ينفيه.
كما ألقى القبض على النائب المحافظ الذي لم يذكر اسمه الشهر الماضي للاشتباه في ارتكابه جريمة اغتصاب وجرائم جنسية أخرى، في حين أوقف النائب عن حزب المحافظين، روب روبرتس، بعد أن توصل تحقيق مستقل إلى أنه تحرش جنسياً بأحد أعضاء فريق العمل.
ومن بريطانيا إلى استراليا حيث هزت فضيحة جنسية أرجاء البرلمان هناك، بعد ظهور مقاطع مصورة لموظفين وهم يمارسون أفعالاً جنسية داخل البرلمان في مارس 2021، كذلك اتهامات لوزير الدفاع بالإغتصاب.
وأظهر أحد المقاطع المصورة التي انتشرت بوسائل الإعلام الإسترالية المساعد وهو يقوم بفعل جنسي على المقعد المخصص لإحدى النائبات في البرلمان، ووصف رئيس الوزراء سكوت موريسون المقاطع المصورة بأنها "مخزية".
يأتي ذلك بعد أن كشفت موظفة سابقة كيف خافت على فقدان وظيفتها بعد تعرضها لاعتداء جنسي مزعوم، وقالت بريتاني هيغنز أنها اغتصبت من قبل زميل لها أعلى منها في الدرجة الوظيفية داخل أحد المكاتب لكنها تقول إنها شعرت بأنها تتعرض للضغط من أجل عدم تبليغ الشرطة عن الحادث.
وقال رئيس الوزراء ردا على الحادث وقتها إنه "شعر بالصدمة"، وأضاف: "علينا أن نرتب هذا البيت. وعلينا أن ننحي السياسة جانباً فيما يتعلق بهذه الأمور، وعلينا أن نتعرف على هذه المشكلة، ونعترف بها، وعلينا أن نجد حلاً لها."
وبعد أسابيع من الضغط الشعبي المتزايد بهاتين الجريمتين، أجرى رئيس الوزراء الأسترالي تعديلاً حكومياً نزع بموجبه من اثنين من أبرز أعضاء حكومته حقيبتيهما الوزاريتين وخفّض مرتبتهما في السلطة التنفيذية، وقال موريسون إنّه جرّد وزيرة الدفاع ليندا رينولدز والمدّعي العام كريستيان بورتر الذي يشغل منصب كبير المستشارين العدليين للحكومة من حقيبتيهما الوزاريتين، واتُّهم بورتر بأنه اغتصب، حين كان لا يزال طالباً في 1988، زميلة له كان عمرها يومها 16 عاماً وتوفيت في يونيو انتحاراً كما يبدو.
في حين أن رينولدز متّهمة بأنها أساءت التعامل مع تحقيق في واقعة اغتصاب مفترضة ضحيّتها موظفة شابة في مكتبها بالبرلمان وبأنها نعتت الضحية المفترضة بأنّها "بقرة كاذبة".